كشفت دراسة حديثة أن رحلات النقل الجوي في المنطقة العربية تراجعت إلى النصف منذ بداية العام الجاري وذلك قياسا بما كانت عليه قبل عام ما أدى إلى تكبد شركات الطيران خسائر غير مسبوقة.
وتسببت جائحة كورونا في انهيار الطلب على السفر نتيجة إجراءات مشددة لمكافحة انتشار الفايروس، وهذا الأمر جعل الشركات تدخل في دوامة من الركود الإجباري، وهي تحتاج لأشهر وربما سنوات حتى تتعافى.
وذكرت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (إسكوا) في دراسة حديثة أصدرتها بالتعاون مع مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) حول آثار كوفيد – 19 على قطاع النقل في المنطقة أن شركات الطيران في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تكبدت خسائر في الإيرادات بنحو 38 مليار دولار.
وهذا الرقم يعادل 53 في المئة من إيرادات العام الماضي، ولفتت إسكوا في الوقت نفسه إلى أنه لا يُتوقع للسفر الجوي الدولي أن يعود إلى مستويات ما قبل الوباء قبل عام 2023.
وتصب الترجيحات في أن ينخفض العدد الإجمالي لركاب الرحلات الجوية من المنطقة العربية وإليها وداخلها بنهاية العام الجاري ليصل إلى حوالي 154 مليون مسافر، ما يعيد عدد المسافرين إلى مستويات عام 2009.
وحثت الأمينة التنفيذية للإسكوا رولا دشتي حكومات الدول العربية إزاء هذه التغيرات على اعتماد حزم دعم لقطاع النقل الجوي، تشمل الدعم المالي والتخفيضات الضريبية والاستثناء من الرسوم والإعفاءات، ودعم أجور العمال وتدريبهم.
وتعد منظمة الإسكوا إحدى اللجان الإقليمية الخمس التابعة للأمم المتحدة وتعمل على دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة والمستدامة في الدول العربية، وتعزيز التكامل الإقليمي، وتتخذ من العاصمة اللبنانية بيروت مقرا لها.
وأضافت دشتي أنه “على الحكومات تعزيز التعاون الدولي والإقليمي من أجل المضي بتحركات متسقة ومتضافرة للتصدي للجائحة وأثرها على النقل، كتبادل المعلومات والاعتراف المتبادل بالشهادات ووثائق الامتثال وتنسيق إدارة الحدود”.
وتتسق أرقام إسكوا مع توقعات اتحاد النقل الجوي الدولي التي أعلن عنها في الأسابيع الأولى من الإغلاق العالمي، حيث قال إنه يتوقع تراجع حركة النقل الجوي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هذا العام بنسبة 51 في المئة بسبب تأثير فايروس كورونا المستجد.
وتوقّفت تقريبا كافة شركات الطيران الحكومية أو الخاصة عن الطيران في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مع فرض دول المنطقة إجراءات صارمة لوقف تفشي الفايروس، بما في ذلك وقف الطيران.
وفي المقابل، واصلت بعض شركات الطيران الإقليمية تشغيل عدد محدود من الرحلات مثل طيران الإمارات والاتحاد للطيران والخطوط الجوية القطرية.
وأكّد اتحاد النقل الجوي الدولي في أبريل الماضي أنّ توقف حركة الطيران يهدد 1.2 مليون وظيفة في القطاع والقطاعات المرتبطة به في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أي نصف الوظائف في مجال الطيران، بالمقارنة مع 900 ألف في التوقعات السابقة قبل ثلاثة أسابيع.
كما توقّعت المنظمة الدولية للطيران تراجع مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي بمبلغ يصل إلى حوالي 66 مليار دولار هذا العام.
وقال نائب رئيس الاتحاد الدولي للنقل الجوي لمنطقة أفريقيا والشرق الأوسط محمد البكري، في يوليو الماضي، إنه “جراء تضرر القطاع بتفشي كورونا، فإن معدل خسارة كل شركة طيران عربية يبلغ 37 دولارا عن كل مسافر مقارنة بأربعة دولارات العام الماضي”.
وكانت توقعات البكري متشائمة في ذلك الوقت بشأن تعافي القطاع قياسا بتوقعات لجنة إسكوا، حيث رأى أن قطاع النقل الجوي العربي لن يتعافى إلا في عام 2024 بسبب البطء الشديد الذي ينتاب نمو الطلب العالمي على السفر.
ومع الضبابية التي تترافق مع الموجة الثانية للوباء، يبدو أن شركات الطيران في سباق مع الزمن لتفادي ما هو أسوأ في حال طال أمد الاضطرابات في رحلات النقل الجوي.