من المتوقع ان تشهد منصة صيرفة تطوراً جديداً في آلية عملها يتمثل في تشدد من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وعلى بعد أسبوعين من نهاية ولايته، يقضي بأن تكون الاستفادة من المنصة لصاحب حساب مصرفي واحد وفي مصرف واحد مهما تعدّدت حساباته المصرفية. هذا الاجراء يصفه المتابعون بأنه «انقلاب في منصة صيرفة» وتغيير في قواعد اللعبة التي قبلها الحاكم منذ تأسيسها. والهدف تخفيف عدد المنتفعين وكمية التداول، فهل يمكن أن يتحقق ذلك؟ ووفقاً لأي آلية وماذا ستكون ردة فعل المضاربين الذين حاولوا التمرد على الحاكم في بداية العام الحالي وأوصلوا دولار السوق السوداء الى حدود 140 ألف ليرة للدولار الواحد؟
قصّة كبيرة!
يوضح الخبير المصرفي الدكتور غسان شماس لـ»نداء الوطن»، أنه «لم يصدر بعد تعميم رسمي من «المركزي» حول هذا التوجه، وفي حال صدر فهو «قصة كبيرة» لجهة كيفية ضمان تطبيقه، وما هي الآلية التي ستتّبع؟»، لافتاً الى أن «المودع يمكن ان يتقدم للاستفادة من المنصة في أكثر من مصرف دون ان يتم كشف ذلك، خصوصاً ان المصارف لا تتبادل المعلومات عن عمليات صيرفة، عندها سيكون على مصرف لبنان القيام بعملية التحقق او المتابعة للحسابات، وهذا أمر غير سهل لأن هناك 30 مصرفاً يُسمح لها بإجراء عمليات صيرفة ونحو 1500 فرع لها تستقبل المودعين!».
يضيف: «في حال يريد «المركزي» فرض هذا الاجراء وهذا حقه، لكن يجب إعلامنا عن الآلية لتطبيقه ليمنع المودعين والشركات الذين يملكون اكثر من حساب للاستفادة منها سوياً، خصوصاً ان هذا الاجراء يتطلب وقتاً لاتمامه، عندها يكون المودع قد تقدم بطلبه لصيرفة واستفاد من الخدمة، والسؤال الآخر الذي يطرح هو: بعد ان يتم اكتشاف استفادته في اكثر من حساب، ما هو الاجراء الذي سيُتخذ بحقه؟ باختصار تطبيق هذا القرار ليس منطقياً».
يعتبر شماس أنه «في حال تم اصدار تعميم وآلية تنفيذه، فهذا يعني انهم يريدون الحد من عمليات صيرفة ومن تدفق الدولارات في السوق، اي المحاولة لعدم استخدام الدولارات الآتية من الموسم السياحي في السوق. وهذا ما قد ينعكس زيادة في سعر دولار السوق السوداء ولكن بنسبة قليلة، وبالتالي محاولة لحماية احتياطي المركزي».
ويختم: «سيشكل هذا الاجراء ضغطاً اضافياً على سعر دولار السوق السوداء، ولكن بسبب الموسم السياحي ودخول دولارات من الموسم (نحو 7 مليارات دولار)، الارتفاع سيكون طفيفاً، والامر سيكون مختلفاً لو لم نكن في فصل الصيف حيث عدد المغتربين الآتين الى لبنان أكبر».
مؤشر لإستلام منصوري
يشرح الخبير الاقتصادي ميشال قزح لـ»نداء الوطن» أن «القرار المرتقب هو مؤشر لانتقال الحاكمية من سلامة الى نائبه وسيم منصوري، لأن نواب الحاكم الاربعة غير موافقين على صيغة صيرفة الحالية ويعتبرونها هدراً لأموال المودعين».
يضيف: «بالمنطق لا لزوم لوجود صيرفة، بل يجب أن تكون هناك منصة من خلال بورصة بيروت تعطي اسعار الصرف بطريقة شفافة وتبعاً لحركة العرض والطلب، ويتدخل «المركزي» في لجم سعر الصرف في حال حصول مضاربات»، معتبراً أن «صيرفة بشكلها الحالي هي منصة لتبييض الاموال والمضاربة، لذلك يعتبر نواب الحاكم ان هذا الأداء يهدر اموال المودعين ويستفيد منها نافذون ومصرفيون وسياسيون، وفي حال قرروا إبقاءها يجب ان تُحصر عملياتها للشركات التي تستورد النفط والمواد الغذائية والأدوية، وان تكون من دون دولار نقدي، بل لاستبدال الليرة اللبنانية بدولار للتحويل، أما الفائض عن هذه الشركات فيتم تحويله الى شركات اخرى».
يتوقّع قزح أن «يرتفع دولار السوق السوداء في الفترة الاولى من صدور هذا التعميم، لكن التخلي عن صيرفة سيتم بشكل تدريجي حتى يتمكن السوق من اعادة ترتيب نفسه، خصوصاً أنه في السوق اللبناني هناك حوالى 112 تريليون ليرة. ونظرياً هذا الحجم من الليرات يساوي 1.2 مليار دولار، ومصرف لبنان يتحكم بسعر الصرف في حال حصلت مضاربة»، مشيراً الى أنه «معروف عن نائب الحاكم الاول ونواب الحاكم الآخرين بأنهم يتمتعون بسمعة طيبة ولن يقبلوا بارتكاب اخطاء تسيء الى سمعتهم الشخصية والمهنية، ولذلك سيتم التخلي عن صيرفة بشكل تدريجي».
يرى قزح أن «لا مشكلة في تحرك سعر الصرف، فهذا الامر يتم في دول مثل مصر وتركيا، لكنهم في الوقت نفسه يتخذون الاجراءات التي تمنع خروج العملة الصعبة الى الخارج، وهذا الخروج يحصل في لبنان، فالحكومة غافلة تماماً عن هذا الموضوع، وهناك مليارا دولار تخرج من لبنان للعمالة الاجنبية مثلاً وهناك مبالغ أخرى غير مرصودة».
ويختم: «هناك اجراءات يمكن ان تتخذ لتخفيف الاستيراد، وهذا امر لم يحصل بعد وخصوصاً على الكماليات والسيارات الفارهة والباهظة الثمن التي نراها في شوارع بيروت».