ضو: خروجنا من الأزمة من دون صندوق النقد… تخريف!

الخطة الأخيرة التي طرحها نائب رئيس حكومة تصريف الأعمال سعادة الشامي بالتعاون مع مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف وكيفية التوفيق بين الأموال المشروعة وغير المشروعة والموازنة والطعون التي قُدّمت ضدها وغيرها من المواضيع التي أثارت ضجّة خلال الفترة القليلة الماضية، كانت مدار حوار مع النائب مارك ضوّ خلال زيارته التضامنية مع «نداء الوطن» التي أوقفت طبعتها الورقية. وفي ما يلي نصّ الحوار:

– أين أصبحت الخطة الإقتصادية التي شارك سعادة الشامي في إعدادها وجمعت ثلاثة قوانين (إعادة هيكلة المصارف والـ»كابيتال كونترول» والتوازن المالي) وأنيط بمصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف أيضاً المشاركة في إعدادها؟

خطة الحكومة لا تزال في العناية الفائقة، علماً أنه من واجب حاكم مصرف لبنان ونوابه التحضير لها وللمعطيات التي تبنى عليها. البلد يتخبّط بأزمة منذ 4 سنوات، ونجيب ميقاتي يرأس مجلس الوزراء منذ 3 سنوات ولم يستطع إعداد خطة اقتصادية في حين أن سلفه حسّان دياب أعدّ خطّة خلال فترة اشهر، أقرت وقتها وتم قصفها في ما بعد، إلا أن تقريري شركتي «ألفاريز اند مارسال» و»أوليفير وايمن» بيّنا في ما بعد دقّة الأرقام التي وردت في تلك الخطة.

النقطة الإيجابية في الخطة الجديدة التي تم اقتراحها من مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف وبالتعاون مع سعادة الشامي ضمن إطار الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، قوامها برأيي أنها دمجت قوانين إعادة هيكلة المصارف والـ»كابيتال كونترول» والتوازن المالي أي توزيع الخسائر، فبات لدينا قانون واحد شامل، يتمّ التصويت عليه لمرة واحدة فقط.

إن حجم الأزمة كبير في لبنان، لمن يبدو ان رئيس الحكومة غير معني، علماً ان واجب الحكومة تقديم خطة إقتصادية الى المجلس النيابي تحظى بتوافق الجميع، لذا أرى أنه يجب أن يكون هناك قدرة تشريعية للحكومة من المجلس النيابي، ولكن لا يستطيع النواب إتخاذ قرارات بهذا الشأن والتصويت على خطة في ظل الضغط الشعبي عليهم، علماً أن معظم النواب يسخّرون أعمالهم للخدمات والمتابعات.

اذاً الحلّ السريع اليوم هو في منح الحكومة صلاحيات تشريعية باعتبار أن ميقاتي عاجز عن الإلتزام بهذا الملفّ. فالخطة الأخيرة المطروحة تضمّنت مهلاً لإعادة أموال المودعين، فتوضّحت آلية ردّ الودائع بصورة أكبر وشهدت الآلية تقدّماً ملموساً.

– ما رأيك بمحاولة زجّ الدولة بتحمّل مسؤولية ردّ الودائع؟

يعتبر بعض النواب أنه بإمكاننا أن نجد حلاً لأزمتنا الإقتصادية من دون صندوق النقد الدولي، وهذا برأيي «تخريف» ومراهنة على حقوق الناس، ومن لديه هذه القناعة فليقدّم خطّته، هناك ثلاث خطط قدّمت من الحكومات منذ العام 2019 وأقرّت واحدة منها هي خطة «لازارد» فقط ثم نسفت.

– وماذا عن فكرة ردّ الودائع من خلال صندوق أصول الدولة؟

تنطلق فكرة هذا الصندوق من بُعد واحد وهو: هناك ودائع ليس لدينا سيولة لردّها فماذا نفعل؟ ننشئ صندوقا!. برأيي يجب تأسيس صندوق إستثماري، لا يحمّل الدين الى الدولة البالغ 16,5 مليار دولار الذي يدعي مصرف لبنان انه دين على الدولة. والحاكم بالإنابة الحالي وسيم منصوري لا يستطيع رمي كرة النار في حضن الدولة، فلا يمكن لأحد أن يسجّل التزامات على الدولة من دون قانون، ففروقات الصرف على مدى 30 سنة لم تتمّ فوترتها كي يتم تحميلها الى الدولة.

الخسائر الكبيرة موجودة في مصرف لبنان وهي 60 مليار دولار، والتي لا يمكن للدولة اللبنانية تمويلها بزعم أنها تملك مصرف لبنان علماً ان إدارته ليست من مسؤوليتها. هناك استقلالية لمصرف لبنان وهذه الخسائر مسجلة لديه وعلاقته هو والمصارف فيها وهم المسؤولون بالدرجة الأولى والمصارف مسؤولة عن توزيع أموال المودعين من خلال توزيع الإستثمارات بأماكن مختلفة.

– لماذا هناك تأخير في تحديد قيمة موجودات المصارف التي يتردّد تارة انها 6 مليارات دولار وطوراً 17 مليار دولار بما في ذلك المحفظة العقارية والإستثمارية؟

هذا التأخير ليس سوى مسألة شراء للوقت. فكل ما مرّ الزمن على عملية تحديد قيمة الأصول كل ما تحصل عملية إسقاط بمرور الزمن، ويمرّ الوقت على قيمتها والبيوعات التي حصلت من قبل المصارف التي أقفلت فروعاً لها وباعت عقارات أو أملاكاً في الخارج أو نقلت إستثماراتها الى شركات وهمية أخرى.

ولا بدّ من اعتماد قانون من أين لك هذا؟ والقوانين المتعلقة بتبييض الأموال والعودة الى السنوات السابقة بغض النظر عن التاريخ، ومعرفة أقله خلال 5 سنوات قيمة التحاويل الإستنسابية التي حصلت الى الخارج والعقارات التي تمّ بيعها بأسعار بخسة من خلال شيكات وتسديد القروض وفق سعر صرف بقيمة 1500 ليرة لبنانية.

فمرور الزمن يؤثّر تلقائياً أيضاً على قدرتنا على إعادة فرض بعض الضرائب وتعويض الخسائر التي حصلت لصالح الدولة أو لصالح الناس.

– تُشن حملة عليك وعلى «كلّنا إرادة» وسعادة الشامي بادعاء أنكم تسعون لشطب الودائع، ماذا تردّ على تلك الحملة؟

هناك من سرق الودائع، لذلك هي غير موجودة اليوم، ويدور الحديث حالياً عن إعادة تكوينها لإعادتها لأصحابها. خطة «لازارد» سمحت بردّ الودائع لأصحاب الحسابات التي تصل الى 500 ألف دولار، وفي زمن خطّة حكومة ميقاتي يتمّ الحديث عن ردّ ودائع لغاية 100 ألف دولار، من وقتها الى اليوم، نسأل: من عطّل الخطة وسرق حق الناس بـ 400 ألف دولار بالحدّ الأدنى؟ واذا تابعنا المسار نفسه ستزيد السرقات.

فمن لديه اعتراض الى هذا الحدّ على شطب الودائع ويدافع عنها وقدسيتها كان يترتب عليه أن يعترض على التعاميم التي أصدرها مصرف لبنان مثل التعميم151 و 158 و166… كل تعاميم مصرف لبنان اعتمدت إقتطاعاً فعلياً من قيمة الأموال وسهّلت عملية بيع الشيكات. فكان بإمكان رياض سلامة أن يمنع تسديد القروض المترتبة على الأفراد لغاية ايجاد حلّ، مع وقف تراكم الفوائد.

الواقعة وقعت اليوم ولا يمكن الرجوع الى الوراء، الوهم أننا نريد ان نرد كل الودائع وإقامة صندوق لاستعادتها كالإقتراح الذي قدّمه التيار الوطني الحرّ ويقوم على الإستحصال على الأموال التي تتأتى من كل مؤسسات الدولة ونقتطع ثلث الربح ونضعه في الصندوق. كأننا نقول للمودعين سنعيدها خلال فترة 30 أو 40 أو 50 سنة.

في ظل هذا الواقع أقترح في ظلّ حتمية وقوع الخسارة، التعويض على المودع بالإعفاء من الضرائب على نسب من الضريبة. فبدل تسديد الضريبة بنسبة 100% يسدّد المكلّف وهو مودع متضرّر نسبة 80% من دون أن يؤثر ذلك على مداخيل الدولة، الأمر الذي سيدفعه الى الإستثمار والعمل والتصريح عن متوجباته فنحذف جزءاً من المسؤولية لأن الدولة غير قادرة على تحمّل الأعباء بمفردها.

– كيف سيتمّ التوفيق بين الأموال المشروعة وغير المشروعة؟

قيمة الأموال غير الشرعية كبيرة وهي تعود الى تجارة الكبتاغون وتبييض الأموال والتهرب الضريبي من أميركا وأستراليا وفرنسا، وهي موجودة في لبنان ولا يمكن المطالبة بها، وتلك الأموال غير المشروعة ستخّفض من حجم الفجوة.

-هل ستبقى الموازنة بصفر عجز مع التعويضات المطالب بها للجنوب؟

اذا احتاجت الحكومة الى المال، عندها تغير سعر صرف الدولار أمام الليرة وتعدّله من خلال مصرف لبنان من 89500 ليرة الى 100 ألف ليرة فتزيد المداخيل بنسبة 12% بكبسة زرّ.

في وضع اقتصادي صعب وتهرّب ضريبي هائل، إن تكبير الصحن الضريبي يحتاج الى زيادة خدمات الدولة. وأتوقّع أن تكون مداخيل الدولة أقلّ من المتوقّع، لأنه سيتفاقم الضغط على المقتدر على التسديد وتوسيع رقعة التهرّب الضريبي.

– في ختام جلسة الموازنة، شهدنا حفلة شعبوية بالكامل، ماذا حصل؟

تناول النائب وائل أبو فاعور المادة 78 لإعادة تقييم مخزون الشركات، إلا أن من قام بعمليات صيرفة اشترى دولارات ثم باعها، هذا الفعل ينطبق عليه قانون الإثراء غير المشروع. فتمّ التصويت على ذلك وتغير النص بعد الجلسة وتمّ تصحيحه في مجلس الوزراء.

وفي السياق، أعمل على اقتراح قانون لمن استفاد من «صيرفة» ومن «الدعم»، اقتراح مدروس بشكل افضل يقوم على فرض غرامات على الأرباح، واذا ارتكب الفرد مخالفات ندخل في خانة الإثراء غير المشروع. وكان قد صدر في العام 2021 تعميم يتعلق بالتدقيق بكل الشركات التي «تعاطت» بالدعم، وبالتالي بالموجود يمكن تحديد قيمة المبالغ التي يمكن استردادها.

– ما رأيك بالدعاوى التي تقدمت بها القاضية غادة عون على حاكم مصرف لبنان؟

يجب التأكيد على اداء القاضية غادة عون. فدعوى شركة «أوبتيموم» التي فيها شبهات عمولات 8 مليارات دولار تدرج ضمن خانة الدعاوى، لكن مصرف لبنان «مقصّر» في كيفية استرداد أموال هي ملك للشعب اللبناني.

فواجب مصرف لبنان الإدعاء على سلامة، وهناك تحقيقات مفتوحة. وكنا ممن قدم إخبارات في سويسرا وحققت نتيجة في ما يتعلق بكشف عمليات رياض سلامة. وبرأيي إن مسار المتابعة مع القضاء الأوروبي لم ينته وسيخلق تفاعلاً كبيراً وسنرى من يترتب عليه الدخول الى السجن. وبالنسبة الى الحاكم بالإنابة وسيم منصوري فهو لم يسلّم القاضية عون كامل ملف «أوبتيموم».

مصدرنداء الوطن - باتريسيا جلاد
المادة السابقة«إسكوا»: اقتصاد لبنان انكمش 3% في 2023
المقالة القادمةآخر مستجدات التعميم 166… ما هي؟