لنُهمل كل المواعيد التي ضربها وزير الاتصالات المستقيل طلال حواط لاسترداد إدارة قطاع الخلوي من الشركتين المشغّلتين “زين” و”أوراسكوم”، ولنتجاوز كل الاجراءات التي اتخذت في هذا الصدد أو كانت قيد التنفيذ… ثمة خلاصة جلية إلى الآن: طارت الحكومة ومعها حواط، وصمدت “زين” و”أوراسكوم”! مضى أكثر من شهرين على اعلان وزير الاتصالات أسماء المرشحين لتولي مجلسي الإدارة الجديدين المفترض أن يديرا القطاع باسم الدولة اللبنانية، بعد تسلمه من الشركتين المشغلتين وتوجيهه كتباً رسمية إلى “زين” و”أوراسكوم” يبلغهما فيها انطلاق عملية التسليم والتسلم، وحدد أكثر من موعد لجمعيات عمومية كان ينتظر أن تعقد لتسليم المجلسين الجديدين، إلا أنّ هذه الجمعيات لم تعقد، ولم تتخل الشركتان عن عقديهما رغم صدور قرار واضح عن مجلس الوزراء يقضي بالاسترداد.
في الوقائع، بيّنت تجربة الأشهر الأخيرة من الأخذ والردّ، أنّ العلاقة العقدية مع الشركتين أشبه بمثلث برمودا، الداخل إليها مفقود والخارج منها مولود، كما بيّنت أنّ منظومة الفساد أشبه بمتاهة الدهاليز التي تقود إلى مزيد من الخبايا والتنفيعات التي تجمع أضداداً وخصوماً ولا تبخل على أصدقاء أو حلفاء…
ولهذا ترنّح قرار الاسترداد وجوبه بالكثير من العراقيل، من جانب الحلفاء قبل الخصوم، فكانت “زين” و”أوراسكوم” المستفيدتين من المماطلة الحاصلة، تارة تحت عنوان التدقيق الحسابي وطوراً تحت عنوان المطالبة بتبرئة ذمة الشركتين، ولو أنّ التجارب السابقة أثبتت أنه من غير الضروري ربط الانتقال بتبرئة الذمة خصوصاً وأنّ اتهامات الفساد تلاحق الشركتين، باعتراف كل القوى السياسية.
ولهذا مثلاً جرت الاستعانة بالوزير السابق ناجي البستاني من خلال ضمّه إلى اللجنة التي شكلها وزير الاتصالات والتي أوكلت اليها مهمة اتخاذ كل الاجراءات الادارية اللازمة في الفترة الانتقالية لاستلام قطاع الخلوي. أما الغاية فهي فكفكة الألغام القانونية التي تختبئ خلفها الشركتان لتأجيل استحقاق التسليم.
أول تلك الألغام، هو مستحقات الموظفين من الشركتين في ضوء دعاوى قضائية عالقة بين الفريقين وسبق لنقابة الموظفين أن ناشدت “عدم السماح بابراء ذمة الشركات المشغلة قبل الإيفاء بكامل التزاماتها وتعهداتها تجاه الموظفين خاصة والدولة بشكل عام، ومصلحة الدولة اللبنانية والمواطنين اللبنانيين فوق كل اعتبار”. وقد تمكن البستاني من سحب هذا الفتيل حيث أعلنت النقابة أمس “انه بالنظر الى الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد على كل الصعد، وتنفيذاً لقرار مجلس الوزراء الصادر بتاريخ 5/5/2020 القاضي باستلام وزارة الاتصالات الإدارة من الشركات المشغلة الحالية، ارتأت النقابة ومراعاة للظرف الاستثنائي الذي يمر به الوطن إبلاغ محامي الوزارة عدم اعتراضها على عملية التسليم والتسلم بين الشركات والوزارة بما فيها إنتقال الموظفين الى MIC1-MIC2 بنفس الشروط والأحكام القائمة إضافة إلى ما تم عرضه في لقاء الأشرفية (مدرسة القلبين الاقدسين) بتاريخ 20/7/2020”. وهذا يعني أنّ عقود الموظفين ستنتقل من “ألفا” و”تاتش” اللتين كانت تديرهما “أوراسكوم” و”زين” إلى “ميك1” و”ميك2″، تمهيداً لانتهاء عملية التسليم والتسلم الجارية على قدم وساق. أقله هكذا يجزم المطلعون على الملف من جانب وزير الاتصالات.
يقول هؤلاء، إنها الفرصة الأخيرة لانجاز هذا الأمر قبل تأليف حكومة جديدة، وبالتالي إنّ المهلة الزمنية باتت قصيرة جداً لحصول هذا الانتقال خصوصاً في ضوء ما يتسرب عن عملية تكليف وتأليف حكومية سريعة، لا سيما وأنّ عملية تدقيق الحسابات الجارية في الشركتين والتي كانت تقف عائقاً أمام اتمام مجريات الانتقال، يفترض أن تنهي خلال الأيام القليلة المقبلة، لكي تُمنح الشركتان تبرئة ذمة، رغم الاعتراض الذي تثيره هذه الخطوة.
ورغم ذلك، دعت شركة “زين” الى عقد جمعية عمومية عادية ستعقد بصورة استثنائية يوم الجمعة المقبل في 14 الجاري، وعلى جدول أعمالها:
– تمديد ولاية مجلس الادارة لغاية 25 آب ضمناً.
– الترخيص لمجلس الادارة بما يراه لازماً بأن تسدد الشركة الى الموردين مستحقاتهم المالية.
– الترخيص لمجلس الادارة بأن تسدد الشركة رواتب وأجور أجرائها عن شهري آب وأيلول.
– الترخيص لمجلس الادارة بأن تحول الشركة الى الخزينة صافي الايرادات الموجودة لديها.