وصلت طرابلس ومناطق الشمال إلى أصعب المراحل من حياتها؛ إنها مرحلة الإختناق، المولدات توقفت عن العمل بالكامل والوضع العام يمكن أن يطلق عليه صفة “مقطوع”. بنزين مقطوع، مازوت مقطوع، كهرباء وأدوية مقطوعة، بات لبنان بلداً مقطوعاً من شجرة، وطرابلس وعكار ومناطق الشمال تبدو وكأنها هي الأخرى مقطوعة عن لبنان بالكامل. وفي ظل هذه المعطيات، ستكون عكار وطرابلس والضنية والمنية على موعد مع العتمة الشاملة، ما خلا ساعات تغذية قليلة جداً عبر الدولة هي أقل من أصابع اليد الواحدة، وستتبعها باقي المناطق الشمالية، في الكورة وزغرتا في الإطفاء بعدما تبعتها في التقنين.
مرور صهاريج المازوت باتجاه عكار عبر طرابلس ثم المنية، تحوّل هدفاً لشبان يقطعون الطرقات أمامها عند أكثر من نقطة، بحجة الثورة من جهة أو بحجة عدم وجود مازوت في هذه المنطقة أو تلك كما كان الأمر في بداية الأزمة، فيسطون على هذه الصهاريج أو يفرغون جزءاً من حمولتها في مناطقهم. ومع تكرار هذه الأعمال، تتخوف الشركات من إرسال صهاريجها إلى عكار، وبعضها عقد مع هؤلاء الأشخاص اتفاقيات يتم بموجبها تمرير بعض الأموال إليهم مقابل السماح للصهاريج بالتجوال.
أكثر من اجتماع عقدته فاعليات المنطقة السياسية والدينية لا سيما في دائرة الأوقاف الإسلامية في عكار بخصوص موضوع المازوت تم في ختامها تشكيل لجان، واللجان مقبرة المشاريع. واستمرّ مسلسل قطع الطرقات في الشمال لا سيما عند نقطة الأكومي – البداوي الحيوية، والتي تقطع شريان الحياة عن عكار والمنية بالكامل، فيما تعاني المنطقة من الحرائق ومن انقطاع المازوت والأدوية وغيرها، ووصف أهالي عكار ما يحصل بمثابة امعان في خنق المنطقة وأهلها في وقت تقف الدولة عاجزة أو أنها تتفرّج على الأمر ولا يعنيها ما يجري.