منحت الاضطرابات الاقتصادية التي يعيشها العالم حافزا كبيرا للشركات والأفراد للمضي في اعتماد تجربة الدفع الإلكتروني في المعاملات التجارية وخاصة في قطاع البيع بالتجزئة بعدما حققت قفزة ملحوظة خلال العامين الماضيين.
واعتبرت منظمة التجارة العالمية أن قرار خفض توقعاتها لنمو التجارة العالمية بالنسبة إلى السلع يتماشى مع التشاؤم السائد، لكن وسط ذلك هناك نقطة مضيئة، وهي التجارة الرقمية والخدمات التي تقدّم بطريقة رقمية.
وخفضت المنظمة في آخر تقرير لها نشرته في وقت سابق من الشهر الجاري توقعاتها لنمو حركة التجارة العالمية من 1.7 في المئة إلى 0.8 في المئة.
وقالت المديرة العامة للمنظمة نغوزي أوكونغو إيويالا في ندوة اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين في مراكش بالمغرب إنه “تخفيض دراماتيكي، يتماشى مع التشاؤم السائد والمستحدث”، في إشارة إلى تخفيض صندوق النقد توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي إلى 2.9 في المئة.
ورأت إيويالا، المنحدرة من نيجيريا في القارة الأفريقية التي شكت مرارا من التهميش وغياب التنمية اللازمة لتمكينها من أخذ دور في سلاسل إمداد التجارة والصناعة في العالم، أن التجارة الرقمية التي تعتبر التجارة الإلكترونية جزءا منها، نقطة مضيئة في بحر التشاؤم الاقتصادي.
وأكدت أن هذه التجارة والخدمات التي تقدّم بطريقة رقمية تحقق نموا يصل إلى 8 في المئة سنوياً.
وتعرّف منظمة التجارة ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التجارة الرقمية بأنها “كل تجارة يتم طلبها بصورة رقمية، و/أو إيصالها بصورة رقمية”.
وبموجب هذا التعريف فإن التجارة التي يتم إيصالها بصورة رقمية هي “تسليم المعاملات الدولية عن بعد بتنسيق إلكتروني وباستخدام شبكات الكمبيوتر”.
في المقابل فإن التجارة التي يتم طلبها بصورة رقمية هي عملية “البيع أو الشراء الدولي لسلعة أو خدمة، التي تتم عبر شبكات الكمبيوتر بطرق مصممة خصيصاً لغرض تلقي أو تقديم أوامر”.
وبينت إيويالا أن قيمة تجارة السلع عالمياً تصل إلى 25 تريليون دولار، في حين أن قيمة الخدمات 12 تريليون دولار، بينها ما يصل إلى 5 تريليونات دولار عبارة عن خدمات مقدمة رقمياً.
ويعاني العالم من عدم مساواة واضحة فيما يتعلق بالتجارة الرقمية. فوفقا لتقرير منظمة التعاون الاقتصادي لعام 2021 فإن أكثر من نصف السكان في البلدان مرتفعة الدخل تسوّقوا عبر الإنترنت عام 2019، مقارنة باثنين في المئة فقط في البلدان منخفضة الدخل.
وأشار التقرير إلى أن البلدان الأقل رقمنة في وضع غير مناسب للاستفادة من التجارة الإلكترونية، كما أنها أقل قدرة على الاستفادة من مرونة التجارة الرقمية تجاه الصدمات، كالوباء، وبالتالي قد تشهد انخفاضات أكثر حدة في عائدات التصدير والنمو الاقتصادي.
ولفتت نغوزي إلى موضوع عدم المساواة، داعية إلى إعادة صياغة نمط العولمة التجارية لضم البلدان النامية التي تُركت جانباً خصوصاً في أفريقيا.
وجلبت التجارة العالمية إلى العالم الكثير من المنافع، وفقا لمديرة منظمة التجارة، إذ ساهمت في انتشال نسبة كبيرة من الأشخاص من براثن الفقر.
وقالت “لا يجب رمي ما حققناه في الماضي فقط، بل يجب أن نحسّنه ولذلك تحدثتُ عن إعادة صياغة العولمة، والتخلي عن الحمائية ووضع الحواجز، والتمسك بالانسياب الحر للتجارة، إذا أردنا للاقتصادات أن تتقدم”.
ولفتت إلى أن أفريقيا رغم امتلاكها وفرةً من الموارد الطبيعية والبشرية فإن حجم مشاركتها في التجارة العالمية لا يتجاوز 3 في المئة.
ودعت إيويالا بلدان القارة إلى استغلال مواردها والطاقة الشبابية الهائلة لديها، لرفع الإنتاجية والحد من الهجرة غير الشرعية.
وثمة عوائق أمام دول أفريقيا تجب إزاحتها لتتمكن من رفع حصتها في التجارة العالمية، كما أن أغلبها تحتاج إلى مساعدة للتخلص من الديون الخارجية لتتمكن من التركيز على الصحة والتعليم.
وأكدت إيويالا أن على دول القارة رفع قيمة منتجاتها وإزالة الحواجز لممارسة التجارة البينية بشكل أفضل.