التقت «كلّنا إرادة» بوفد صندوق النقد الدولي الذي يزور لبنان كجزء من مهمّة المادة الرابعة التي تقضي بإجراء مناقشات ثنائية سنوية مع البلدان الأعضاء من أجل جمع المعلومات الاقتصادية والمالية اللازمة.
جرى التطرّق أيضاً في اللقاء إلى مصير الالتزامات التي تعهّدت بها الحكومة اللبنانية بموجب الاتفاقية على مستوى الموظّفين المُبرمة مع صندوق النقد منذ نحو عامٍ في 7 نيسان 2022. وأعادت «كلّنا إرادة» في خلال اللقاء التذكير بالمسارات التي تحكم الأزمة في لبنان:
1- عدم جدّية الطبقة الحاكمة في التوصّل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، واستخدام المفاوضات معه كوسيلة لكسب الوقت، في حين تسهب في تنفيذ خطّة ظلّ. تسعى الطبقة الحاكمة إلى تقويض أي خطوة لتنفيذ الإصلاحات، وهي تتبع جميع أساليب المُماطلة لإبقاء التزاماتها مجرّد حبرٍ على ورق، ممّا يؤشّر إلى عدم وجود نيّة حقيقية للإصلاح وتسهيل تنفيذ برنامج الصندوق المُمدّد لمدة أربع سنوات. وبدلاً من ذلك، تقوم بتنفيذ خطّة ظل تقضي بليلرة الودائع، وتحميل المجتمع الخسائر المُحقّقة في النظام المصرفي، فضلاً عن فرض المزيد من الإجراءات التقشفيّة على الفئات الأضعف ممّا يؤثّر أيضاً على آفاق التعافي في لبنان وعلى شكل المجتمع فيه. بالنتيجة، لا تزال خسائر القطاع المالي تتراكم ممّا يفرز نتائج مدمِّرة للمجتمع والاقتصاد، يرافقها تفكّك كامل لمؤسّسات الدولة.
2- محاولات السلطات اللبنانية المستميتة للتفلّت من أي مساءلة، في حين أن المحاسبة تُعدُّ ركيزة أساسية لأي حلّ وحاجة لإنهاء نهج العفو المُسيطر على الحياة السياسية منذ ثلاثة عقود.
تنطلق المحاسبة الفعلية من تكريس مبدأ استقلالية القضاء وتعزيز دوره في إرساء العدالة الفعلية.
– رفع السرية المصرفية وكشف هويات أصحاب الحسابات المصرفية كمفتاح لكشف الجرائم المالية وغير المالية.
– تغيير القيادة والحوكمة في المصرف المركزي لأن إعادة هيكلة السياسات النقدية والقطاع المصرفي لا يمكن أن تتمّ في ظل الادارة نفسها بل تتطلّب استقلالية عن النهج السابق.
– تحميل أعضاء مجالس الإدارات المصرفية وكبار المديرين التنفيذيين والمدقِّقين المسؤولية في انتظار نتائج التحقيق.
– إجراء تدقيق محاسبي وجنائي في النظام المصرفي اللبناني، وكشف الترابط والعمليات الحاصلة بين مصرف لبنان والمصارف.
3- إعادة هيكلة القطاع المصرفي لمعالجة الفجوة المصرفية بهدف إحياء هذا القطاع وتعزيز قدرة المصرف المركزي على أداء وظائفه إنّما وفق الأسس الآتية:
– التمييز بين الودائع المؤهلة وغير المؤهلة في أي عملية تعويض ربطاً بمصادر هذه الأموال، أي إذا كانت أموالاً نظيفة أو أموالاً غير مشروعة.
– حماية الودائع التي تقل عن 100 ألف دولار أميركي بعد إجراء عمليات تدقيق شفّافة وسريعة في أصول المصارف وقيمتها الفعلية.
– عدم تجاوز مساهمة المال العام في عملية إعادة هيكلة القطاع المصرفي سقف إعادة رسملة المصرف المركزي بما يتماشى مع القدرة المالية للموازنة العامة.
– عدم المساس بأصول الدولة والأملاك العامّة لإنقاذ النظام المصرفي.
4- معالجة أساس الخلل الاقتصادي الناجم عن الفساد وعدم فعالية الإدارة العامة والتخمة والوظائف السياسية في الإدارة بالإضافة الى التهريب وعدم ضبط الحدود البرية والفلتان في المرافق العامة والتهرب الضرائبي وغياب السياسات الاقتصادية لصالح النافذين والمحتكرين المحميين من الطبقة السياسية.
الأزمة الاقتصادية هي جزء من الأزمة السياسية في النهاية، وتتفاقم حدّتها بنتيجتها، وبالتالي هناك حاجة لحكومة لديها نيّة إصلاحية حقيقية وملتزمة بها، وهو ما يتطلّب انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة مع برنامج إصلاحي لوقف تدحرج الأزمة نحو مكامن أكثر خطورة.