عملية رأس الحمقى!

إنتشرت مؤخراً أخبار عن أنّ مصر قد باعت منطقة مساحتها 180 مليون متر مربّع لمستثمرين إماراتيين بمبلغ تجاوز 22 مليار دولار في عملية سمّيت «رأس الحكمة».

الخبر قد يكون صادماً لكن مصر عليها ديون تستحق هذه السنة بمجموع 42 مليار دولار ولم يعد أمامها سوى أن تبيع بعض الأصول، وتقترض من صندوق النقد ضمن سلسلة إصلاحات، والا ستصل إلى استحقاق الديون وتتعثّر عن الدفع، وتدخل في نفق مظلم بزيادة الفقر المدقع وانهيار للعملة وخروج من الأسواق المالية.

بالطبع هذا القرار حكيم ولو أنه من الأساس لم يكن يجب على مصر ان تستدين هذه الكمية من الأموال.

مصر اليوم تشبه لبنان عام 2017 مع الفارق أنّ لبنان في ذلك العام استلمه مجموعة من الحمقى عرقلوا فيه كلّ المفاوضات مع صندوق النقد، حيث في حينها جاء الصندوق وطلب منّا تحرير سعر الصرف إلى 3000 ليرة ورفع الدعم عن الدواء والقمح ومكافحة التهريب على الحدود. وطلب منا ترسيم الحدود مع «الجيران» ومقاسمة كاريش بالنصف.

فقالوا للصندوق «هيهات منّا الذلّة». واستلموا الدولة وسرقوا أموال الناس والدولة والمصارف. ووصلوا إلى مرحلة لم يعد يوجد دولارات بعد أن كبرت الفجوة ووصلت إلى 80 مليار دولار.

ثمّ أقنعوا الشعب بأنه علينا أن نتعثر عن الدفع للحفاظ على ما تبقى من احتياطي وأموال للمودعين. فتعثروا عن الدفع عشوائياً وقاموا بسرقة ما تبقّى من الأموال على أشكال متعددة من تهريب أموال ودعم وهمي فسرقوا 30 مليار دولار وأخرجوا لبنان من الأسواق العالمية وقاموا بتفقير 60% من الشعب وهجّروا أدمغة قد نحتاج إلى عقد من الزمن لنعيدها أو ننتج غيرها.

انها عملية سأسميها «عملية رأس الحمقى». فلغاية اليوم لم يقوموا بكابيتال كونترول ولا يزالون يهرّبون الأموال إلى حساباتهم في الخارج. والأنكى أنهم ضحكوا على صندوق النقد باتفاق مبدئي ولا يزالون يضحكون عليه.

أما اليوم وبكلّ وقاحة فيدرسون خطة لاستعادة أموال المودعين وإعادة هيكلة المصارف. الخطة هي عبارة عن هيركات قاسٍ على المودعين يخسرون فيه ما يزيد عن 60% من الودائع. فمثلاً من باع عقاراً بعد الثورة واودع الثمن في البنك فان وديعته تعتبر غير مؤهلة. وإذا كانت وديعته فوق الـ 100 ألف دولار فسيستردّ 10% فقط من تلك الوديعة .

قد تبدو بعض البنود جيّدة ولو أن تطبيقها سيكون حبراً على ورق. فمثلاً كلّ موظف دولة لديه في حسابه أكثر من 300 ألف دولار سيحوّل إلى التفتيش، وفي هذه العملية آلاف الموظفين ستشطب ودائعهم وهي أموال نهبوها على مرّ السنين. في هذه العملية سيحاسب الصغير أما السياسي الكبير الذي سرق المليارات فمن سيحاسبه؟ إذا كنّا سنطبّق القانون في بلد مثل لبنان سيسجن معظم السياسيين والمصرفيين.

بالطبع هذه الخطة مفخخة وسيتمّ فرمها في مجلس النواب كما سابقاتها، وسيقولون بأنها غير عادلة وان الودائع مقدسة ولن نمسّ بأموال المودعين وغيرها من الشعارات الفارغة… وكذب وتسلية ومادّة رجلها من الشباك وقرطة مافيات!

مصدرنداء الوطن - ميشال قزح
المادة السابقةخطورة نسيان الأزمة المصرفية لعام 2023
المقالة القادمةمخاطر تكمن في وضع أصول مصرف لبنان في سلّة استرداد الودائع