كثيرة هي التساؤلات التي طرحت حول الزيارة التي قام بها رئيس جمعية المصارف سليم صفير الى قصر العدل في بيروت الإثنين الفائت، وإجتمع خلالها بالمدعي العام المالي القاضي علي أبراهيم.
صحيح أن صفير، وبعد إنتشار الفيديو الذي يوثّق خروجه من قصر العدل، إكتفى بتغريدة مقتضبة قال فيها إنه وضع ابراهيم بصورة الأوضاع المصرفيّة والنقديّة من دون الدخول بأيّ تفاصيل، وصحيح أيضاً أن المدعي العام المالي كان حريصاً كل الحرص على عدم تسريب أي معلومة عن مضمون المحادثات وعن سبب لقائه بصفير، غير أن مصادر بارزة في العدليّة، كشفت أنّ المدّعي العام المالي، وخلال الشهرين الفائتين التقى عدداً كبيراً من أصحاب المصارف، وفي هذا السياق، تتحدث المصادر عينها أن من بين الأسماء التي التقاها أبراهيم، رئيس مجلس إدارة بلوم بنك سعد أزهري ورئيس مجلس إدارة بنك بيبلوس فرانسوا باسيل إضافة الى آخرين.
عن مضمون اللقاءات، تركزت أسئلة القاضي أبراهيم على التحويلات الماليّة التي حصلت من المصارف اللبنانيّة الى الخارج في الآونة الأخيرة، وهنا تقول المصادر إن الأسئلة لم تقتصر فقط على التحويلات التي أجريت بعد ١٧ تشرين الأول وقيمتها حوالى ٢،٣ مليار دولار، بل شملت أيضاً تلك التي حصلت في الأشهر التي سبقت ١٧ تشرين الأول الماضي، وعن كيفية إسترجاع مبالغ منها لدعم السيولة في لبنان وحماية المصارف والمودعين الذين باتوا يشعرون بخطر حقيقي على ودائعهم أكانت بالدولار أم بالليرة اللبنانية.
من الأمور الأساسية التي يطرحها المدعي العام المالي مع أصحاب المصارف، عدم تسهيلهم طلب حاكم مصرف لبنان رياض سلامه بزيادة رساميل المصارف، وعلى هذا الصعيد، تفيد المعلومات بأنّ عدداً من الذين التقاهم القاضي ابراهيم، تعهّد بتأمين مبالغ ماليّة تصل قيمتها الى مئات ملايين الدولارات، وذلك من حساباتهم الخاصة التي يملكونها في الخارج.
هذه التحقيقات التي يجريها القاضي المذكور، تأتي وبحسب المتابعين مكمّلةً لتلك التي تجريها لجنة الرقابة على المصارف وهيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان. تحقيقات كشفت أن خمسة وثلاثين مصرفاً شاركوا في عمليّات تحويل المليارات الى الخارج وتحديداً خلال الفترة الزمنية الممتدة بين ١٧ تشرين الأول، تاريخ بدء الاحتجاجات، و١٠ كانون الثاني من العام الجاري. أخطر ما في هذا الملف هي التحويلات التي حصلت بين ١٧ تشرين الأول والأول من تشرين الثاني، أي في الفترة التي كانت فيها أبواب المصارف مقفلة بسبب قطع الطرقات والأوضاع الأمنيّة السائدة في لبنان.
إذاً التحويلات حصلت، المصارف تترنّح وتتواجه يومياً مع عشرات الآلاف من المودعين، النظام النقدي في شبه إنهيار والبلد في شبه إفلاس، المودعون ولا سيما الصغار منهم، يعيشون الرعب على جنى أعمارهم، لذلك تبقى النتيجة العمليّة لهذه التحقيقات الأهمّ والأبرز بالنسبة الى المودعين، فهل ستنجح بإستعادة ولو جزء من الأموال المحوّلة علّ ذلك يؤمن الحماية المطلوبة للبنانيين؟.