حتى لو أن أكثرية اللبنانيين، وهذا حقها الطبيعي، تعبّر عن إنزعاجها من الإجراءات التي تتحذها المصارف بحق المودعين، وهي إجراءات غير قانونيّة أصلاً، قد يتفهّم البعض وضع هذه المصارف سقوفاً يوميّة وأسبوعيّة لسحوبات الدولار، وذلك لكثرة الطلب على العملة الأميركية، وقد يتقبّل بعض آخر وضع شروط صعبة من هذه المصارف على التحويلات الى الخارج، وذلك خوفاً من إنهيار مالي بسبب الأزمة التي تضرب لبنان منذ ١٧ تشرين الأول الفائت يوم إنطلقت التظاهرات في الشارع، ولكن ما هو مرفوض بالنسبة الى المودعين، وهذا حقهم أيضاً، وبتعبير آخر، ما لم يجد له أحد أيّ تفسير بعد، هو ما تقوم بعض إدارات بعض المصارف لناحية رفض إقفال حساب الزبون وإعطائه شيكاً مصرفياً به لنقل المبلغ الى مصرف آخر.
فإلى المصرف الذي يتعامل معه توجّه زبون منذ أيام قليلة، وبعدما إنتظر حوالى أربعين دقيقة قبل أن يذاع رقمه ويأتي دوره، طلب من الموظف إقفال حسابه، وإعطائه شيكاً مصرفياً كي يتمكن من نقل المبلغ الى مصرف آخر. وبلياقة إستثنائية، أبلغ الموظف الزبون بأن طلب معاملته قد قُدّم عبر بريد إلكتروني وأنّ عليه الإنتظار ليأتي الجواب النهائي من الإدارة المركزية.
مرت ساعة من الوقت، تلتها ساعة أخرى، والزبون ينتظر، والرسالة لم تأتِ، وفي كل مرة كان الزبون يطالب فيها الموظف بتسريع المعاملة، يأتي الجواب وبسرعة، “أنا عملت يلي عليي وما فينا إلا ننطر الجواب”. بعد ساعتين وأربعين دقيقة، نفذ صبر الزبون، فتوجه الى مكتب مدير الفرع وراح يصرخ بوجهه مطالباً بتسريع معاملته وبوضع حدّ لمسلسل الذل هذا بحق المودعين.
في البداية حاول مدير الفرع الإستفسار عن سبب القرار الذي دفعه الى إقفال الحساب في مصرفه ونقل أمواله الى مصرف آخر، إستفسار مدير الفرع، سرعان ما تطوّر الى تقديم الإغراءات الماليّة لا سيّما تلك المتعلّقة برفع نسبة الفوائد التي يحصل عليها، وبعدما تبيّن للمدير المسؤول أن ما يريده الزبون هو إقفال الحساب فقط، راح يرسل الرسالة الإلكترونيّة تلو الأخرى الى الشخص المعني في الإدارة، كل ذلك بقي من دون نتيجة الى حين قرّر مدير الفرع وبعد مرور أكثر من ثلاث ساعات على إنتظار الزبون، ومن دون نتيجة، الإتصال هاتفياً بالإدارة المركزيّة للمصرف، وبعد أخذ وردّ معها حصل على الموافقة.
حول هذه الرواية الحقيقية، أسئلة كثيرة تطرح في الشارع المصرفي، أولها بأيّ حق أو نص قانوني تسمح إدارة المصرف أن تتعاطى مع المودعين بهذه الطريقة؟ وإذا كانت الشروط الجديدة تتركز على إيداعات الدولار الأميركي وعلى التحويلات الى الخارج، فمن سمح لنفسه الإستنتاج بأنّ الإيداعات بالليرة اللبنانية يمنع على الزبون نقلها من مصرف الى آخر؟.
الجواب، قد نشاهده في ما تعمل مجموعة من الحقوقيين على كتابته ونصّه لتقديمه الى المعنيين لمعالجته!.