كافأت الدولة قواتها المقاتلة بمناسبة الأول من آب بحرمانها من أبسط الحقوق. فالرواتب التي لم تعد تكفي لتسديد فاتورة مولد الاشتراك ستتأخر لغاية منتصف شهر آب، وما على الأفراد والرتباء تحديداً، إلا البحث عن سبل الصمود، وطرق الوصول إلى “الخدمة”، على قاعدة “عسكري دبّر راسك”. الضباط المتخرجون رفعوا في العيد الـ 77 للجيش السيوف عالياً وجيوبهم فارغة. فيما يستبسل الجنود على محور الأزمة بالتصدي لكل أشكال التجويع والإذلال الذي فرضه انهيار قيمة الرواتب والأجور، باللحم الحي.
الإضراب العام وتوقف موظفي مديرية الصرفيات في وزارة المال عن العمل طيلة شهر تموز انعكسا تأخراً في إنجاز جداول القبض. ومع العودة إلى العمل جزئياً لإنجاز الرواتب فإن العملية تتطلب 15 يوماً على أقل تقدير. إذ إن “إعداد الرواتب والمساعدات الاجتماعية وإحالتها على الدفع تتطلب وجود فريق عمل ووقتاً، وهي لا تتم بكبسة زر”، بحسب مصدر مالي. بيد أن تأخر الراتب بالنسبة للعسكريين تحديداً، ليس تفصيلاً بسيطاً، فهو لا يؤثر سلباً على معنوياتهم فقط “إنما أيضاً على معيشتهم وقدرتهم على التنقل وتأمين حاجات عائلاتهم والقدرة على تسديد الفواتير والاشتراكات والديون التي تستحق مع بداية كل شهر”، بحسب العميد المتقاعد دانيال الحداد، و”عدم تأمين الرواتب في بداية الشهر واقتصار البدلات على المساعدة الاجتماعية التي تقدر قيمتها بأساس راتب، يهددان آخر المداميك التي ما زالت صامدة في الوطن والمتمثلة بحفظ الأمن”.
أمام تردي الأوضاع الداخلية وتراجع قيمة المداخيل، يعوّل أفراد وضباط الجيش اللبناني تحديداً على المساهمة القطرية بقيمة 60 مليون دولار. وبحسب الحداد فان “هذه المساعدة الضرورية لتأمين المستلزمات اللوجستية للجيش، ولا سيما لجهة الغذاء وصيانة الأجهزة والمعدات، وتأمين أسعار المحروقات، فقد يخصص جزء منها كمساعدات للعسكر، بمقدار 100 دولار على دفعة أو دفعتين. وذلك على غرار المساعدة الأميركية. الأمر الذي يشكل سنداً مهماً، ولو كان موقتاً، خصوصاً في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها العسكريون بشكل خاص.