غجر يُخرج “المنشآت” من “القُمقُم” إلى كنف المديرية الأمّ

رغم تعيين مدير عام أصيل للنفط العام 2014، استمرت منشآت النفط في طرابلس والزهراني بإدارة أعمالها من دون اطلاع المديرية العامة على أي تفصيل… منذ ذاك الوقت، استُكملت “التخبيصات” النفطية بكلّ ما للكلمة من معنى، لحين فضيحة الفيول غير المطابق للمواصفات التي أدت الى هروب رئيس لجنة إدارة المنشآت السابق سركيس حليس وتواريه عن الانظار نهائياً، وفي جعبته سنوات من الاسرار التي تربطه بـ”شركاه”…

منذ أيام، وتحديداً في 23 من الجاري، إتخذ وزير الطاقة والمياه ريمون غجر قراراً بتكليف المديرة العامة للنفط أورور فغالي بصورة موقتة بمهام إدارة منشآت النفط. وبحسب مصدر مطّلع، فان خطوة الوزير غجر هذه هي الأولى باتجاه إعادة المنشآت الى كنف المديرية العامة للنفط، التابعة لها قانوناً. صحيح ان القرار جاء متأخراً، الا ان غجر نجح في القيام بما عجز عنه اسلافه من وزراء “التيار الوطني الحرّ” الذين رضخوا للرئيس السابق للجنة ادارة المنشآت سركيس حليس، رغم الخلاف السياسي معه ومن خلفه مع تيار المردة.

أثار القرار رغم ايجابيته بلبلة في الأوساط المتابعة خصوصاً وانه جاء على خلفية فضيحة الفيول غير المطابق للمواصفات والذي وُرّطت فيه المديرة العامة للنفط اورور فغالي.

“معارضون” للقرار اتهموا الوزير غجر بمخالفته القوانين وتعيين مدعى عليها في مركز حساس، وضرب الحائط بقرار قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان نقولا منصور الظني. لكن في الواقع، وبحسب مصدر قانوني، فان القرار جاء بناء على رأي مجلس الخدمة المدنية في كتاب رقم 824 تاريخ 25/6/2020 (كجواب على الكتاب المرسل من وزارة الطاقة والمياه رقم 1132 تاريخ 2/6/2020) في معرض دراسته للعلاقة ما بين المديرية العامة للنفط ومنشآت النفط في طرابلس والزهراني.

واعتبرت هيئة مجلس الخدمة المدنية (بالارتكاز الى استشارة سبق ان اصدرتها) المنشآت مرفقاً عاماً وبالتالي جهازاً ادارياً من اجهزة وزارة الطاقة والمياه، وذلك ضمن الخصوصية التنظيمية والادارية والمالية المنصوص عنها حصراً في المرسوم رقم 79/77؛ وان الصلاحيات المعطاة للمديرية العامة للنفط هي كمدير موقت للمنشآت. الى ذلك، ارتكز رأي الهيئة الى الكتاب رقم 2737 تاريخ 25/7/2002 الذي سبق لمجلس الخدمة ان اتخذه والذي ينص على انه و”إزاء وضوح وصراحة النصوص المعروضة، يكون المدير العام للنفط هو نفسه الذي يتولى بصفته الوظيفية وبصورة موقتة إدارة منشآت النفط على الأراضي اللبنانية لحين انجاز الأجهزة المختصة لهذه الغاية”. هذا وشدد المجلس على ضرورة استصدار مراسيم انشاء الاجهزة المختصة المنصوص عليها في المواد 2 و3 و4 من المرسوم الاشتراعي رقم 79 تاريخ 27/6/1977 وذلك في اطار اعادة هيكلة وتنظيم المديرية العامة للنفط. لكلّ الاسباب المذكورة، أكد مجلس الخدمة المدنية على وجوب ادارة المنشآت من قبل المديرية العامة للنفط.

اتت هذه الخطوة بعد ان اعطى مجلس الخدمة المدنية القوة القانونية لقراره بعدما منع القاضي منصور في قراره الظني محاكمة المديرة العامة للنفط في قضية الفيول المغشوش، وأعطاها قرينة البراءة في هذا الملف ليقتصر اتهامها على التقصير الوظيفي في ادارة منشآت النفط في طرابلس والزهراني.

وبالعودة الى القوانين، ينصّ المرسوم الاشتراعي رقم 79 الصادر العام 1977 (لتحديد الأصول المالية والاقتصادية والتنظيمية لمنشآت النفط على الأراضي اللبنانية)، في مادّته الرابعة على أنه “وخلافاً لأحكام قانون المحاسبة العمومية، تمارِس وزارة الصناعة والنفط – المديرية العامة للنفط وبصورة موقّتة ووفق الأصول المعمول بها في التجارة والصناعة، إدارة المنشآت النفطية على الأراضي اللبنانية وإدارة جميع القضايا المالية والاقتصادية والتنظيمية المتعلّقة بها، وجميع صفقات بيع وشراء وتصدير واستيراد مشتقّات النفط الخام وذلك الى ان تنشأ الأجهزة المختصة لهذه الغاية”. إستندت هذه المادة الى مرسوم المديرية العامة للنفط الموكلة إدارة هذا المرفق لتأمين حاجات السوق المحلية بالمحروقات. ذلك يعني أنّ المرسوم المذكور يضع المنشآت تحت رقابة المديرية العامة للنفط التي يشكّل مديرها رأس الهرم الإداري لاعتباره موظفاً رسمياً خاضعاً للرقابة والمساءلة.

وبعيداً من شدّ الحبال السياسي ومن كل ما يتم التسويق له من قبل من كان مستفيداً من “إمارة” المنشآت و”تركيبات” مناقصاتها، وبعيداً ايضاً من الحملة المغرضة التي يتعرض لها غجر جراء شروعه باتخاذه قرارات اصلاحية لم يسبق ان اتُخذت، يبقى الأهم واحداً وهو استكمال هذا النهج عبر اغلاق “مرفق” الرئيس السابق للجنة إدارة المنشآت، المتغيب عن عمله منذ اكثر من 3 اشهر من دون ان يُفصل رسمياً، والامر سيان بالنسبة الى الموظفين “الزغرتاويين” الذين يتقاضون الملايين شهرياً من دون ان يحضروا الى العمل فيما بعضهم متواجد خارج البلاد. فهل يُتخذ قرار طردهم من العمل وإلزامهم باعادة الاموال المنهوبة وحرمانهم من التعويضات التي لا يستحقونها؟

مصدرإيفون أنور صعيبي - نداء الوطن
المادة السابقةحسابات مصرف لبنان «المسرّبة» لعام 2018: الخسائر تتراكم
المقالة القادمةسوريا تعلن عن فرصة إستثمارية جديدة في قطاع الصناعات الإستخراجية