فيما أعلنت ايران إسقاط طائرة تجسس اميركية، قالت إنّها خرقت مجالها الجوي، بدا أنّ الرئيس الاميركي دونالد ترامب يدفع الاوضاع في اتجاه الردّ على هذا التطور الإيراني، مُعبّراً عن ذلك في سلسلة تغريدات، اكّد فيها أنّ ايران «ارتكبت خطأ جسيماً»، وأنّ من يسأل عن الردّ الاميركي «سيأتيه الجواب قريباً». وتزامن هذا التطور الإيراني ـ الاميركي مع المناورات الاسرائيلية التي أنهتها إسرائيل أمس، وهي مناورات تُحاكي حرباً في لبنان مع «حزب الله»، ووصفتها تل أبيب بأنّها الأكبر منذ العام 2017، ما فتح المجال أمام سيناريوهاتٍ خطيرة تُحضّر مجدداً للمنطقة من الخليج وصولاً الى لبنان.
في ظل هذه التطورات الإقليمية والدولية الخطيرة، بدا لبنان عالقاً في متاهة موازنة تبدو غير متوازنة، تبعاً للتباينات الطاغية على المطبخ التشريعي، والتي عبّرت عن نفسها بمزايدات تكاد تُفقد الموازنة معناها وتُفقِد البلاد توازنها في المقابل، وذلك في ضوء التضارب السائد بين الاقتراحات والطروحات النيابية التي يتسمّ معظمها بطابع عشوائي ولم تنتهِ فصولاً بعد.
ومع تأكيد المعنيين، انّ الموازنة ستُنجز في لجنة المال النيابية مع نهاية الشهر الجاري، فإنّ السؤال المطروح يدور حول ما اذا كانت زحمة الطروحات العشوائية في شأن هذه الموازنة ستحافظ على نسبة العجز المقدّرة في مشروع الحكومة بنسبة 7,59 في المئة؟ أم انّها سترتفع الى مستوى أعلى من هذا الرقم؟ علماً انّ بعض الخبراء الاقتصاديين يؤكّدون انّ النسبة قد تصل الى 9 في المئة وما فوق.
وعلمت «الجمهورية»، أنّ لجنة المال والموازنة قرّرت ترك البنود «المتفجّرة» في مشروع الموازنة الى حين الانتهاء من دراسة كافة البنود.
حيث تُعقد جلسة، تُخصص لنزع فتيل تلك البنود العالقة ومنع انفجارها، وذلك بناء على الطروحات الجديدة التي طلبتها اللجنة من الوزراء المعنيين.
فضل الله
وقال عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» والعضو في لجنة المال والموازنة النائب حسن فضل الله لـ»الجمهورية»، أمس: «إننا ندقق في كل بند من بنود مشروع الموازنة، وهناك تعديلات على بعض المواد، بنحو اصبحت اكثر تعبيراً عن الاصلاح الذي يمكن ان نؤسّس عليه للمستقبل، ونحن على موقفنا لجهة رفض أي ضريبة تطاول الفئات المحدودة الداخل، وإنّ ضريبة الـ 2% على السلع المستوردة لا يمكن لها أن تمرّ وفق الصيغة التي وضعتها الحكومة، وهذا الأمر اصبح محل تفاهم داخل لجنة المال والموازنة، وهناك افكار تُطرح لتعديلها، ونحن في انتظار ما سيُعرض. لكن كان موقفنا واضحاً برفض هذه الضريبة. وايضاً في موضوع المتقاعدين، رفضنا المسّ بذوي الدخل المحدود والمتوسط، وستُعاد صياغة المادة باقتراح لوزير المال وعلى ضوء هذا الاقتراح نحدّد الموقف النهائي».
فساد المقالع والكسارات
الى ذلك، علمت «الجمهورية» انّ نواب كتلة «الوفاء للمقاومة»، وفي اطار المعركة التي يخوضونها لمكافحة الفساد، أعدّوا ملفاً جديداً وصفوه بأنه حسّاس، سيعلنون عنه في مؤتمر صحافي يُعقد في مجلس النواب الاسبوع المقبل.
وهذا الملف يتعلّق بالمقالع والكسارات والمرامل، حيث تبيّن في ضوء ما استُجمع من معلومات، انّ قيمة الاموال المهدورة والمسروقة فيه تبلغ 3 مليارات من الدولارات. حيث انّ هناك ما بين 1100 و 1300 من المواقع المخالفة التي تعمل خارج القانون.
وفي المعلومات ايضاً، انّ كتلة «الوفاء للمقاومة» طلبت عبر نوابها الأعضاء في لجنة المال والموازنة تجميد المادة القانونية المتعلقة بالمقالع والكسارات الواردة في مشروع الموازنة، خصوصاً انّ ما تنصّ عليه المادة من فرض ضرائب ورسوم، انما يطاول فقط المقالع والكسارات المرخّصة وعددها زهيد جداً، ولا يطاول المقالع والكسارات المخالفة التي تهدر المال العام فضلاً عن تشويهها للطبيعة.
وستعلن الكتلة في المؤتمر الصحافي الخرائط والرسومات التي تُظهر مواقع هذه المقالع والكسارات وستتم إحالتها الى القضاء المختص.
عطلة سياسية
في هذا الوقت، تدخل السياسة في عطلة الى الاسبوع المقبل مع سفر رئيس الحكومة سعد الحريري الى دولة الامارات العربية المتحدة، على ان يُستأنف النشاط السياسي مع جلسة مجلس الوزراء التي تسبق انعقاد جلسة مجلس النواب التشريعية، التي تناقش جدولاً بنحو 10 بنود، وتليها جلسة انتخابية في اليوم نفسه لانتخاب حصّة المجلس النيابي الخماسية في المجلس الدستوري.
مناورات اسرائيلية
من جهة أخرى، أنهى الجيش الإسرائيلي أمس مناورات عسكرية استمرت 5 أيام، هي الأكبر منذ العام 2017، وشارك فيها مئات الجنود والطائرات والعربات العسكرية من كل أذرع الجيش في البر والبحر والجو. وقد حاكت المناورات تعرّض إسرائيل لحرب شاملة على جبهات متعددة، واختبرت قدرات الجيش على المناورة والتنسيق بين أذرعه المختلفة.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، في بيان له، «إختُتم اليوم (أمس) تمرين عسكري واسع النطاق في منطقة الأغوار وفي شمال البلاد، تدربت خلاله قوات جيش الدفاع من الأذرع المختلفة في التعامل مع سيناريوهات تحاكي القتال داخل لبنان. لقد درّب التمرين القوات لقتال متعدد الأذرع في منطقة قتالية مأهولة، في مواجهة عدو متخفٍ ومتحصّن في المجال التحت أرضي ومتسلح بأسلحة متقدّمة».
وأضاف أدرعي: «الحديث عن التمرين الأكبر في جيش الدفاع منذ تمرين الفيلق الشمالي (نور داغان) والذي أُجري في عام 2017. لقد تمّ التدّرب على قدرات جديدة يتمّ تطويرها في جيش الدفاع، والتي يُتوقع دمجها في الخطة متعددة السنوات (تنوفا) والتي تستند إلى الخطة العملياتية لتحقيق الانتصار والتي يتم بلورتها بقيادة رئيس الأركان الجنرال أفيف كوخافي».
وتابع أدرعي قائلاً: «في إطار التمرين تمّ التدرّب على قدرات المناورة والحماية متعددة المستويات، بالإضافة إلى سيناريوهات اقتحام قوات خاصة وضربات مكثفة بالنيران والاستخبارات وتفعيل طائرات مسيّرة وأخرى من دون طيار من قِبل القوات القتالية. كذلك تمّ التدرّب على الإنتشار الواسع لتعميق الضربة في صفوف العدو. وفي المقابل جرى التمرين السنوي في سلاح الجو، والذي شمل كل تشكيلاته وبمشاركة مئات من جنود الاحتياط».
وقال: «لقد شاركت في التمرين مئات الطائرات من أسراب الطائرات الحربية والمروحية والنقل في ساعات النهار والليل، حيث كان يُهدَف إلى رفع جاهزية القوات واستعدادها لسيناريوهات قتالية متصاعدة في أوقات قصيرة، بالإضافة الى تعزيز التعاون بين الأذرع الجوية والبرية. كما حاكت أنظمة الدفاع الجوي سيناريوهات تطلّبت اعتراض عدد كبير من القذائف الصاروخية».
إلى ذلك، ذكر موقع «عكا للشؤون الإسرائيلية»، أن اللواء المتقاعد يتسحاق بريك أطلق أخيراً تحذيراً من عدم استعداد الجيش الإسرائيلي لأي مواجهة محتملة مع بعض دول المنطقة.
وقال بريك، في مقطع فيديو تسرّب أخيراً، إنّ «إسرائيل غير مستعدة إطلاقاً لسيناريو اندلاع مواجهة عسكرية مع سوريا أو مصر على وجه الخصوص».
وجاء موقف بريك، إثر تحذيرات أطلقها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لدول الجوار العربية قال فيها: «أسمع جيراننا في الشمال وفي الجنوب وفي الشرق يهدّدون بتدميرنا. أقول لأعدائنا: جيش الدفاع الإسرائيلي يمتلك قوة تدميرية كبيرة للغاية… لا تجربونا!».
الترسيم
من جهة ثانية، لم يُعرف بعد موعد عودة الوسيط الاميركي ديفيد ساترفيلد للبحث في موضوع ترسيم الحدود البحرية والبرية بين لبنان وإسرائيل. فهو كان غادر لبنان الى اسرائيل، ناقلاً ردّ لبنان على ردود اسرائيلية حول المفاوضات التي تعمل واشنطن على عقدها بين الجانبين في مقرّ قيادة القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان في الناقورة.
وفي هذا السياق، قال وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتز، إنّ إسرائيل تتوقع البدء في المفاوضات مع لبنان بوساطة أميركية خلال شهر، في شأن ترسيم الحدود البحرية بين البلدين.
وقال شتاينتز لمحطة «ريشيت 13» التلفزيونية الإسرائيلية: «آمل أن نبدأ المفاوضات في الشهر المقبل خلال هذا الصيف». وأضاف: «قالوا نعم إنّهم مستعدون للجلوس وحلّ النزاع، لكن لا تزال هناك البنود (التي يتعيّن الاتفاق عليها)». ولفت الى انّه «بمجرد البدء في المحادثات، فمن المرجح أن يكون في وسع شركات الطاقة العاملة في المياه الإسرائيلية واللبنانية تنفيذ أول عملية مسح للمنطقة البحرية المُتنازع عليها». وأكّد أنّه يتوقع التوصل إلى اتفاق بين البلدين خلال فترة من 6 إلى 9 أشهر.