عملية تخليص البضائع في مرفأ بيروت متوقفة حالياً بشكل كامل. لا البضائع المنوي تصديرها يمكن تخليص معاملاتها الجمركية، ولا البضائع المستوردة يمكن تخليص معاملاتها الجمركية لإخراجها من حرم المرفأ. كذلك الامر بالنسبة لكل المعابر البرية كالمصنع او حتّى المطار. والسبب انّه تمّ اكتشاف عصابة مؤلفة من موظفين في ادارة الجمارك، بالتعاون مع عملاء الشحن تابعين لشركات شحن معيّنة، يقومون بإدخال بضائع وسلع غير معفية من الرسوم الجمركية، على انّها معفية منها، من خلال التلاعب وتزوير البيانات الجمركية. كيف؟
يقوم مستوردو السلع والبضائع غير المعفيّة بالتعاون مع عدد من موظفي الجمارك ومخلّصي البضائع، باستيراد حاوية تضمّ على سبيل المثال، بضائع معفيّة من الرسوم الجمركية واخرى غير معفيّة. وعندما تصل تلك البضائع الى مرفأ بيروت، ينتظر عملاء الشحن إشارة من موظفي الجمارك في المرفأ لتحديد موعد قيامهم بتخليص تلك البضائع، من خلال وقف نظام التفتيش الذي يحدّد الحاويات التي يجب ان تخضع للتفتيش، من خلال تحويلها الى الخط الاحمر، والحاويات التي تمرّ من دون تفتيش عبر الخط الاخضر. فيقوم موظفو الجمارك بوقف العمل بالخط الاحمر وتحويل كافة الحاويات المستوردة نحو الخط الاخضر، ويُعلمون عملاء الشحن بهذا التوقيت، من اجل السير بعملية تخليص البضائع من دون خضوعها للتفتيش، علماً انّهم على دراية بأنّ تلك الحاويات لا تضمّ نوعاً واحداً فقط من السلع، وانّها تتضمن بضائع غير معفيّة من الرسوم، إلّا انّهم يتلاعبون ببياناتها الجمركية من اجل التهرّب من دفع الرسوم، ويقومون بتسجيل كافة البضائع المستوردة على انّها سلع من صنف واحد معفى من الرسوم.
تنخرط في عملية النصب هذه، ومنذ سنوات عديدة، نسبة كبيرة من المستوردين خصوصاً مستوردي الالبسة والمفروشات، التي تعدّ غير معفية من الرسوم الجمركية، ونادراً ما كان يتمّ ضبطها او توقيف الموظفين المنخرطين فيها، علماً انّها كانت تفوّت على خزينة الدولة ملايين الدولارات عندما كان الدولار بـ1500 ليرة! ورغم انّ الرسوم الجمركية ما زالت تُسدّد لغاية اليوم على الـ1500 ليرة، إلّا انّ السرقة تبقى سرقة والاحتيال يبقى احتيالاً، وفي حال لن يتمّ ضبطه، فإنّ الدولة ستستمرّ بخسارة ملايين الدولارات من إيراداتها، خصوصاً مع الحديث عن توجّه لتفعيل الدولار الجمركي، اي الى تسديد الرسوم الجمركية بالدولار نقداً.
تمّ اكتشاف عملية الاحتيال تلك أخيراً عبر أحد الاجهزة الامنية، ما دفع مخلّصي البضائع وموظفي الجمارك المتعاونين معهم، الى اختراق نظام المعلوماتية الخاص بعملية تخليص البضائع، ليس فقط في مرفأ بيروت، بل على كافة المعابر، وتعطيله، لعدم تمكين الاجهزة من الاطلاع على كافة الحاويات التي تمّ تخليصها من دون تفتيش وكافة عملية الاستيراد التي تهرّب اصحابها من دفع رسومها الجمركية. والى حين البتّ بهذا الموضوع وإعادة تشغيل النظام الالكتروني للمعاملات الجمركية، ستبقى البضائع المستوردة والمنوي تصديرها عالقة في المرفأ.
وقد علّق رئيس نقابة الوكلاء البحريين في لبنان مروان اليمن، على الإضرابات العمالية المتكرّرة في محطة حاويات مرفأ بيروت الناتج من الأزمة المالية والتردّي المعيشي، واشار في بيان امس الى انّ «عدم إطلاق مناقصة جديدة بمعايير عالمية لتلزيم تشغيل محطة الحاويات في المرفأ، والإكتفاء بتجديد عقد التشغيل كل ثلاثة أشهر طوال 20 شهراً، إنقضت على إنتهاء عقد المشغل الحالي BCTC، أنتج واقعاً سلبياً ومعاناة للموظفين وخسائر للشركة المشغلة، وتفاقمت بعد إنفجار المرفأ، ومن جراء التراجع الهائل في سعر صرف العملة الوطنية والقيود المصرفية على التحويلات المالية». ودعا إدارة واستثمار مرفأ بيروت الى «إطلاق مناقصة تشغيل محطة الحاويات بمعايير عالمية شفافة، تراعي آلية السداد التي تتيح للمشغل الجديد تحويل الأموال الى الخارج لزوم الموردين، لشراء قطع الغيار والتأمين البحري وأنظمة التشغيل، وصولاً الى الصيانة ومرتبات ملائمة للموظفين والفرق العاملة»، وأكّد «ضرورة إنجاز التقييم التقني لحالة وأضرار الرافعات الجسرية والأوناش المدولبة وسائر المعدات في المحطة بعد إنفجار المرفأ، عبر شركة تصنيف معتبرة لتضع التقرير الفني المرجعي، حيث أنّ المعدات المذكورة مملوكة من مرفأ بيروت».
وأكّد أننا «نحتاج الى الجمع بين الواقعية والطموح، لإستشراف حجم الحركة المتوقعة للسوق المحلي والترانزيت البري والبحري عبر مرفأ بيروت، وعدم إغفال المنافسة إقليمياً، والمندرجات الجيوسياسية الدقيقة للمنطقة بالنسبة للترانزيت، وصولاً الى الدور الناشئ والطموح لمحطة الحاويات في مرفأ طرابلس، حيث تمتلك الشركة المشغلة CMA TRIPOLI الرافعات والأوناش والمعدات العائدة لمحطة الحاويات».