الإدارة العامة الجديدة (NMP) هو طريق للتحول العام للكيان العام، الذي يتضمن اتخاذ القطاع الخاص مرجعاً، والذي يهدف إلى وضع قوانين وقواعد جديدة قابلة للتطبيق على استثمارات الدولة، في مجالات أخرى، بحيث أنّ النفقات المتعلقة بالاستثمارات العامة، لا ينبغي أن تُموّل من الدين العام.
أثّرت الآلية الوقائية الوطنية على البلدان بطرق مختلفة، وبالتالي لا يوجد نموذج واحد للآلية الوقائية الوطنية، ولكن على العكس من ذلك، هناك نماذج عدة يعتمد حجمها على كل بلد وثقافته. لذلك، فإنّ الآلية الوقائية الوطنية لها وظيفة تحسين صورة القطاع العام. من هنا، انتشرت نماذج الإدارة المستخدمة في المجال الخاص في المجال العام، من خلال تشكيل تيار NPM للإدارة العامة الجديدة.
«تُعرَّف الشراكة بين القطاعين العام والخاص على أنّها مفهوم إداري، يسمح للدولة بأن تعهد إلى شركة خاصة تصميم المعدات العامة وتمويلها وبنائها وإدارتها وصيانتها لفترة محدودة طويلة، والتي تعتمد غالبًا على فترة إهلاك البنية التحتية وطرق التمويل». يحتاج أي مشروع شراكة بين القطاعين العام والخاص، مهما كان شكله، إلى مناخ استثماري من أجل نجاحه.
السبب الرئيسي لاختيار الشراكة بين القطاعين العام والخاص هو البحث عن المهارات من الكيانات الخاصة، لأنّ الكيانات العامة لديها فجوة في المهارات والتدريب للموظفين، يحتاج الى تمويل تام ومتواصل، مما يدفع الدولة للتوجّه إلى كيان خاص لاكتساب المهارات وتقليل التكاليف المتعلقة بتدريب الموظفين في الادارة العامة. وفي حالة الشراكة بين القطاعين العام والخاص، فإنّ الدولة التي تفتقر إلى الكفاية تتحكّم في الخدمة وتراقب إدارتها بدلاً من تكبّد كلفة إنتاجها. ويمكن من خلال عقد الشراكة بين القطاعين العام والخاص خفض تكلفة الإنتاج من خلال خبرات القطاع الخاص وفعالية إدارته ووفورات الحجم التي يستفيد منها.
تتكون BOT من طريقة لتنفيذ المشاريع العامة في عدد من المجالات الاقتصادية والاجتماعية. BOT هي شكل من أشكال الامتياز، يعتمد على مشروع يُسمّى «تمويل المشروع»، وهو طريقة تمويل تستخدمها الحكومات في غالب الأحيان لتمويل مشروعها العام من دون اللجوء إلى الديون ووجود اختلال في الموازنة. في هذه التقنية، يتمّ ربط سداد المبالغ المستثمرة بالتدفقات النقدية الناتجة من المشروع. تتكون مشاريع BOT عموماً من 3 مراحل: المرحلة الأولى هي مرحلة البناء، والثانية هي مرحلة التشغيل، والأخيرة هي مرحلة النقل.
كل مرحلة تتطلب عقداً. ولكن قبل تنفيذها، من الضروري إجراء دراسة جدوى لمعرفة ما إذا كان المشروع ممكنًا أم لا، وبالطبع ينبغي إجراء دراسة مفصّلة مع تحليل اقتصادي ومالي وقانوني. علماً أنّه منذ نهاية الحرب في عام 1990، تراكم لدى مؤسسة كهرباء لبنان عجز مستمر وعجز عن تلبية احتياجات السوق. ويواجه قطاع الكهرباء حاليًا مشكلتين رئيسيتين: الأولى تقنية والأخرى مالية.
ويبقى أن نقول، إنّ إشراك القطاع الخاص في قطاع الكهرباء وتحقيق الاصلاح المنشود لتأمين التيار الكهربائي المتواصل، كان من بين الإصلاحات الرئيسية التي وعد بها لبنان في الأوراق التي قدّمتها حكوماته إلى مؤتمرات الدول المانحة (باريس 2، باريس3، سيدر، إلخ) التي لا تزال قائمة، والتي لا تزال تنتظر الوفاء بالتزاماتها، من أجل تجسيد الدعم المخطط لهذا البلد من الدول ومنظمات الدعم الدولية. والملاحظ أنّ تعقيد العوامل المساهمة في نموذج قطاع الكهرباء في لبنان، يمنحه تفرّدًا خاصًا، يجعل من الصعب تعميمه. ولكن التنقيب عن حقول الغاز والنفط المحتملة التي لا تزال في مراحلها الأولية في لبنان، يمكن ان يقلب مستقبل هذا القطاع إيجاباً، من خلال تزويده المشتقات البترولية اللازمة.. إلّا انّه حتى السعي في هذا الاتجاه يتطلّب طمأنة المستثمرين المحتملين من الداخل والخارج لجهة تحقيق، أقله، إشارة إصلاح، كبارقة أمل وثقة للمستقبل…