يعيش قطاع الفنادق الفخمة في “التفاحة الكبرى”، مدينة نيويورك، أحلك سنواته خلال العام الجاري، إذ تتكاتف جائحة كورونا مع الاضطرابات الاجتماعية والاحتجاجات ضد سياسات الرئيس دونالد ترامب العنصرية وتداعياتها، لتضرب صناعة السياحة والفنادق الفخمة بقسوة لم تشهدها المدينة من قبل.
كانت العقارات الفندقية في مدينة نيويورك، خاصة في وسط مانهاتن ومناطق “ويست فيفث أفنيو” وغربي المدينة بالقرب من حي المال الشهير “وول ستريت” مثار إعجاب المستثمرين من أنحاء العالم، ومن بين الجواهر النادرة التي يحلم المليارديرات باقتنائها.
وتشير تقارير أميركية إلى أن بعض الفنادق الفخمة التي تعيش أزمة إشغال تهدد مستقبلها، باتت تستجدي المصالح الحكومية التي ترعى المشردين وكبار السن للتعاقد معها لفترة مؤقتة على أمل الإفلات من براثن الإفلاس. ومن بين 700 فندق في نيويورك هنالك 200 فندق مغلق منذ مارس/ آذار الماضي. كما خفضت بعض الفنادق أسعارها بنسبة 60% على أمل الحصول على زبائن.
ووسط هذه الأزمة الكبرى التي تواجهها فنادق مدينة نيويورك، والتي لا يستبعد أن تتواصل حتى نهاية العام المقبل، تتجه الفنادق كذلك للحكومة الأميركية على أمل الحصول على مساعدات استثنائية تمكنها من البقاء حتى اندياح كارثة كورونا.
في هذا الشأن يقول محلل العقارات بشركة “غرين ستريت”، لوكاس هارتويتش لموقع “زيرو هيدج”، “ربما سيكون العام المقبل الأسوأ للصناعة الفندقية بنيويورك، ومن غير المتوقع أن تعود الأعمال الفندقية للنمو قبل العام 2022”.
وتراجعت نسبة إشغال الغرف الفندقية في مدينة نيويورك إلى أقل من 40% خلال شهر أكتوبر/ تشرين الأول الجاري مقارنة بنسبة 92% في نفس الشهر من العام الماضي، كما انخفض السعر المتوسط للغرفة الفندقية من 336 دولاراً في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي إلى 135 دولاراً خلال شهر أكتوبر/ تشرين الثاني الجاري.
وحسب صحيفة “نيويورك تايمز” تراجع عدد الزوار الأجانب إلى المدينة بنسبة 93% خلال الشهور التسعة الماضية، وكانت المدينة قد جذبت نحو 13.5 مليون زائر أجنبي. وبات الزائر إلى المدينة عبر مطار جون كيندي الشهير، يرى صفوفاً طويلة من سيارات التاكسي الصفراء تقف لساعات طويلة على أمل الحصول على زبون خارج من المطار، وبينما كانت سيارات التاكسي لا تقف سوى دقيقة لتحصل على زبون وسط زحمة المسافرين قبل جائحة كورونا. ويعد شهر أكتوبر/ تشرين الأول من الشهور المنعشة للفنادق بسبب المناسبات العديدة التي تشهدها “التفاحة الكبرى” كما يطلق عليها عشاقها.
كما تعد مدينة نيويورك من أهم المدن الجاذبة لسياحة الشباب ليس من الولايات الأميركية فحسب، ولكن من قبل الشباب من جميع أنحاء العالم، كما أنها عاصمة المال والأعمال التجارية، إذ يوجد بها سوق وول ستريت، كما تستضيف المصارف الاستثمارية الكبرى في العالم، وبالتالي فإن الفنادق تستفيد من الزخم التجاري الضخم في إنعاش أعمالها الفندقية وخدمات مطاعمها وقاعة الترفيه. كما الفنادق تعتمد في أعمالها على اجتماعات الشركات والمناسبات الثقافية والاحتفالات في الولايات المتحدة.
وتسعى الفنادق الأميركية إلى إنعاش أعمالها عبر الاتصال ببعض المصالح الحكومية على أمل الحصول على عقود مع موظفين. ولكن إضافة إلى كورونا فإن الفنادق الفخمة بالمدينة تعاني كذلك من هجرة الأثرياء وكبار مدراء الصناديق وشركات وول ستريت إلى المنتجعات في الخارج والجزر المعزولة، وساعدهم العمل من بعد على عدم ارتياد المدينة كما كانوا في السابق.
ومن بين الفنادق الشهيرة التي أغلقت أعمالها منذ مارس/ آذار الماضي فندق “هيلتون ميد تاون”، وكان من بين الفندق عالية الإشغال بسبب موقعه والمناسبات التي يستضيفها.
وخسرت المدينة خلال شهر أكتوبر الجاري أسبوع عرض الأزياء الشهير في نيويورك، والذي تحضره الطبقات المخملية من المدن الأميركية ومن أوروبا وآسيا، كما خسرت العديد من المناسبات الأخرى الجاذبة للأرباح. كما ساهم إغلاق مسارح البرودواي في ضرب المطاعم الفخمة التي كان يرتادها الأثرياء.