لم ينتظم عمل «النافعة» منذ استئنافه في نيسان من العام الفائت، وفاقم الفوضى الخلاف بين إدارة «المصلحة» وشركت «انكريبت» المسؤولة عن تشغيل المرفق، حول احتساب أسعار الخدمات التي تقدّمها الأخيرة، ومن بينها تسليم «المصلحة» لواصق الكترونية ولوحات ذكية ودفاتر سوق وغيرها من اللوازم. ما أدى إلى توقّف العمل في خدمات مثل تسجيل السيارات ودفع رسوم الميكانيك والاستحصال على دفاتر، لفترةٍ تزيد على شهرين. مع تفعيل نشاط «النافعة» بالتزامن مع الخطة الأمنية الأخيرة لوزير الداخلية بسام المولوي، عاد الخلل ليظهر. فمن ضمن إجراءات تسجيل السيارات ودفع رسوم الميكانيك، تقاضت «النافعة» من صاحب كل مركبة مبلغ مليون ليرة ثمن لاصقة الكترونية (توضع على زجاج السيارة كدليل على أن صاحبها سدّد رسوم الميكانيك) من دون أن تسلّمه إياها، مكتفية بتسليم صاحب المركبة إيصالاً بالدفع. وبعد تصاعد الشكاوى، أصدرت «النافعة» بياناً رمت فيه الكرة في ملعب شركات تحويل الأموال، بإعلانها أنّ تسليم اللواصق للشركات سيبدأ قريباً، وأنّ هذه الأخيرة ستُسلم بدورها اللواصق لمن يقصدونها لتسديد رسوم الميكانيك. ولفتت إلى ان من سبق وسدد الرسوم المتوجبة عليه، يمكنه إبراز إيصال الدفع لدى شركة تحويل الأموال لتسلّمه اللاصق. ورغم مرور أسبوعين على البيان، لم تتسلّم شركات تحويل الأموال اللواصق بعد، فضلاً عن انها «غير متحمسة» لهذا الدور، بحسب مصادر معنية، انطلاقاً من أن «أعداداً هائلة من معاملات التسجيل والدفع نفّذت، والشركات تعتبر نفسها غير مسؤولة عن عملية جرد البيانات ومطابقتها وإعادة توزيع اللواصق، وما يرتبه ذلك من عملٍ إضافي عليها».
من جهة ثانية، انتشرت أنباء عن استنسابية أو معاملة خاصة بالبعض من قبل المسؤولين في «النافعة». فقبل نحو شهرين، سُرّبت رسائل صوتية لنقيب أصحاب معارض السيارات وليد فرنسيس، يُبلغ فيها أصحاب المعارض أنّ «النافعة خصّصت يوم الاثنين من كل أسبوعٍ للكشف على سيارات المعارض وتسجيلها، وأنّ على من يريد إدراج سيارته في جدول الكشف دفع 50 دولاراً». وبعد انتشار التسجيل، برّر فرنسيس بأنّ «الـ50 دولار تذهب إلى دعم النقابة».
وفيما كانت مواعيد تسجيل السيارات تقتصر على يومي الأبعاء والخميس من كل أسبوع، أكدت مصادر في النافعة لـ «الأخبار» أنّ أصحاب معارض السيارات توصلوا إلى «ديل» مع موظفين من العسكريين للحضور يوماً إضافياً (الاثنين) وتخصيصه لسيارات المعارض مقابل 50 دولاراً تذهب لـ«النافعة» ويحصل العسكريون على جزء منها، فيما تقاضى أصحاب المعارض من زبائنهم 150 دولاراً مقابل عدم الانتظار للحصول على موعد تسجيلٍ عبر المنصة الالكترونية. علماً أنّ هذه العملية تتضمن التأكد من مواصفات السيارة (عدد الأحصنة، رقم المحرّك…)، وتسجيل المعلومات على صكّ البيع، ويفترض أنها مجانية كونها واحدة من مراحل عملية التسجيل.
أحد مظاهر الفوضى أيضاً تمثّلت بالتعميم الذي أصدرته النافعة بالسماح بتسجيل سيارات الأنقاض (سيارات مصنّفة غير صالحة للسير) من دون الكشف عليها، بما يخالف المادة 156 من قانون السير التي تنص على إلزامية الكشف على سيارات الانقاض، كون إعادتها إلى السير من دون الكشف تشكّل خطراً على السلامة المرورية.
«تشليح» الأموال
إلى ذلك، عمدت قوى الأمن الداخلي الى استيفاء مبلغ 500 ألف ليرة من كل شخصٍ أنهى إجراءات فك حجز مركبته من دون منحه إيصالاً بالمبلغ. فبعدما يسدد صاحب المركبة الغرامة المالية، ويستكمل تسجيل مركبته في «النافعة»، عليه أن يعود إلى مفرزة السير أو المخفر، ليستحصل على ورقة تخوّله استلام سيارته من مرآب الحجز. وفيما يفترض أن تعطى هذه الورقة مجاناً، تلجأ المخافر ومفارز السير، خلافاً لأي نصّ، إلى فرض مبلغ 500 ألف ليرة مقابلها. كذلك، تكبّد أصحاب المركبات المحجوزة دفع أجرة رافعة (بلاطة) لأصحاب المرآب الذين نقلوا مركباتهم إلى المرائب (50 دولاراً للسيارة و25 دولاراً للدراجة النارية)، علماً أنه يفترض بقوى الأمن نقل المركبات برافعاتها الخاصة. أضف إلى ذلك أن التشدّد الذي مورس بحق أصحاب السيارات والدراجات لم ينسحب على أصحاب المرائب الذين خالف عدد كبير منهم التراخيص الممنوحة لهم، وركنوا المركبات المحجوزة في مرائب غير تلك المرخص لها.
كذلك، اتخذت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي تدبيراً قضى باستيفاء مليون ليرة عن كل استمارة استعلام عن مركبة، في وحدة الشرطة القضائية، مكتب تنفيذ أحكام السير في بيروت وفي الشمال، دون أي إيصالٍ أو سندٍ قانوني. والاستمارة هي بمثابة إفادة تتضمّن معلومات قانونية عن المركبة، لمعرفة ما إذا كانت عليها أحكام قضائية أو حجوزات، وكانت تعطى مجاناً سابقاً، ولا يمكن تحويلها إلى خدمة مدفوعة من دون نص قانوني. وبررت مصادر في قوى الأمن الأمر بضعف الإمكانيات المالية وارتفاع كلفة الورق والحبر والطباعة.