وقف المهندس الصيداوي سهيل الصوص وسط “ساحة الثورة”، عند “تقاطع ايليا” في صيدا بين حشود المحتجين، يصب جام غضبه على المسؤولين الذين أفقروا البلد على مدى ثلاثة عقود من الزمن، وأوصلوا الناس الى الفقر، ودفعوا بجيل الشباب الى اليأس والهجرة، ليؤكد أن “ثورة حق… تنتج وطناً، ولن يتوقف الحراك الا بتحقيق أهدافه في العيش بكرامة ومحاسبة الفاسدين ووقف الهدر واستعادة الاموال المنهوبة”.
والصوص واحد من “مئات” المهندسين وآلاف المواطنين اللبنانيين، الذين لم يجدوا فرص عمل في وطنهم، فتحولوا بين ليلة وضحاها الى “عاطلين”، يبحثون عن قوت يومهم بلا جدوى، رفع يافطة إعراب لغوية جديدة رسم عليها “العلم اللبناني”، وكتب تحته “أعرب الجملة التالية: سرق الحكام الشعب، سرق فعل ماض، الحكام فاعل حاضر والشعب مفعول به”، يقول لـ “نداء الوطن”، “لقد اخترت هذه اللوحة كي أبعث برسالة مؤداها “بدلاً من تعليم أولادنا وأحفادنا الجملة الشهيرة في “أكل الولد التفاحة”، “سرق الحكام الشعب”، سرق فعل ماض وقع منذ ثلاثة عقود من الزمن، والحكام فاعل حاضر، لم يسمعوا الى اليوم صرخات المواطنين الذين يعانون الجوع والفقر، والذين نزلوا الى الساحات والميادين والشوارع، من أجل الحفاظ على كرامتهم وبناء مستقبل أفضل لأولادهم وأحفادهم”.
ويؤكد الصوص الذي تزنّر بالعلم اللبناني “نزلت الى “ساحة الثورة”، منذ اليوم الاول للحراك الاحتجاجي قبل 46 يوماً، ولن أعود الى المنزل قبل تحقيق الهدف، مطلبنا تشكيل حكومة قادرة على إنقاذ البلد من الانهيار والفساد، ومحاسبة الفاسدين، لا نريد أن نسمع ضجيجاً وأقوالاً بل افعالاً، لقد سئمنا من الوعود والتسويف والممالطة وآن الاوان أن يستجيب الحكام الى صرخات الناس.
جرس إنذار
وأتاحت “ساحة الثورة”، للمهندس الصوص عرض مشكلته التي تجسد معاناة أغلب اللبنانيين، فيما آخرون كثر ينتظرون دورهم وما عدّلوا أي تبديل في إصرارهم على مواصلة الاحتجاج حتى إيصال صوتهم ورسالتهم، وفق ما تقول السيدة ميادة حشيشو التي ارتدت “العلم اللبناني” زياً، وحملت جرساً وراحت تقرعه بقوة وغضب معاً، لتؤكد أن “الجرس يستخدم عادة للتنبيه، وفي المدراس الى دخول الصفوف وانتهاء الحصص أو الدوام، ولكنني هنا أدقه إنذاراً، ليسمع المسؤولون صوته وصداه كناقوس خطر… أننا لم نعد قادرين على تحمل الازمات المتلاحقة وفي مختلف الاتجاهات، وبات الشعب فقيراً، يعاني من الجوع والغلاء وارتفاع الاسعار نتيجة التلاعب بسعر صرف الدولار.
يوميات الحراك
وفي خطوة جديدة، نظم المحتجون لقاء حوارياً مع الخبير الاقتصادي محمد بزيع، تحت عنوان: “نحنا والمصارف، شو إلنا وشو علينا”، وذلك امام فرع مصرف لبنان في المدينة، وسط اجراءات أمنية للجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي، حيث افترش المشاركون الرصيف أمام مبنى المصرف، في خطوة ذات دلالة رمزية الى أن سياسة حاكم مصرف لبنان والمصارف هي التي اوصلت البلد الى انهيار وأفقرت الشعب، وفق ما قال بزيع.
وكان المحتجون، قد نظموا مسيرة راجلة جابت شوارع المدينة وصولاً الى فرع مصرف لبنان، وسط مواكبة من الجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي، حيث نفذوا وقفة احتجاجية وهتفوا ضد سياسة المصارف وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة… وهي المسيرة الليلية الثالثة على التوالي، وقد قام عدد من الشباب المنتفض برشق المصرف بالبيض والبندورة.
واستجاب اصحاب محطات الوقود في صيدا الى فك الاضراب المفتوح الذي دعت اليه نقابة محطات الوقود في لبنان، احتجاجاً على الخسائر المادية التي لحقت بها، جراء التناقض بين سعر صرف الدولار الرسمي (1517) وفي السوق السوداء (2150)، لكن بعضها لم تعمل بكامل طاقتها وسط معلومات أن الازمة ستطل برأسها مجدداً حين نفاد المخزون الحالي الذي يكفي لنحو اسبوع فقط، إذا لم يتم إيجاد الآلية للاستيراد من الخارج.
وفي سياق منفصل، استقبلت رئيسة كتلة المستقبل النيابية النائبة بهية الحريري في مجدليون وفداً من حقوقيي “تيار المستقبل”، سلّمها نسخة عن مشروع القانون حول موضوع استعادة الأموال المنهوبة لعرضه ومتابعته من قبل الكتلة.