تختلف الامور في لبنان عن باقي البلدان، حين يتعلق الأمر بالاحتفالات، ففي الافراح والاتراح، في الاعياد والمناسبات، وفي النجاح والرسوب، يحضر السلاح المتفلّت! إنّها قصة اطلاق النار ابتهاجاً او حزناً، وقصة السلاح المتفّلت في الشارع، وقصّة كل ضحية سقطت في لبنان جراء هذا الموضوع. لم يبخل الاعلام يوماً بالكلام عن الموضوع والتوعية، إلاّ انّ الامور باءت بالفشل. ها هي نتائج امتحانات الشهادة الرسمية المتوسطة صدرت منذ فترة، ومع انّها صدرت بعد منتصف الليل إلاّ انّ اللبنانيين احتفلوا في اليوم الثاني وبدأوا بالرصاص.
جمعية “Safe Side”، حاولت التوعية على طريقتها الخاصة حول هذا الموضوع. اذ انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، صورة تظهر حملة لشركة مرخصة ومختصة باطلاق الرصاص في المناسبات والاعياد. للاستفسار عن الموضوع ولمعرفة تفاصيل الحملة، حسين ياغي مؤسس الجمعية، اكّد انّ الجمعية خسرت احد الاصدقاء منذ حوالي الستة سنوات جراء الرصاص الطائش، فتأسست الجمعية بهدف التوعية من السلاح المتفلت”.
واضاف ياغي انّه ومنذ عدّة سنوات، توفيت طفلة صغيرة جرّاء الرصاص الطائش الامر الذي دفعه إلى الاعتصام في سوق بعلبك والاضراب عن الطعام. وقال ياغي: “اضربت عن الطعام واعلنت انني لن اتوقف عن اضرابي إلاّ عند ايصال رسالتي إلى “بي الكلّ”.
وتابع: “مش هوّ بيّ الكل؟ خلّي يعرف”. وهكذا حصل، فقد وصل الخبر إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون حينها عن طريق رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية كلودين عون روكز، وتحرّك حينها الرئيس ودعا إلى عقد اجتماع أمن فرعي في منطقة بعلبك. كما لفت ياغي إلى انّه تلّقى الكثير من التهديدات من المسؤولين عن مقتل الطفلة إلاّ أن هذا لم يمنعه من متابعة اضرابه واعتصامه.
وعن الصورة التي يتمّ التداول بها على مواقع التواصل، أعلن ياغي عن هدفيها، قائلا: “نشرت الصورة، وقلت انني سأنتظر ساعات وأعلن موضوعها، وذلك لهدفين، الاوّل لاثبات انّ الاخبار الكاذبة او التي تسيء بمنطقة ما او تشهّر بها، تتنتشر بسرعة، من دون ان يعود الناس إلى مصدرها ومن دون معرفة قصتها كاملة”، مستطردا بغصّة: “الحملة اللي عملناها ما وصلت، بس الاهانة وطق الحنق والكذب دغري بينتشر وبيوصل”. أما الهدف الثاني للصورة فمفاجئ بشكل ايجابي، إذ اطلعنا ياغي عن تفاصيل الحملة التي تمتدّ لثلاثة ايام، من اليوم وإلى نهار الاحد القادم في منطقة بعلبك، تحت اشراف “Safe Side”.
وفي التفاصيل، فإنّ اللافتة التي تظهر بالصورة موجودة في مهرجان الزهور الذي يقام في بعلبك، مع سلاح امامه يبدو حقيقياً، ومع اسعار للحفلات والمناسبات. وبعد لفت انتباه المواطنين، يتم عرض فيديو يظهر حالات الوفاة التي حصلت والضحايا التي وقعت من جراء الرصاص الطائش وألم الاهالي والامهات اثر هذه الكارثة، مع محامين يفسرّون الشق القانوني من الموضوع بحسب ما افاد ياغي. لا ذلك فحسب، تذهب الجمعية الى ما هو ابعد من ذلك، إذا انّه وفي نهاية جولة التوعية، يوّقع المواطنون على تعّهد بعدم اطلاق النار في المناسبات او عدم الاستعانة بأحد للقيام بذلك. خطوة لافتة وفريدة من نوعها، تقوم بها “Safe Side” في بعلبك، وتلاقي اعجاب وحضور منذ اليوم الاوّل، علّها هذه المرّة تكون مدويّة، وعسى ان تمرّ نتائج امتحانات الشهادة الرسمية الثانوية هذه السنة من دون وقوع اي ضحايا او اصابات.