عاد موضوع المصارف وودائع الناس إلى الواجهة من جديد، بعد الحديث عن قانون إعادة هيكلة المصارف… ويأتى هذا القانون في وقت تتجه الأنظار إلى أمور تعتبر أكثر أهميّة، كإنتهاء ولاية قائد الجيش جوزاف عون، وما يجري في المنطقة لناحية الحرب في قطاع غزّة.
بتاريخ 10/11/2023، راسل نائب رئيس حكومة تصريف الأعمال سعادة الشامي الامانة العامة لمجلس الوزراء، شارحاً أنه وصله مشروع القانون المتعلق باصلاح وضع المصارف في لبنان بنسخته الأخيرة، وطالب بإدراجه على جدول أعمال مجلس الوزراء.
معارضة القانون
يتكوّن مشروع القانون، الذي حصلت “النشرة” على نسخة منه، من 28 صفحة. وفي هذا الاطار يشير الخبير الاقتصادي ميشال فياض إلى أن “بعض النواب والبنوك وكبار المودعين يعارضون المشروع المقدم من لجنة الرقابة على المصارف، بحجة أنه لا يضمن عودة الودائع، ومع ذلك، فإن المشروع يتوافق مع المعايير الدولية”.
“يستند مشروع القانون إلى آخر يسمى قانون إعادة التوازن للانتظام المالي، والذي تم حظره في البرلمان لفترة طويلة لأنه ينص على استرداد الودائع التي تصل إلى 100000 دولار للمودع”. هذا ما يؤكده فياض، لافتاً إلى أنه “وفي حين أنه حتى مبلغ 100 ألف دولار يبدو معقداً أو حتى مستحيلاً، فإن النواب يعرقلون ذلك من خلال رغبتهم في أن يكون الضمان أعلى”، مشيراً إلى أن “مشروع القانون مشروط بإقرار مشروع قانون الكابيتال كونترول المتنازع عليه لمدة 4 سنوات، وتعديل قانون السرية المصرفية الذي تم تعديله مرتين ولكن دون تلبية مطالب صندوق النقد الدولي، لذلك سيكون من الضروري تعديله مرة ثالثة ولكن يواجه برفض من بعض النواب”.
شطب رؤوس أموال المصارف
وفقًا للمشروع، يشدد فياض عبر “النشرة” على أنه “سيتم شطب رؤوس أموال البنوك والمساهمين الحاليين فيها، وبالتالي فإنها ستتخلف رسميًا عن السداد أو حتى يتم إعلان إفلاسها”، مؤكداً في نفس الوقت أن ” مشروع القانون لا يتحدّث عن مسؤولية الدولة رغم أن المصارف أرادت ذلك”، مضيفاً: “تعارض البنوك والنواب مشروع القانون هذا ويريدون اسقاطه في مجلس النواب”.
لتطبيق القوانين الموجودة
أما الاستاذة في الجامعة اللبنانية في القانون المصرفي الدكتورة سابين الكيك، فتشير إلى أن “مهمة لجنة الرقابة على المصارف هي تطبيق القوانين الموجودة، ولا يجوز القول أن ليس هناك قوانين، أساساً كان عليهم واجبات حتى لا تصل المصارف إلى هنا”، لافتة إلى أنهم “يرمون الإتهامات على غياب التشريعات ونقص القوانين، وهذا لا يساعد على الخروج من الأزمة، بينما الحقيقة إذا لجأنا إلى تطبيق القوانين الموجودة يمكننا إعادة هيكلة المصارف”، مؤكدة أن “محاولة سنّ أي قوانين جديدة، قبل تطبيق القديمة، هي محاولة تغطية عن كلّ الارتكابات السابقة”.
أدوات الهيكلة موجودة
وتسأل سابين الكيك، عبر “النشرة”، عن أدوات إعادة الهيكلة غير الموجودة في القانون اللبناني؟ أليست قانون التصفية الذاتية، وضع اليد واعادة الدمج؟! لتعود وتؤكد أن “كلّ الأدوات موجودة وتطبّق على جميع الأزمات، واذا اعتقدوا أن مع سن قوانين جديدة يبدأ الحل يكونون مخطئين”، وتضيف: “أليست لجنة الرقابة على المصارف هي الجهة الناظمة لمراقبة عمل المصارف، فماذا فعلت”؟. لتختم بالقول “كل ما يسعون اليه هو عدم تحميل أصحاب المصارف المسؤوليّة الشخصية عن الأزمة التي نحن فيها اليوم”.
إذاً كلّ ما يقدّم اليوم من مشاريع قوانين تتعلّق بالمصارف، هو عملياً محاولة لمساعدتها على غسل يديها من الأزمة الحالية، فهل يسلك هذا القانون الطريق نفسه الذي سلكته بقية القوانين؟!.