قانون النقد والتسليف نحو التعديل: تفكيك صلاحية الحاكم وهيمنته المطلقة

بعد الشوائب التي كشفها تقرير التدقيق الجنائي في الأصول المحاسبية في مصرف لبنان، يعمل رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي على إدخال بعض التعديلات على قانون النقد والتسليف الذي وضع عام 1964. فما الخلل التي كشفه التدقيق الجنائي؟ وما التعديلات المطروحة على القانون؟

رأس ميقاتي أمس اجتماعاً للجنة المكلّفة وضع اقتراحات لتعديل قانون النقد والتسليف في السرايا، وشارك فيه وزير العدل هنري خوري، وزير المالية يوسف الخليل، الوزيران السابقان ابراهيم نجار وشكيب قرطباوي، الدكتور نصري دياب والخبراء عبد الحفيظ منصور، حسن صالح وغسان عياش.

واعلن خوري بعد اللقاء: «بحثت اللجنة في اقتراح أفكار جديدة لتعديل قانون النقد والتسليف. الأمور الأساسية في القانون لا تُمسّ، ولكن هناك بعض النقاط يمكن ان تطرأ عليها تعديلات تجميلية فقط».

في السياق، كشفت مصادر مشاركة في اللقاء لـ»الجمهورية»، انّ الاجتماع في السرايا كان تحضيرياً، بحيث من المتوقع ان تنطلق هذه اللجنة بعملها جدّياً اعتباراً من الاثنين المقبل. ووصفت المصادر جو الاجتماع بالمسؤول والممتاز. اضافت: «لا يزال من المبكر التصريح عن التعديلات المطروح ادخالها على قانون النقد والتسليف، لكن يمكن القول انّ هناك اجماعاً داخل اللجنة ورضى للإقدام على مثل هذه الخطوة»، مطمئنة الى انّ اللجنة تعمل بضمير بما هو لصالح الشأن العام.

تعديلات القانون

في سياق متصل، اعتبرت مصادر متابعة، انّ «التعديلات في قانون النقد والتسليف تنبع مما تكشّف، كيف انّ الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة استأثر بالسلطة وحده، بحيث انّه لم يكترث لا لمجلس مركزي ولا لغيره، معرّضاً النظام المالي اللبناني برمته للخطر. انطلاقاً من ذلك هناك حاجة لوضع ضوابط على عمل الحاكم».

ورداً على سؤال عن التخوّف من ان تؤدي الضوابط إلى شلّ عمل المجلس المركزي وضياعه بالمحاصصة والتجاذبات السياسية والطائفية، وفق ما يحصل في بقية المرافق العامة الأساسية في الشأن العام، تقول المصادر: «انّ هذا الواقع قائم للأسف راهناً، إذ في حال مانَع الشيعي يتوقف كل شيء وإذا «زعل» السنّي يُجمّد كل شيء… وهذا دليل على انّ التأثير السياسي على البنك المركزي كبير جداً». اضافت المصادر: «انّ كل القوى السياسية سلّمت أمرها للحاكم السابق رياض سلامة، ومتى ارادت ان تضع حداً لتصرفاته حالت الرغبات السياسية دون ذلك».

أما عن المقصود بإجراء تعديلات لقانون النقد والتسليف في ما يتعلق بالاصول المحاسبية قالت المصادر: «لا شك انّه حصلت «تخبيصات» كثيرة في حسابات البنك المركزي، حتى بات الحاكم يتصرّف بالمحاسبة وفق ما يراه مناسباً «ع ذوقه»، على سبيل المثال سجّل الخسائر على انّها موجودات، ثم حوّل الخسائر إلى ارباح نتيجة إصدار العملة، بحيث انّه اصدر عملة لتغطية الخسائر… وهو في النتيجة «ركّب دينة الجرّة كما يريد»، لذا نحن نرى بضرورة العمل على التشدّد في موضوع المحاسبة بشكل يحدّ من حرية التصرّف بهذا الشكل». وذكّرت المصادر انّ «الحاكم سلامة لطالما كان يقول انّ محاسبة البنوك المركزية تختلف عن محاسبة المصارف التجارية».

وتوقعت المصادر أن تعمل اللجنة المكلّفة وضع اقتراحات لتعديل قانون النقد والتسليف، والتي اجتمعت امس في السرايا على موضوع الحوكمة على مصرف لبنان، وان تضع مبادئ للمحاسبة الصحيحة، وان تعمل على تصحيح العلاقة بين حاكم مصرف لبنان والمؤسسات التالية غير السليمة، فعلى سبيل المثال هل يجوز ان تكون لجنة الرقابة على المصارف تابعة للحاكم نفسه؟ هل يُعقل ان يرأس الحاكم هيئة التحقيق الخاصة؟ كذلك هو يرأس الهيئة المصرفية العليا والمجلس المركزي لمصرف لبنان». وشبّهت المصادر موقع وصلاحيات الحاكم المركزي بأسطول كبير مكوّن من سفينة واحدة، متى انضربت هذه السفينة يغرق الاسطول بأكمله، انطلاقاً من ذلك يجب تفكيك هذه التركيبة التي كانت قائمة والتي اودت بالبلاد الى الكارثة.

ورأت المصادر، انّ «هناك بعض التعديلات التي لا يمكن التنازل عنها، أهمها استقلالية لجنة الرقابة على المصارف. فعلى سبيل المثال لو كان هذه اللجنة مستقلة كانت منعت تطبيق قرار المصرف المركزي بإلزام المصارف ان تضع 70% من موجوداتها لديه، ولما كنا وصلنا الى الأزمة التي نحن فيها اليوم».

 

مصدرالجمهورية - ايفا ابي حيدر
المادة السابقةعن “شطحة” الوزير… الكهرباء الى الأسوأ!
المقالة القادمةشمس الدين:كيف أهدرت الحكومة مليار دولار خلال عامين من حقوق السحب الخاصة