موّل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الدولة، في السنوات الماضية، بطرق مختلفة ولربما “غير معروفة”. تقلّص الاحتياطي ولا أحد يعرف ما الذي حصل فعلياً، أكثر من ذلك علينا انتظار الايام المقبلة، لمعرفة ماذا سيحصل بعد استلام نائب الحاكم الاول وسيم منصوري مهام الحاكم لتسيير أمور المرفق العام، ولكن الخطوة الأولى، كانت بإعلان رفض اقراض أو تمويل الدولة من الاحتياطي دون تشريع ذلك، أيّ إصدار قانون في مجلس النواب.
المعلومات تشير إلى أن منصوري أبلغ رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بالمسألة، وذهب أبعد من ذلك ليشير إلى أنّ رواتب القطاع العام ستدفع بالليرة وليس بالدولار، ولكن السؤال بداية: هل فعلاً يستطيع منصوري التوقف عن اقراض الدولة؟.
قانون النقد والتسليف واضح وتتحدث المادة 91 منه عن هذا الأمر، حيث تشير إلى أنه “في الظروف استثنائية أو في حالات الضرورة القصوى، إذا ما ارتأت الحكومة الاستقراض من المصرف المركزي تحيط حاكم المصرف علماً بذلك”. وتضيف المادة 91: “يدرس “المركزي” مع الحكومة امكانية استبدال مساعدته بوسائل أخرى، كإصدار قرض داخلي أو عقد قرض خارجي أو إجراء توفير في بعض بنود النفقات الأخرى أو ايجاد موارد ضرائب أخرى… وفقط في الحالة التي يثبت فيها أنه لا يوجد أيّ حل آخر، وإذا ما أصرّت الحكومة، مع ذلك، على طلبها، يمكن للمصرف المركزي أن يمنح القرض المطلوب. وحينئذ يقترح على الحكومة، إن لزم الأمر، التدابير التي من شأنها الحدّ مما قد يكون لقرضه من عواقب اقتصاديّة سيّئة خاصة الحد من تأثيره في الوضع الذي أعطى فيه، على قوة النقد الشرائية الداخلية والخارجية”.
“إذا رفض الحاكم الأول لمصرف لبنان تمويل الدولة فهي حكماً ستكون مجبرة على القيام بالاصلاحات اللازمة والتفاوض مع صندوق النقد الدولي”. هذا ما يشير اليه الخبير الاقتصادي ميشال فياض عبر “النشرة”، مؤكّداً في نفس الوقت أنه “لا يجوز تمويل الدولة من احتياطيّات مصرف لبنان بالدولار، لأنّ هذه هي آخر دولارات المودعين والتصرف بها غير قانوني”، شارحاً أن “المادة 91 من قانون النقد والتسليف واضحة لناحية عدم توفير التمويل الاستثنائي بالليرة، وبالتالي فإن هذا الأمر من شأنه أن يولد المزيد من التضخم المفرط”. هنا أيضاً أكّدت مصادر اقتصادية أنه “بحسب نص قانون النقد فإنه يُمكن لمنصوري اقراض الدولة ولكن في حالات استثنائية فقط ويسمح له أيضاً رفض اقراضها”، لافتة إلى أن “الذي سيتأثر بشكل أساسي هو القطاع العام وبالتالي سيتحوّل الموضوع الى اجتماعي بحت”.
وتذهب المصادر أبعد من ذلك لتلفت إلى أنه “في كلّ دول العالم التي يحصل فيها ما يجري حالياً، تحصل انقلابات وتأتي سلطة جديدة تدير شؤون البلاد، ولكن ورُغم أننا في الانهيار منذ أكثر من ثلاث سنوات فانّ الاجراءات التي اتّخذتها الدولة لا تذكر، وبالتالي يمكن تشبيه حالتها بالمريض الذي يدرك مرضه ولكن لا يتناول الدواء، وهنا حكماً حالته ستسوء”.
إذاً، علينا إنتظار الأيام المقبلة لمعرفة ما سيحصل في مسألة الاقراض، فهل يرضخ منصوري ويعود إلى التمويلها دون تشريع، أم أنّ هناك خطّة “ب”؟!.