قبرص تتخلّى عن حلم مركز الطاقة: مصر بوابة نقل الغاز إلى أوروبا

يحول فقر البنية التحتية دون تحقيق حلم قبرص بالتحوّل إلى مركز للطاقة في شرق المتوسط، ما يدفعها إلى الاعتماد على مصر في تصدير الغاز المكتشف في حقولها البحرية إلى أوروبا.

واعترف وزير الطاقة جورج باباناستاسيو خلال مؤتمر ومعرض شرق البحر الأبيض المتوسط (EMC 2023) الذي انتهت فعالياته الخميس الماضي أن قبرص لا يمكن أن تصبح مركزاً للطاقة في شرق البحر الأبيض المتوسط، لأنها تفتقر إلى البنية التحتية اللازمة. وقال المسؤول: «أعتقد أنه بالنظر إلى سجلها الحافل، فإن مصر تتفوّق بفارق كبير على قبرص في موارد الغاز الطبيعي وبسبب البنية التحتية المستخدمة بالفعل».

وتُعَدّ مصر الدولة الوحيدة التي تمتلك محطات إسالة في شرق المتوسط؛ إذ تعدّ محطات إسالة الغاز في دمياط وإدكو من أهم الركائز الرئيسة في التسهيلات والبنية التحتية التي تمتلكها مصر لتجارة وتداول الغاز الطبيعي؛ وتفوق قدراتهما الإنتاجية 12 مليون طن سنوياً.

نقل الغاز إلى أوروبا

قال باباناستاسيو حول اكتشافات الغاز البحرية إن الخيار الأفضل يظلّ هو نقل الغاز إلى مصر، إما للاستهلاك المحلي هناك وإما لإعادة تصدير الغاز ونقله إلى أوروبا. ويمثل موقف الوزير القبرصي خروجاً عن الخطاب الذي سمع على نحو متقطع على مدى العقد الماضي، بعد أن تحدث وزير الطاقة السابق يورجوس لاكوتريبيس، في عام 2013، لأول مرة عن أن الجزيرة أصبحت مركزاً إقليمياً للطاقة.

وكانت المشاورات حول إنشاء خط أنابيب غاز شرق المتوسط، الممتدّ بطول ألفي كيلومتر، الذي يهدف إلى ربط حقول الغاز الإسرائيلي بأوروبا مروراً بقبرص واليونان، وصولًا إلى أوروبا، قد بدأت منذ ما يقرب من 10 سنوات، مع طرح دعم الاتحاد الأوروبي مالياً له بصورة جزئية، إلا أنه واجه عدة تحديات قد تحول دون تنفيذه. وعدّلت الحكومة القبرصية، التي وصلت إلى السلطة في آذار 2023، من خطّتها لتكون ممراً لصادرات الطاقة إلى أوروبا، مكتفية بمشروع يستهدف تأمين احتياجاتها من الغاز شرق المتوسط.

وبدلاً من خط أنابيب شرق المتوسط بطول 2000 كيلومتر (1243 ميلاً) إلى أوروبا، تقترح الحكومة الجديدة خط أنابيب أقصر بكثير يربط قبرص بالحقول قبالة إسرائيل، وبمجرد وصوله إلى نيقوسيا، يمكن تحويل الغاز الطبيعي إلى غاز مسال، ثم شحنه إلى أوروبا. وتحدث باباناستاسيو عن «تحويل الغاز إلى كهرباء»، وهي خطة الحكومة القبرصية التي تتضمّن إجراءات لإعادة تشكيل مزيج الطاقة في الجزيرة.

وأشار إلى أنه سيتم استيراد الغاز المسال لتوليد الكهرباء للسوق المحلية عبر الشركة العامة للغاز الطبيعي، بينما ستزيد قبرص إنتاجها من الطاقة المتجدّدة.

إكتشافات الغاز

قالت رئيسة شركة الهيدروكربونات القبرصية تولا أونوفريو، إنه تم حتى الآن اكتشاف نحو 15 تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي في 5 حقول منفصلة قبالة شاطئ الجزيرة.

وأضافت أن 4 من الاكتشافات الخمسة، كاليبسو وكرونوس ودياس في مربع 6، بالإضافة إلى اكتشاف غلافكوس بمربع 10 في مرحلة التقييم حالياً.

وشدّدت على أن حقل أفروديت الواقع في مربع رقم 12 هو في مرحلة «الاختيار»، تمهيداً لبدء الإنتاج، حسبما ذكرت صحيفة قبرص ميل (cyprus-mail).

وشهدت مفاوضات تطوير حقل أفروديت للغاز بعض المرونة مؤخراً؛ ما قد يصبّ في صالح مصر، بعد أن انتهت المفاوضات مع تحالف الشركات العالمي بقيادة شيفرون (Chevron) الأميركية إلى قبول مقترح تعديل خطة التطوير.

وتتضمّن الخطة المحدّثة للتحالف الذي يدير حقل أفروديت، والمقدّمة في 31 أيار 2023، والتي رفضتها قبرص في السابق، إنتاج الغاز الطبيعي من خزان أفروديت ومعالجته من خلال إنشاء خط أنابيب تحت البحر وربطه بالبنية التحتية البحرية والبرية الحالية في مصر، دون إنشاء منشأة عائمة للإنتاج والمعالجة، ضمن منطقة الخزان.

وترى شيفرون، التي وقّعت، خلال العام الماضي، مذكرة تفاهم مع مصر للتعاون في أنشطة نقل غاز شرق المتوسط واستيراده وإسالته وتصديره عبر القاهرة، أن الخطة الجديدة ستخفّض تكاليف التطوير المقدّرة في الأصل، وتُعجِّل ببدء إنتاج الغاز الطبيعي من الخزان نتيجة استعمال البنية التحتية الحالية في مصر.

كما ترى أن ربط حقل أفروديت بخطّ أنابيب يمتد إلى القاهرة، يمكّن الشركاء من بيعه في السوق المحلية المصرية، أو تسييله وإعادة تصديره إلى أوروبا المتعطشة للغاز من مصادر بديلة لروسيا، بعد حربها على أوكرانيا.

وتمتلك شركة نيوميد الإسرائيلية 30% من حقل أفروديت، بينما تسيطر شركتا شيفرون -مشغّل المشروع- وشل على حصة 35% لكل منهما. (موقع الطاقة)

 

المادة السابقة%208 التضخّم في سنة
المقالة القادمةالجاسر في افتتاح «آيكان 2023»: «رؤية 2030» تؤثر في كل قطاع