لا يبدو واقع مرفأ صور أفضل من باقي المرافئ اللبنانية على طول الساحل اللبناني، إذ لاحقته كغيره من مرافئ الاطراف وعود وخطط وزراء الاشغال العامة والنقل المتعاقبين في الحكومات السابقة، وعلى مدى عقود لكنها بقيت حبراً على ورق، من دون اي تنفيذ، فيما كشف انفجار مرفأ بيروت الكارثي قدرته المحدودة في المساندة، إلا إذا صرفت أموال طارئة، لتنفيذ خطة تطويره سريعاً في اطار الإنماء المتوازن بين المناطق وتكامل مرافئها.
لا يبدو واقع مرفأ صور أفضل من باقي المرافئ اللبنانية على طول الساحل اللبناني، إذ لاحقته كغيره من مرافئ الاطراف وعود وخطط وزراء الاشغال العامة والنقل المتعاقبين في الحكومات السابقة، وعلى مدى عقود لكنها بقيت حبراً على ورق، من دون اي تنفيذ، فيما كشف انفجار مرفأ بيروت الكارثي قدرته المحدودة في المساندة، إلا إذا صرفت أموال طارئة، لتنفيذ خطة تطويره سريعاً في اطار الإنماء المتوازن بين المناطق وتكامل مرافئها.
يكتسب ميناء صور أهمية استراتيجية في موقعه الجغرافي، وتبلغ مساحته نحو 18 ألف متر مربع تقريباً، ويحتوي على رصيفين يعملان حالياً، الاول بطول 15 متراً وعمق 7 امتار والثاني بطول 40 متراً وعمق 6 أمتار، ويستقبلان البواخر الصغيرة والمتوسطة الحجم، المحملة عادة بالسيارات من بعض الدول الاوروبية، وبالقمح من دول متعددة، فيما يقوم “ونش” متحرك بافراغ الحمولة من دون وجود اي “هنغارات” او مستودعات، إذ ان كل المساحة الجمركية مكشوفة باستثناء بعض المباني القديمة التي تستخدم في العملية الادارية والامنية والجمركية.
خطة وانتظار
في العام 2008، أعلن وزير الأشغال والنقل الأسبق محمد الصفدي عن خطة لتطوير المرافئ على طول الشاطئ اللبناني وبقي مرفأ صور ينتظر دوره، بينما في عهد الوزير السابق يوسف فنيانوس عام 2019 أضاف الى خطة التطوير ضرورة تجانس نشاط المرافئ الكبرى وتكامل خدماتها، واعتماد سياسة نقل بحري وملحقاتها وتوابعها عبر تطوير مرفأ بيروت واستكمال تطوير مرفأ طرابلس، وتضمنت الخطة تطوير مرفأي صيدا وصور ولكن بهدف “تنشيط دوريهما السياحي”، بعدما ألحق بالخطة إنشاء مرفأ “ترانزيت” في الناقورة، فيما بقي ميناء عدلون مخصصاً لحركة الصيد، إذ ان المساحة بين “الـسنسولَين” فيه ضيقة ولا تسمح بدخول باخرة ولو صغيرة الحجم، كما أن عمق أحواضه لا يتجاوز خمسة أمتار.
وخلال السنوات الماضية، تعرض مرفأ صور للكثير من الاضرار الطبيعية وخصوصاً في فصل الشتاء، من دون إيلاء الدولة الاهتمام الكافي لصيانته، فكانت العواصف تضربه وتجبره على الاقفال قسراً أمام حركة الملاحة التي تقتصر في الأساس على البواخر الصغيرة أو المتوسطة الحجم.
تكامل المرافئ
اليوم وبعد انفجار مرفأ بيروت الكارثي، وفي إطار خطة التكامل بين المرافئ التي أعلنتها وزارة الأشغال العامة والنقل وتوزيعها بين مرافئ الاطراف، لم يستقبل مرفأ صور أي باخرة محوّلة من بيروت كما حال مرفأ صيدا الذي استقبل باخرتين محملتين بأكثر من 11 الف طن من القمح، وهو ينتظر دوره بعد تأكيد الوكلاء البحريين انه قادر على استقبال البواخر المتوسطة الحجم.
ويؤكد مدير المرفأ علي خليفة لـ “نداء الوطن”، ان الميناء على حاله منذ سنوات عديدة ولم يطرأ عليه اي تطوير، فيه رصيفان ويمكنه استقبال باخرتين، وعملية التفريغ تتم بواسطة “ونش متحرك”، هو قادر على القيام بالمهمة الموكلة اليه سريعاً لجهة التفريغ والنقل المباشر من حوضه”، كاشفاً انه “أعد خطة لتطوير المرفأ وعرضها على وزيري الاشغال والنقل والصناعة ميشال نجار وعماد حب الله ومدير عام النقل البري والبحري عبد الحفيظ القيسي، الذين تفقدوا المرفأ قبل استقالة الحكومة واطلعوا على واقعه واحتياجاته”.
وأوضح ان “الخطة طويلة الأمد وتتضمن ردم المرفأ للاستفادة من المزيد من المساحات، إنشاء كاسر موج يقي البواخر من العواصف القوية والامواج العاتية، اعادة بناء الابنية الادارية والامنية والجمركية لانها باتت متهالكة، والاهم تعميق الاحواض لتصل الى عشرة امتار، كي تستطيع استقبال البواخر الكبيرة، وهذه الاخيرة يمكن القيام بها سريعاً لانها لا تحتاج الى وقت طويل وكلفتها المادية مقبولة وتقدر بنحو 5 مليارات ليرة لبنانية، فيما كلفة الخطة الكاملة تقدر بأكثر من 30 مليون دولار اميركي”، مشدداً على ان “مرفأ صور جاهز لمساندة بيروت المنكوبة بكل طاقته وقدرته، واذا نفذت بنود من الخطة سريعاً نستطيع استقبال اربع بواخر في اطار التكامل مع باقي المرافئ وتخفيف الضغط على مرفأ بيروت ريثما تتم اعادة بنائه وتأهيله”.
رفع الغبن
وما قاله خليفة، أكد عليه نواب منطقة صور الذين شاركوا في الجولة الوزارية التفقدية، والذين طالبوا برفع الغبن الذي لحق بالمرفأ، بعد اهماله سواء على مستوى الامكانات أو التجهيزات أو مستوى التوسعة واستقبال البواخر التي تحتاج إلى مرسى يكون ذات عمق أكثر في المياه، وأن “اللحظة التاريخية والمناسبة أتت، ليكون رافداً ومساعداً لمرفأ بيروت فيما لو تعطل كما حصل في هذه الكارثة”، فيما أكد الوزير نجار “إستراتيجية التكامل بين جميع المرافئ على قاعدة انه لكل منطقة عناصرها وتخصصها وميزاتها التنافسية، ويجب ان تتنافس نحو الأفضل للبنان وخدمة الوطن”.
خلصت الجولة، وانقشع غبار انفجار بيروت على واقع، وأصبحت خطة تطوير المرفأ في صور جاهزة، فهل تنفذ أم تبقى على الورق فقط مع تزايد الحاجة له لما يشكله من قيمة مضافة للمنطقة وللبنان ككل، ناهيك عن “ضرورة الإلتفات الى مرفأ الناقورة”.