«ضربتين ع الراس بتوجع». يكاد يختصر هذا المثال حال قطاع طب الأسنان الذي يعيش، اليوم، تحت وطأة أزمتين مستفحلتين: الأزمة الاقتصادية والمالية وأزمة «كورونا». منذ عامٍ تقريباً، يئن القطاع من خسائر مضاعفة، خصوصاً مع تصنيف تقارير عالمية مهنة طب الأسنان كـ«الأكثر خطورة» في ظل الجائحة. وهو ما أوصل الأطباء إلى حافة «الوضع الحرج»، على ما يقول نقيب أطباء الأسنان في بيروت، الدكتور روجيه ربيز.
أسباب عدة لمشكلة هؤلاء تتساوى في الأهمية. فمن ناحية، أدى تفشّي فيروس كورونا إلى إقرار فترات إقفال طويلة أسهمت في تراجع أعمالهم واضطرارهم إلى إقفال عياداتهم. وحتى خلال فترات العودة التدريجية، لم تعد «الحياة» إلى تلك العيادات، إذ أثّر الفيروس أيضاً على شكل العلاقة بين الأطباء والمرضى، وهي علاقة بات يحكمها خوف متبادل: قلق كثير من الأطباء من التقاط العدوى «خصوصاً أن العمل يجري في فم المريض، وهو مصدر أساس لانتشار العدوى»، بحسب نقيبة أطباء الأسنان في طرابلس رلى ديب
الشق الآخر من المعاناة يعود الى تداعيات الأزمة الاقتصادية – المالية وانهيار سعر صرف الليرة الذي أثر بشكلٍ كبير على أسعار المواد والمستلزمات الطبية «المستوردة بمعظمها، من أبسط المواد، مثل الكفوف، إلى المواد التي تزيل الألم وتعالج الأسنان». وهذه، في رأي ديب، «ضربة قاضية للقطاع».
يشير ربيز إلى أنه كانت هناك محاولة للتخفيف من هذا الثقل، من خلال «العمل مع وزارة الصحة على إعداد لائحة بالمستلزمات الأساسية جداً والتي تشكل 20% تقريباً مما يستعمله أطباء الأسنان لدعمها، إلا أننا لم نحصّل شيئاً»، باستثناء بعض مواد البنج التي طالها الدعم، وهي – بحسب النقيبين – غير كافية
اليوم، «المعركة معركة وجود، هل نبقى أم لا؟»، يقول ربيز. وكلامه مبني على عدد «المنسحبين» من القطاع. لا أرقام دقيقة لديه لمغادري القطاع قسراً، إلا أنه يجزم بأن «كل من سمحت له الظروف والفرص بالرحيل ترك البلاد، وعدد هؤلاء كبير». أما بالنسبة إلى ديب، فلا مبالغة في القول إن «نحو 25% من الأطباء في طرابلس هاجروا أو يُعدّون أنفسهم للهجرة».