إنتفض أصحاب المصالح للحفاظ على مصالحهم في غمرة تخبط نيابي وتشريعي بشأن كيفية صياغة النص الخاص بفرض ضريبة استثنائية على الارباح الاستثنائية التي حققتها الشركات خلا فترة الدعم الذي بدأ به الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة اعتباراً من تشرين الاول 2019، عندما قال ان ما تبقى من دولارات سيخصص للمواد الحيوية، وشرع في منح التجار المستوردين دولارات بسعر 1500 ليرة ثم 3900 بينما كان سعر السوق السوداء يرتفع يومياً.
وأكد متابعون ان المخالفات والتجاوزات التي ارتكبت لا تعد ولا تحصى، والاطراف المعنية هي : الشركات التجارية، مصرف لبنان، وزارات المالية والاقتصاد والطاقة، بالاضافة الى الجمارك وجهاز أمن الدولة الذي كلف بمكافحة استغلال أموال الدعم في زيادة الاسعار والتهريب والتخزين.
واضاف معنيون ان كمية الاستيراد التي سادت خلال فترة الدعم كانت اعلى من المتوسط السنوي العام قبل الازمة، كما هي اعلى من المتوسط العام الذي عادت اليه بعد انتهاء الدعم. ما يعني ان استغلالا حصل بالفعل، لتبقى كيفية فرض ضريبة على الربح الاستثنائي الاستغلالي. وتجري في الخفاء مفاوضات تقودها شركات النفط التي تهدد بالاضراب وتحاور الحكومة والنواب في الكواليس… وهناك صيغة مطروحة للتسوية على قاعدة: لا يموت الذئب ولا يفنى الغنم.
نص المقترح الأساسي قدمته كتلة اللقاء الديمقراطي
وكان نواب كتلة اللقاء الديمقراطي اقترحوا في الساعات الاخيرة لجلسة اقرار الموازنة الجمعة الماضي ضريبة بنسبة 17% ثم حصلت اقتراحات اخرى: 3 و5 و7%، الى ان استقر الرأي على نسبة 10% .
وجاء في النص الاساسي المقترح ما يلي: تخضع الايرادات التي حققتها الشركات والمؤسسات التجارية التي استفادت من دعم السلع لضريبة استثنائية إضافية نسبتها 17%، إذا كانت هذه الايرادات داخلة ضمن أرباح مكلفين خاضعين للتكليف بضريبة الدخل على أساس الربح الحقيقي، تعتبر الضريبة الاستثنائية المسددة عبئاً ينزل من إيراداتهم. إذا كانت هذه الايرادات عائدة الى مكلفين خاضعين للتكليف بضريبة الدخل على أساس الربح المقطوع تضاف قيمتها الصافية بعد حسم الضريبة الاستثنائية الى الايرادات السنوية ويطبق عليها معدل الربح المقطوع لاستخراج الربح الصافي الخاضع لضريبة الباب الأول. يلتزم جميع المكلفين الخاضعين لهذه الضريبة التصريح عن هذه الضريبة وتسديدها خلال مهلة أقصاها ثلاثة أشهر من تاريخ نشر هذا القانون، ويتوجب على المخالف غرامات التحقق والتحصيل المنصوص عليها في قانون الاجراءات الضريبية. على الدوائر الضريبية المختصة تدقيق أعمال المؤسسات والشركات التي استفادت من الدعم وإصدار التكاليف الضريبية خلال مهلة أقصاها سنة من انتهاء مدة الثلاثة أشهر المشار اليها أعلاه، وفي حال تبين ان السلع المدعومة لم يتم بيعها بأسعار مدعومة في لبنان، توجب عليها إحالة المؤسسات والشركات المعنية الى النيابة العامة المالية، ولا يمكن للشركات والمؤسسات التي استفادت من الدعم الإدعاء بالسرية المصرفية لعدم اطلاع موظفي الإدارة الضريبية على الحسابات المصرفية لدى المصارف عن السنوات التي حصل الدعم خلالها، يفتح اعتماد سنوي في موازنة وزارة المالية يعادل قيمة المبالغ المحصلة من تلك الضريبة في السنة السابقة، ويُخصص هذا الاعتماد لإيفاء أموال المودعين المودعة بالعملات الأجنبية لدى المصارف العاملة في لبنان بتاريخ سابق لـ 2019/10/18. وتحدد دقائق تطبيق هذه المادة عند الاقتضاء بقرار يصدر عن وزير المالية.
الهيئات الإقتصادية: هذه الضريبة غير عادلة ومجحفة في حق المؤسسات الشرعية
أصدرت الهيئات الإقتصادية اللبنانية بياناً بعد إجتماع طارئ لها بحثت في خلاله موضوع فرض ضريبة على الشركات التي تعاطت في موضوع الدعم، أعلنت فيه معارضتها هذه الضريبة كونها غير عادلة ومجحفة في حق كل المؤسسات الشرعية التي تعاطت بشفافية وطبقت كل مندرجات آلية الدعم التي أقرتها الحكومة ووزارة الإقتصاد والتجارة بهذا الشأن.
وعَبَّرَت الهيئات الإقتصادية عن تأكيدها «على مبدأ «لا رجعية القوانين» وريبتها من تمرير مثل هذا البند ضمن موازنة العام 2024 وذلك بعد مرور أكثر من سنة ونصف السنة على وقف الدعم من جهة، ومن جهة ثانية قبل دراسته دراسة وافية بكل أبعاده والنتائج التي ستترتب عنه على مختلف المستويات»، مشيرة الى أنه «بدلاً من ملاحقة التهريب والمهربين والمتهربين، تذهب السلطة الى ضرب الإقتصاد القانوني والملتزم، وكأن المطلوب الإمعان في سياسات إفقار اللبنانيين».
وإذ حذرت الهيئات الإقتصادية من «أن الإرتجال والشعبوية اللتين طبعتا أداء السلطة في الفترتين الماضية والراهنة لم ينتج عنهما إلا المزيد من الضرر والخراب. وما هذه الضريبة الجديدة إلا غيض من فيض السلطة في هذا الإطار»، ونَبَّهت الى «أن أول من سيتأذى من هذه الضريبة هو الإقتصاد الوطني والمؤسسات الشرعية التي التزمت بآليات الدعم بشكل شفاف، فضلاً عن الفوضى التي ستنتج عنها في الأسواق والإرباك لدى المؤسسات على إختلافها والمواطنين، في وقت الجميع بغنى عن أي مشكلة إضافية «لأنو يلي فينا مكفينا».
شركات النفط: تهديد بالإضراب وحرمان الأسواق من المحروقات
وعقد رئيس «تجمّع الشركات المستوردة للنفط» مارون شماس مؤتمراً صحافياً ظهر أمس الإربعاء في مقرّ التجمّع، أوضح فيه أن «قرار الإقفال ليس سهلاً وهذا هو الحلّ الأخير بالنسبة إلينا رغم أنّه ليس مستَحباً».
هذا واعتبر شمّاس أنّ «القانون الصادر حول الضريبة الإستثنائية على الشركات المستفيدة من الدعم، لا يُمكن تطبيقه ولا نريد أن نضرب هذا القطاع ولا يُمكن معاقبة الشركات الملتزمة بالقوانين، كما أننا لا نغطّي أحداً»، لافتًا إلى أنّ «فرض 10% على الشركات، يعني إلزامها بدفع 350 مليون دولار في السنة، أي 700 مليون دولار/ سنتين. فمن أين للشركات هذا المبلغ؟
وررجّح شماس أن «هذا القانون هو نتيجة قرار متسرع، واتُّخذ بدون إجراء دراسة شاملة. لذا، يجب تصحيح ها الخطأ بأسرع وقت ممكن، لتجنب معاناة المواطنين والشركات».
وردًّا على سؤال عمّا إذا كان تسليم المحروقات سيتوقّف، أوضح أنّ «الجواب في مجلس النواب، فإذا وُجدت النيّة يجب أن تُترجم»، كما دعا إلى «محاسبة المهرّبين بدل الملتزمين بالقانون»، مشدداً على أنّ «آخر ما يريدونه هو التوقف عن العمل».
ومن باب التخفيف من حدة الشائعات، أشار شماس إلى أنّ «المحطات ستستمرّ في بيع المحروقات حتّى انتهاء المخزون لديها»، موضحاً أن «الهدف من قرار عدم تسليم المحروقات اليوم هو التوعية على خطورة قانون هذه الضريبة وأن تتحرّك السلطات الرسميّة، فالموضوع في ملعبها وليس عندنا».
وتوجّه شماس إلى المواطنين طالبًا منهم «عدم المبالغة وتضخيم الأمور، نحن، كشركات مستوردة، مسؤولين ولن نقبل بتطور الأمور نحو هذا الإتجاه وإقفال شركاتنا»، كما دعاهم إلى «التحرك أيضاً ورفض تطبيق القرارات الخاطئة وغير المنصفة».
ومن جهته، أشار رئيس إتحاد نقابات العاملين في قطاع الغاز والتنقيب في لبنان مارون الخولي إلى أن «هناك إشكالية حول مسألة التصويت، وحول ماهية القانون وهدفه ومن يستهدف بالتحديد والقيمة المفروضة. وعلينا أن نرى أولاً ما إذا تم التصويت عليه وكيف» خصوصا وان العديد من النواب الذين صوتوا عليه لا يعرفون النقاط التي اشرنا اليها .
ويضيف الخولي خلال حديثٍ مع صحيفة «نداء الوطن»، «ثانياً، في ما خص مسألة وضوح القانون، هل صحيح أن النواب اتفقوا على غرامة أم لا، إذ لا شيء يسمى «غرامة» ما لم يكن هناك مخالفة. لا وجود لقانون ينص على دفع غرامة وبالتالي يجب فرض رسوم» .
ويتابع الخولي: «النقطة الثالثة الأساسية تتمحور حول الدعوة الى مفعول رجعي، فلا وجود لنص قانوني يحفظ ما يسمى بالمفعول الرجعي. لذلك، المطلوب توضيح أكثر للقانون في ما يتعلق بنسبة الـ 10%، هل هي مفروضة على الارباح أم على مجمل البيع؟ هذه النقطة غير واضحة، لأن المسألة تختلف كثيراً بين فرضها على الأرباح أو على قيمة البضاعة» وهنا نتكلم عن مئات الملايين من الدولارات.
ويسأل الخولي: «هل المقصود بهذا القانون ملاحقة مَن هرّب البنزين والمازوت خارج لبنان إلى سوريا؟ لأن في حال كان المقصود هؤلاء، عندها يجب إجراء تحقيق قضائي ولا حاجة الى قانون. القضاء فقط يحق له فتح هذه الملفات». ويستطرد: «إذاً القانون من حيث الشكل، مُبهَم وغير واضح» .
ويعتبر أنّ «نقزة» شركات النفط من الموضوع طبيعية لأن من غير المنطق أن يصار الى فرض دفع ضريبة بنسبة 10% على أي قطاع بين ليلة وضحاها»خصوصا وانها تصبح هناك ازدواجية ضريبية علماً ان الشركات تدفع ضريبتها .
ويختم الخولي متسائلاً: «مَن المستهدف من هذا القانون؟ علمياً، برأيي هذا تخبيص قانوني وقرار عشوائي يتطلب إعادة النظر والتنظيم».
مستوردو المواد الغذائية: إستهجان وتحفظ على هذه الضريبة
وأعلنت نقابة مستوردي المواد الغذائية برئاسة هاني بحصلي في بيان، استهجانها وتحفظها «الشديد على المادة القانونية الواردة في موازنة العام 2024 والتي تستحدث ضريبة على الشركات التي استفادت من سياسة الدعم».
واعتبرت أن «هذه الضريبة مجحفة وغير عادلة وهي تصيب الجميع من دون إستثناء لا سيما الشركات الشرعية التي طبقت بشفافية آلية الدعم بكل مندرجاتها».
وإذ استغربت «توقيت إعادة فتح هذا الملف بعد حوالى سنة ونصف على توقف الدعم»، حذرت من أن «مثل هذه التوجهات من شأنها أن تضرب الإقتصاد الشرعي وتصيب المؤسسات الشرعية في مقتلها خصوصاً تلك التي التزمت التزاماً مطلقا بكل مندرجات آلية الدعم التي وضعتها الحكومة ووزارة الإقتصاد والتجارة ومنها تقديم البيانات المفصلة بعناصر الكلفة وسعر البيع وتقديم لوائح تتضمن الجهات والمؤسسات التي استلمت البضائع، وهذه البيانات موجودة في وزارة الإقتصاد ومصرف لبنان».
وذكرت النقابة بأنها «منذ بدء إطلاق سياسة الدعم وحتى وقفه، كانت تحذر من أن مثل هذه السياسة ستؤدي حتماً إلى الكثير من الهدر وحتى الفساد، وكذلك عدم وصول المواد المدعومة إلى أهدافها والى الكثير من أصحابها الحقيقيين الذين يحتاجونها. وهي بناء على ذلك طالبت في كل بياناتها الصادرة حينها وبتكليف من الشركات المستوردة للمواد الغذائية، بضرورة وقف آلية دعم السلع والذهاب إلى دعم المواطن المحتاج بشكل مباشر، عبر تقوية وتطوير شبكات الأمان الإجتماعي».