صحيح ان اسعار المحروقات ارتفعت فزاد سعر صفيحة البنزين من 77500 ليرة الى 128200 والمازوت من 58500 ليرة الى 98800 ليرة الا ان الحصول عليهما لا يزال صعب المنال، بينما يتوفران في السوق السوداء وعلى عينك يا دولة، وبأسعار مضاعفة عن تلك المتوقعة متى تحرر سعرها بالكامل، الا ان التجار يعتمدون اسعار السوق السوداء في التسعير، حالياً، يشتري أصحاب الشركات والمؤسسات والمصانع طن المازوت بما لا يقل عن 20 مليون ليرة من السوق السوداء ويسعّرون على هذا الاساس بينما سعره الرسمي 600 دولار أي حوالى 12 مليون ليرة وغير متوفر. فهل يعقل ان تتراجع أسعار السلع متى تحررت أسعار المحروقات طالما التسعير اليوم يتم بالاستناد الى أسعار السوق السوداء؟
يقول نقيب مستوردي السلع الغذائية هاني بحصلي صحيح ان أسعار المحروقات ارتفعت لكننا حتى الساعة لم نتمكن من الحصول عليها وفق الأسعار الرسمية فالمازوت متوفر في السوق السوداء فقط، أما تعبئة البنزين للفانات لزوم توزيع البضائع فتتطلب مقابل كل يوم عمل، يوما امام محطات المحروقات لتعبئة الوقود. وتالياً، انّ ارتفاع الأسعار نتيجة هذه التطورات سيحصل إلاّ ان نسبة الزيادة تختلف من شركة الى أخرى، إذ لدى بعض الشركات برادات تعمل ليلا ونهارا للمحافظة على جودة المنتج ولهؤلاء حاجة اكبر للمحروقات مقارنة مع غيرها من الشركات التي لا تحتاج بضاعتها للتبريد. وقدّر ان تصل نسبة الزيادة على أسعار السلع الى ما بين 5 الى 7% كحد ادنى، من دون احتساب الزيادة التي سيفرضها لاحقاً الموزّعون وأصحاب السوبرماركت والتي تتأثر بدورها بكلفة المحروقات المستخدمة لنقل البضاعة او توليد الكهرباء حفاظا على جودتها لتصل بالتالي الزيادة الى حدود 20%.
بدوره، يؤكد الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين ان المحروقات (للإنتاج + كلفة النقل) تشكل عنصرا أساسيا لتحديد كلفة السلع أكانت مصنّعة في لبنان او مستوردة من الخارج فنقلها الى الأسواق له كلفة. أما بعد الزيادة التي طرأت على أسعار المحروقات فمن المتوقع ان ترتفع أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية ما بين 15 الى 25% بالحد الأدنى ككلفة متوسطة لأنّ هناك تَفاوتاً في كمية المحروقات التي تحتاجها كل سلعة لإنتاجها. يُضاف الى ذلك عنصر أساسي يتمثل بتزايد ساعات التقنين وانقطاع الكهرباء لفترات طويلة ما يضطرّ أصحاب المؤسسات والقطاعات والفنادق الى تشغيل مولداتهم لساعات أطول ما يزيد من استهلاك المازوت وهذا ما سينعكس كلفة إضافية على أسعار السلع لا سيما على اللحوم والالبان والاجبان والمنتجات التي تحتاج الى تبريد متواصل، لكن في حال ارتفعت ساعات تغذية الكهرباء عما هي عليه حالياً تصبح الحاجة الى المولدات أقل.
أما في حال تم تحرير اسعار المحروقات كلياً واصبح سعر صفيحة البنزين 336 الف ليرة والمازوت 280 الف ليرة فحُكماً سترتفع الأسعار بنسب اعلى لتصل الى 80% لأن احتساب كلفة النقل يدخل في سعر كل سلعة. فعلى سبيل المثال، كلفة نقل الالبان والاجبان من البقاع الى بيروت سترتفع وبالتالي حكما ستزيد أسعارها. ولفت الى انه في حال تحسّنت ساعات التغذية بالكهرباء قد تتدنى هذه النسبة قليلا. أما بالنسبة الى أسعار السرفيس فيُحكى اليوم عن ارتفاعها الى ما بين 15 الى 20 الفاً داخل بيروت، لكن متى تحرّرت أسعار المحروقات واصبح سعر صفيحة البنزين 336 الف ليرة فستصل كلفة السرفيس الى 30 الف ليرة. وبالتالي، ان الموظف الذي يحتاج الى 60 الف ليرة يوميا للذهاب والعودة من عمله بما مجموعه مليون و500 الف ليرة شهرياً سيتوقف عن الذهاب الى العمل خصوصاً اذا كان راتبه في حدود المليونين.
وردا على سؤال، أوضح شمس الدين انه وفقاً لدراسة أجرتها الدولية للمعلومات تبيّن لنا انه استناداً الى أسعار المحروقات المسعرة وفق دولار 3900 ليرة كانت كلفة النقل تشكّل ما بين 25 الى 50% من أساس الرتب، اما بعد الارتفاع الأخير للمحروقات فإن هذه الكلفة سترتفع ما بين 30 الى 60% من قيمة الراتب (تختلف نسبة كلفة النقل باختلاف منطقة السكن نسبة الى مكان العمل). اما اذا ارتفعت أسعار المحروقات وتحررت كلياً في الاشهر القادمة فسنكون امام وضع صعب جداً بحيث ستتخطى كلفة انتقال الموظف الى عمله قيمة راتبه.