أمهلت لجنة المال والموازنة البرلمانية، الحكومة أسبوعاً إضافياً وأخيراً من أجل حسم حقيقة أرقام الإيرادات والنفقات وأثر الدولار الجمركي والضريبي على المواطنين ليُبنى على الشيء مقتضاه، على قاعدة أن المطلوب «ميزان جوهرجي» وفق توصيف رئيس اللجنة النائب إبراهيم كنعان لتأمين إستمرارية الدولة ومراعاة إمكانات الناس وحاجاتهم، لا سيما أننا نحن «أم الصبي» ومسؤولون عن الشعب وحاجاته.
وعلى الرغم من المعلومات التي تحدثت عن أنّ الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي متفقان على ضرورة إنجاز الموازنة في أسرع وقت ممكن، على قاعدة أن المجلس النيابي يستمرّ في التشريع قبيل الدخول في تحديد مواعيد جلسات إنتخاب رئيس للجمهورية، فهناك العديد من الأسئلة التي تفرض نفسها في هذا المجال ومنها: هل دخلت الموازنة والدولار الجمركي حلبة الصراع السياسي القائم في البلاد؟ وكيف سيكون المخرج لولادة الموازنة وهي أحد مطالب الإصلاح من قبل صندوق النقد الدولي؟ وماذا عن «الكابيتال كونترول» وإعادة هيكلة المصارف؟ وأين أصبح قانون السرّيّة المصرفية؟
وعلمت «نداء الوطن» من مصادر لجنة المال، أن البحث أصبح في الربع الأخير من إنجاز الموازنة بعدما طلب من الحكومة ووزير المالية جدولاً نهائياً بالتعديلات، إن كان بالنسبة للدولار الجمركي والنفقات كواقع بعد مرور ثمانية أشهر، وكذلك الإيرادات المحقّقة والسيناريوات الممكنة في ما لو عدّلت الرواتب مثلاً ثلاثة أضعاف، وأعطيت وزارة المالية مهلة لغاية يوم الأربعاء المقبل، لأنه يبدو أن هناك تفاهماً بين الرئيسين بري وميقاتي على إقرار الموازنة، إن لم يكن في الأيام الأخيرة من شهر آب الحالي ففي الأسبوع الأول من شهر أيلول المقبل قبل الدخول في مواعيد جلسات إنتخاب رئيس الجمهورية وتحوّل المجلس النيابي هيئة ناخبة.
وعليه فقد وجّه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أمس، كتاباً إلى وزير المالية يوسف الخليل، طالبه فيه بإجراء ما يلزم في سبيل تحديد سعر الدولار الأميركي من أجل احتساب قيمة البضائع الواجب التصريح بها للجمارك، أي الدولار الجمركي، وذلك بعد استطلاع رأي حاكم مصرف لبنان والتنسيق معه بهذا الشأن.
وفي السياق، أعلن عضو كتلة «حزب الله» النائب حسن فضل الله، أن «هناك محاولات للتهرّب من المسؤولية وتقاذف كرة النار، والجميع يتصرّف كمعارضة من دون أن تكون هناك في المقابل سلطة موحّدة تقدّم رؤيتها وتدافع عنها، وهذا ما نجده في نقاش الموازنة أو في عدم تقديم الحكومة خطة التعافي، ونأمل أن تكون لدينا حكومة قريباً كاملة الصلاحيات تتحمل مسؤولية البدء بالخطوات المطلوبة وفي مقدّمها خطة التعافي».
وقال: «إن الصيغة المتداولة في الإعلام للدولار الجمركي غير مقبولة، وعلى الحكومة توضيحها للرأي العام لأنها أدّت إلى بلبلة في الأسواق، وإن كنّا إلى الآن لم نتبلّغ شيئاً رسمياً، فإنّنا نرفض هذه الزيادة الكبيرة، ولا يمكن التعاطي مع هذا الأمر من زاوية حسابية رقمية، وكم يدخل إلى الخزينة؟ بمعزل عن الآثار الإجتماعية والإقتصادية، فنحن لسنا شركة، بل دولة معنية بدراسة إنعكاسات هذه الخطوة على المواطنين، وعلى موظفي القطاع العام، وعلى الأسعار والتضخم».
بدوره، لفت رئيس لجنة المال النائب إبراهيم كنعان بعد جلسة اللجنة أمس إلى أن «الموازنة لا يجب أن تكون دفترية فالأهم من تحديد الأرقام هو كيفية تأمينها، لا سيما أن وزير المال أبلغنا أن التوجّه هو لقيمة دولار جمركي بـ20 ألفاً ولكن السؤال هو «كيف منجيبو؟» فعلينا أن نكون واقعيين لأن رواتب القطاع العام لا تزال على الـ1500 ونريد أن نعرف الأثر المالي لهذا الرقم على الموازنة».
وأضاف: «في نهج توحيد سعر الصرف لا يمكننا زيادة سعر صرف فوق سعر صرف من 1500 إلى 8000 و20000 وسعر صرف صيرفة وسعر الصرف في السوق السوداء، نحن نطلب عكس ذلك ويجب أن يكون سعر الصرف منطقياً وعلينا أن نكون واقعيين في الموازنة».
وشدّد على أننا «أنهينا الموازنة منذ نيسان وطالبنا بالأرقام الحقيقية ولم نحصل عليها وقد بدأت وزارة المال بتزويدنا بها منذ بضعة أيام، وذلك لتحديد العجز فهو ليس فقط 9 آلاف مليار لا بل قد يتخطى 19 ألف مليار وهذا فرق كبير ولا يمكننا إقرار موازنة بأرقام وهمية».
ورداً على سؤال عن أسباب عدم ردّ الموازنة قال كنعان:» «نحن أم الصبي» ومسؤولون عن الشعب وحاجاته وحريصون على الناس، وفي الموازنة العديد من البنود التي تهمّ الناس والقطاع العام والعسكر والحاجات الصحية والدبلوماسيين وسواهم والعديد منها أقرّ، لذلك، أعطينا فرصة أخيرة للحكومة ووزارة المال حتى الأسبوع المقبل، لنكون أمام موازنة أقرب الى الواقعية، لا وهمية، ولا تأخذ من الناس ما تعطيهم من مساعدات أو إعفاءات».
أما عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب علي حسن خليل، فقال: «حصل نقاش كبير حول الدولار الجمركي، ويهمّنا أن نؤكد أن هذه المسألة هي من صلاحية الحكومة بالكامل وفقاً لقانون الموازنة الذي صدر عام 2018 والذي يعطي الحكومة حقّ التشريع الجمركي لمدة خمس سنوات تنتهي عام 2023 وبالتالي رفع الدولار الجمركي ليس من صلاحية المجلس النيابي ولا لجنة المال والموازنة ولا نحن الذين نتحمّل هذا الأمر وليس بالتأكيد من صلاحية وزير المالية أو غيره من الوزراء إنما يجب أن يكون هناك موقف كامل من الحكومة في تحديد هذا الأمر والذي على أساسه لا تكون الموافقة مباشرة تلقائية».
ولفت وزير الإقتصاد في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام إلى أنه «لا يمكننا أن نكمل على سعر صرف الـ1500 ونحن ننتظر جواب وزير المال على كتاب الرئيس ميقاتي وعلى الأرجح سيتم إعتماد سعر الـ20 ألفاً للدولار الجمركي». وطمأن إلى أن «تداعيات سعر الدولار الجمركي الجديد على أسعار السلع ستكون ضئيلة جداً جداً جداً لأن المواد الغذائية التي ستخضع للدولار الجمركي هي تلك التي لها مواد رديفة موجودة في لبنان وذلك لتحفيز القطاع الصناعي والصناعة اللبنانية».
وكانت اللجنة أقرّت في جلسة أمس الأول عدداً من المواد التي كانت معلّقة سابقاً.