كيف سينعكس الإتفاق بين واشنطن وبكين على الأسواق؟

لا شكّ أن الاتفاق الذي وقع بين الولايات المتحدة والصين، بعد أول محادثات تجمع الرئيس الاميركي دونالد ترامب والرئيس الصيني شي جين بينغ منذ العام 2019، والذي قضى بالإتفاق على خفض ​الرسوم الجمركية​، مقابل استئناف بكين شراء فول الصويا من الولايات المتحدة، وضمان استمرار صادرات المعادن النادرة، وفرض قيود صارمة على التجارة غير القانونية في مادة الفنتانيل، عكس ارتياحاً كبيراً في الأسواق. والسؤال: ما إنعكاس هذا الاتفاق على الاسواق على المدى البعيد؟.

“قد يكون هذا إيجابيًا على المدى القصير لناحية انخفاض الرسوم الجمركية، مع تراجع ​التوترات التجارية​، وزيادة محتملة في الصادرات الأميركية واستقرار سلاسل التوريد”. هذا ما يؤكده الخبير الاقتصادي ميشال فياض، لافتاً إلى أنه “قد تشهد أسعار فول الصويا الأميركي وبعض المعادن الاستراتيجية ارتفاعًا، كما قد تتفاعل ​الأسواق المالية​ وأسواق السلع بشكل إيجابي مع انخفاض حالة عدم اليقين”.

ويتوقع فياض أن “يكون هذا الاتفاق إيجابيًا بشكل عام، بحيث سيعزز استئناف الصين مشتريات فول الصويا الأميركي المزارعين الأميركيين والقطاع الزراعي، وستؤدي الضمانات على العناصر الأرضية النادرة إلى استقرار سلاسل التوريد للسيارات التقنية والكهربائية، مما يمنع ارتفاع التكاليف، أيضا سيُخفف خفض الرسوم الجمركية من التوترات التجارية، مما قد يدعم مؤشرات الأسهم”. ورأى فياض أنه “مع ذلك، كان رد فعل الأسواق اليوم متباينًا: انخفضت العقود الآجلة الأميركية بسبب غياب المفاجآت الكبرى، وتراجعت الأسهم الصينية بعد ذروتها الأخيرة، وهنا يجب الإشارة إلى انه يمكن أن يكون هناك ارتفاع محتمل في أسهم القطاعات المتأثرة، مثل الزراعة وأشباه الموصلات”.

بدورها، تشرح مصادر مطلعة أنه “على الصعيد الجيوسياسي قد يُخفف هذا الاتفاق، بشكل غير مباشر، من بعض التوترات في منطقة المحيطين الهندي والهادئ من خلال تخفيف الضغط الاقتصادي، لكنه لا يُغير بشكل مباشر ديناميكيات النزاعات المسلحة الإقليمية أو العالمية، أيضاً قد يُخفف هذا الاتفاق من حدة التوترات الاقتصادية، مما قد يُقلل بشكل غير مباشر من خطر التصعيد الجيوسياسي، لا سيما في المحيط الهادئ أي تايوان، بحر الصين الجنوبي”، معتبرة أنه “لطالما كانت التجارة وسيلةً لتجنب مواجهات أكثر خطورة. مع ذلك، لا توجد صلة مباشرة بينه وبين النزاعات المسلحة الحالية؛ بل هو بمثابة توقف موقت في “الحرب التجارية” قد يُسهم في استقرار العلاقات دون حل القضايا الأمنية الكامنة”.

“فيما يتعلق بأسواق الذهب والمعادن النفيسة، من المتوقع أن يكون التأثير معتدلاً نسبياً، ولكنه هبوطي على المدى القصير”. هذا ما يؤكده فياض، مشيراً إلى أن “الاتفاق بين الولايات المتحدة والصين قد يخفف من التوترات، ويحدّ موقتاً من المخاوف بشأن النمو العالمي. وهذا غالباً ما يؤدي إلى انخفاض الطلب على أصول الملاذ الآمن كالذهب والفضة، حيث يتجه المستثمرون أكثر نحو الأصول ذات المخاطر العالية اي الأسهم، وسندات الشركات، وغيرها”.

ويوضح أنه “لذلك قد نشهد تصحيحاً طفيفاً في ​أسعار الذهب​، عقب المكاسب الأخيرة التي غذتها حالة عدم اليقين الجيوسياسي، ومع ذلك، على المدى المتوسط، ستعتمد الديناميكيات على قوة الاتفاق واستقرار الاقتصاد الكلي العالمي”، ويضيف: “فإذا ساور الأسواق الشك في تنفيذ الالتزامات خاصةً فيما يتعلق بالعناصر النادرة أو الفنتانيل، أو إذا عادت التوترات الجيوسياسية الأخرى إلى الظهور، فقد يستعيد الذهب قوته بسرعة”، لافتاً إلى أنه “في مجال المعادن النفيسة الصناعية مثل البلاتين والبلاديوم والفضة، قد يدعم انتعاش الطلب الصيني الأسعار، وخاصةً في القطاعات المرتبطة بالتحول في مجال الطاقة وصناعة السيارات”.

إذا ينتظر العالم إنعكاس هذا الاتفاق على الاسواق العالمية، فهل يستمر تأثيره الايجابي لفترة طويلة؟.

مصدرالنشرة - باسكال أبو نادر
المادة السابقةليست “خالية من الانبعاثات” تماما.. حقائق صادمة عن السيارات الكهربائية
المقالة القادمةكيف نقرأ قرار خفض الفوائد الأميركيّة؟