في كل مرة، يثبت لها اهل الحكم في لبنان انهم لا يعيشون على هذه الارض. وبينما يبحث نحو نصف مليون مواطن عن من يساعدهم على مواجهة اعباء العدوان الاسرائيلي الواسع، بما في ذلك طعاهم، يخرج من الحكومة قرار كان متوقعا، لكن مفاجئ في توقيته. حيث قررت وزارة الاقتصاد رفع الدعم تماماً عن الخبز العربي. فقد أصدر وزير الاقتصاد أمين سلام قرار «تحرير» سعر ربطة الخبز مساء يوم الثلاثاء خارج الدوام الرسمي للإدارات، وبموجبه ارتفع سعر ربطة الخبز بزنة 850 غراماً، أقلّه، إلى 65 ألف ليرة في صالات الأفران، و77 ألف ليرة في المحالّ التجارية. وحدّد سلام في قراره أيضاً سعر الربطة نفسها بـ62 ألف ليرة من الأفران للموزّعين، و70 ألف ليرة من الموزّع إلى المحالّ التجارية، ما يسمح بتحقيق ربح قدره 8 آلاف ليرة عن كلّ ربطة خبز للموزعين، و7 آلاف ليرة عن كل ربطة خبز للمحالّ التجارية.واستند سلام في قراره إلى عدة عوامل أبرزها انتهاء القرض المقدّم من البنك الدولي للدولة اللبنانية لشراء القمح والذي كان بقيمة 150 مليون دولار، فضلاً عن «توقّف مصرف لبنان عن دعم مادة السكر والخميرة في الأسواق، ما يفرض احتساب الكلفة على أساس سعر السوق»، وفقاً لنص القرار. بمعنى آخر، أصبحت كلّ مكوّنات ربطة الخبز مُحتسبة على أساس الدولار. وبالتالي، أيّ تغيّر لقيمة الليرة في الأيام المقبلة سيؤثّر حتماً على سعر ربطة الخبز.
أما على مستوى الأفران، ومدى توافر الخبز فيها، وبعد انقطاع الخبز لساعات ليل الثلاثاء-الأربعاء بسبب النزوح الكثيف نحو بيروت وضواحيها من الجنوب، طمأن رئيس اتحاد نقابات الأفران والمخابز ناصر سرور إلى أنّ «الخبز متوافر في كلّ الأفران التي تعمل اليوم بطاقتها الإنتاجية القصوى». وأكّد «استيعاب الضربة والتهافت والنزوح»، لافتاً إلى «توافر القمح والطحين والمازوت، وكلّ المواد الأولية المستخدمة في صناعة الرغيف، إذ لا توجد أيّ أزمة في مكوّنات ربطة الخبز». الأمر نفسه أكّدته مصادر في وزارة الاقتصاد، إلا أنها ربطت الأمر بضرورة استمرار خطوط الاستيراد «طالما خط الاستيراد البحري مفتوح، فلا خوف من فقدان أيّ من المواد الغذائية في لبنان». وفي الإطار نفسه، تشير المصادر إلى أنه يتوقع «وصول باخرة محمّلة بـ7 آلاف طن من القمح الأسبوع المقبل إلى مرفأ بيروت». ولمكافحة أي حركات احتكارية «طلبت مديرية الحبوب في وزارة الاقتصاد من المطاحن إعطاء الأفران الأولوية في بيع الطحين، وتجنّب بيع التجار والأفراد هذه المادة الحيوية خلال الفترة الصعبة قدر الممكن». وأعادت المصادر الأسباب الموجبة لهذا الطلب لوزارة الاقتصاد إلى «الخوف من تخزين الطحين المبالغ به في المنازل، فكلّ شوال طحين بزنة 50 كيلوغراماً، يكفي لصناعة 80 ربطة خبز، ومن المؤسف رؤية هذه المادة تفسد في البيوت، من دون استخدامها لصناعة الخبز».
ويستغرب سرور وجود أشخاص يخزّنون الخبز، موضحاً أن ارتفاع الطلب على الخبز في اليومين الماضيين سببه «رغبة عدد من المتبرعين بشراء الخبز، والتبرع به للنازحين»، لذا طلب سرور في المقابل «عدم الضغط على الأفران بهذه الطريقة، فنحن لا نريد رؤية طوابير بسبب التهافت، والتبرع بالأموال للنازحين لأنّ الخبز لا يمكن تخزينه». وبحسب مصادر وزارة الاقتصاد «تراجع الطلب على الخبز والطحين، أمس، بنسبة 40% عما وصل إليه يوم الإثنين، فاستهلاك الطحين في لبنان أمس عاد إلى معدّله الطبيعي، وهو 1000 طن يومياً، علماً أنّه وصل مطلع الأسبوع إلى 1500 طن في اليوم». ورأت المصادر في هذه النسب «استيعاباً للصدمة الأولى».
أما على مستوى عمل الأفران في الجنوب، فأكّد سرور أنّ «الأفران تعمل بشكل عادي في صيدا وصور والنبطية، فالمواد الأولية تصلها بشكل متواصل»، بينما «توقف العمل في المناطق الخطرة، أي في القرى الأقرب إلى الحدود». وفي حال حصول أيّ نقص في العمال نتيجة نزوح عدد منهم إلى خارج المناطق المستهدفة بالقصف، لفت سرور إلى «وجود شبكة يتواصل من خلالها الأفراد لتأمين البدائل».