قد يكون صعباً تجنّب وضع لبنان على اللائحة الرمادية خلال الأسابيع القليلة المقبلة، مهما تسارعت الجهود وتراكمت البيانات والمواقف الداعية إلى مواجهة الإقتصاد النقدي الذي يفتح الباب أمام تبييض الأموال وتمويل الإرهاب والتهريب. فهل ما زال أمام لبنان الفرصة لتفادي هذا التصنيف الذي يثير الكثير من المخاوف؟ برأي مدير “المعهد اللبناني لدراسات السوق” الدكتور باتريك مارديني، فإن المصرف المركزي يقوم بجهود كبيرة جدا للإلتزام بالمعايير التي تضعها منظمة العمل المالي، ولكن هذا الأمر غير كافٍ، لأن خطوات عدة قضائية و تشريعية لا تزال مطلوبة وهي ليست من اختصاص المركزي، الذي يحاول أن يسعى وأن يخفف أو يحسّن مواصفات لبنان، في ضوء الحديث عن توسيع “الكومبلاينس” لتشمل أمور لم تكن تشملها من قبل.
و في حديثٍ ل”ليبانون ديبايت”، يكشف الدكتور مارديني عن أن المسؤولين عن الإجراءات التشريعية والقضائية لتفادي هذا الخطر الذي يهدد لبنان، يتهربون من المسؤولية ويعتبرون أنهم غير معنيين، وقد “لزموا” الشقّ القانوني والقضائي لمصرف لبنان، بينما مجلس النواب هو المسؤول عن إقرار التشريعات التي يجب أن تصدر بهذا الإطار، إلاّ أنه لا يتحمل مسؤوليته”.
و ينسحب هذا الأمر على الحكومة، حيث يوضح مارديني أن المصرف المركزي يحاول القيام بالمطلوب منه، إلاّ أن هناك دوراً مطلوباً من الحكومة، وإن لم تقم به مع مجلس النواب، فإن خطر وضع لبنان على اللائحة الرمادية، سيبقى مرتفعا.ً
وفي هذا الإطار يلفت مارديني إلى أن الحاكم بالإنابة وسيم منصوري، يحثّ ويذكّر المعنيين بهذه القرارات، بضرورة اتخاذ الإجراءات الضرورية لتفادي إدراج لبنان على اللائحة الرمادية.
ورداً على سؤال حول وجود فرصة لتفادي إدراج لبنان على اللائحة الرمادية، يؤكد مارديني أنه “دائماً هناك فرصة لكن لبنان أتته فرص عديدة و لم ينتزع أي منها، ولكن لا نشعر أن هناك خلية نحل تجمع المصرف المركزي مع مجلس النواب مع الحكومة مع الهيئات القضائية، حيث يمكن لوزارة العدل العمل على هذا الموضوع، بل على العكس، يتركون المهمة على عاتق المركزي فقط، حتى إذا وضعونا على اللائحة الرمادية لا حول و لا قوة، ثم يبررون بأن دبي على اللائحة الرمادية”.
ويستدرك مارديني بالتوضيح بأن “المسؤولين يعيشون في عالم آخر و دبي ليست بالوضع الذي يواجهه لبنان، فالخطورة كبيرة في لبنان بالنسبة لموضوع تمويل الإرهاب وتبييض الأموال، كما أن اقتصاد دبي قوي وقادر أن يتحمل اللائحة الرمادية، وكذلك لا يصح مقارنة لبنان مع تركيا البلد الصناعي والقادر أن يتحمل خضّة مالية، بينما في لبنان لا نستطيع تحمل خضة صغيرة، وقد واجه 100 خضّة في السنوات الماضية ولا تنقصه اللائحة الرمادية والتي يواجهها المسؤولون في السلطة على أنها قدر محتوم ويرمون بالمشكلة إلى المصرف المركزي”.