ما زال بعض اللبنانيين يصرون على السياحة الخارجية وخصوصا الى تركيا واليونان وقبرص وغيرها مما يؤدي الى خروج عملة صعبة من لبنان هو اليوم بامس الحاجة اليها .
واذا كان البعض يحتج بالاسعار المخفضة في تلك البلاد فان لبنان يتمتع بسياحة داخلية مميرة وباسعار معتدلة.
مرّ على لبنان في السنوات الأخيرة صعوباتٍ ومشاكل عديدةٍ، انهارت فيه مؤسسات الدولة وشُلّت إداراته وفُجّرت بيروت في الرابع من آب، وجائحة فيروس كورونا أخذت قسمًا من شعبه إلى دنيا السّلام، وترك القسم الآخر يتخبطّ وحيدًا في سجنٍ إنفراديٍ، لا يسعه حتّى شراء الدّواء من دون تسجيل إسمه على المنصّة وأخذ الإذن من المعنيين، قبل خروجه من المنزل.
وفي هذه الحالة تحديدًا، تأثرت السياحة في لبنان، والخارج أيضًا، أكانت السياحة الداخلية (أي الإستمتاع داخل الأراضي اللبنانية) أو حتّى الخارجية، وخصوصًا أنّ مطار بيروت (وباقي المطارات في العالم) أغلقت أبوابها ومُنعت الرحلات، إلى أن عادت المياه إلى مجاريها، وتم أخذ اللقاحات والأدوية والحماية والالتزام بالحجر الصّحي..
«عامّة الشعب» باتوا اليوم فقراء، لا يحلمون بالسياحة والسفر، إنّما فقط يطالبون بتأمين لقمة العيش لهم ولأولادهم. ولكن رغم كلّ شيء، لا يزال الشعب اللبناني يحبّ الحياة. ولكن، كيف يقضي أوقات فراغه لينسى همومه؟ وما هي الطرق البديلة التي تُغنيه عن السفر؟
في حديثه للدّيار، يؤكّد نقيب الفنادق في لبنان الأستاذ بيار الأشقر، أنّ «حوالي 450 ألف مغترب من الخليج العربي، يزورون لبنان، بالإضافة إلى 300 ألف من أفريقيا، و300 ألف من أوروبا. وهؤلاء المغتربين الذي يعودون في فصل الصّيف إلى بيوتهم في لبنان، يساهمون بشكلٍ مباشرٍ في تعزيز السياحة الداخلية».
ويؤكّد أنّ «الـ75 % من السائحين إلى لبنان هم لبنانيو الأصل، أمّا الـ25% هم أجانب وعرب ووفود رسميّة، نحتاجها في أسواقنا. وبحسب إحصاءاتنا، أيضًا موظفو السفارات واليونيفيل ساهموا في تحريك هذا القطاع بشكلٍ هائلٍ. وانطلاقًا من هذا المبدأ، اللبناني المُقيم والمغترب والأجنبي، ، يصرفون أموالهم داخل الأراضي اللبنانية. والـ4
مليون مقيم، بإستطاعته ولو كانت أحواله ضيّقة، أن يزور معالم دينيّة، ومطاعم بالحدّ الأدنى وإستئجار سيّارة».
وبعد الرابع من آب، يشير الأشقر إلى أنّ «بيروت نهضت مجدّدًا وباتت أسواق الجميزة والأشرفية أفضل ممّا كانت سابقًا، بسب إرادة المواطن اللبناني وإيمانه ببلده وتشجيعًا لسياحته وصورته الجميلة».
وأكثر ما ساهم في تطوير السياحة الداخلية، رغم الأزمات، هي أولًا «إنتشار بيوت الضّيافة، بحسب الأشقر، لاسيّما المناطق النائية التي لم تكن على الخارطة السياحية سابقًا، تحديدًا بعد جائحة كورونا وخوف الناس من التقارب الإجتماعي، بعد باتت مشاريعيهم الترفيهية تُصبّ في المناطق البعيدة عن الناس، والقريبة من الطبيعة، لكي تمارس جميع أنواع الرياضة وبما فيها ركوب الدراجات، وركوب الخيل والتسلق،… إلخ»
ويقول الاشفر : «عندما دخلت المناطق النائية الخريطة السياحية، شعرت هذه المناطق بأنّ هذه السياحة باستطاعتها خلق وظائف وإستثمارات لهذه المناطق، لتنطلق جمعيات جديدة، بالتعاون مع البلديات لتسويق هذه المناطق بصورةٍ جيّدة، ومنافسة المناطق مع بعضها، مثل الضنية وجزين وجبيل والبقاع، تمامًا كما حصل في العام الماضي عندما ربحت جزين جائزة كأفضل حرش في العالم».
ولفت إلى أنّ الأزمة الماليّة وقلّة المداخيل، بدل أن تُسيء الوضع، حسّنتهُ، لأنّ العائلات اللبنانية اليوم، باتت تفضّل السياحة الداخلية وإستثمار أموالها وصرفها أيضًا داخل الأراضي اللبنانية، بدل أن تسافر إلى اليونان وقبرص وفرنسا (التي هي بطبيعة الحال تكاليفها أعلى.
لا نغفل عن دور مواقع التواصل الإجتماعي وتحديدًا تطبيق»تيكتوك» الشهير، في تشجيع دور السياحة الداخلية، أكان من خلال تذوّق الشباب والشابات المأكولات في المطاعم وإعطاء تقييمهم من عشرة (تريند شائعة جدًا على تيكتوك)، بالإضافة إلى وجود شخصيات جديدة مثل «طرزان لبنان» الذي يزور لبنان بجباله ووديانه ليصوّر لقطاتٍ رائعة للبنان، ولو كان يزورها في الفانات والتكاسي.
بالإضافة إلى نشر بوسترات على «فيسبوك» و»تويتر» لرحلاتٍ دينيّة، منها ما تكون مجانية ومنها بأسعارٍ رمزيةٍ، ومواقع مثل «نّخال» وغيرها التي تروّج لزيارة مناطق لبنانية، علّها طريقةٍ تساند بلدنا في هذه الظروف الصعبة، تمامًا كما ساندنا هو أيضًا في الأفراح والأحزان.