يتفق الجميع على أن إقرار قانون “الكابيتال كونترول” هو من البديهيات للنهوض من أي أزمة نقدية. وهذا الإجراء الإستثنائي الذي يتخذ في ظروف أقل تعقيداً وخطورة بكثير من الأزمة اللبنانية، كما حدث عقب إفلاس بنك إنترا في العام 1966، “لا تتحمل مسؤوليته لجنة المال”، بحسب مصادرها. و”للتذكير فقط فان القانون كان قد اقترح في مطلع العام 2020 كمشروع قانون في الحكومة، فعرض وسحب في جلساتها 3 مرات، من دون أن تنجح في تحويله إلى المجلس النيابي.
من بعدها أعلن الرئيس نبيه بري انه “ليس وارداً في أيامي أن يُشرّع المس بأموال المودعين في المصارف”. وبعد نحو شهرين وتحديداً في 20 أيار 2020 تقدم كل من النواب ياسين جابر، سيمون أبي رميا، وآلان عون باقتراح قانون “كابيتال كونترول” معجل مكرر من مادة واحدة. ولكن سرعان ما أسقط المجلس النيابي صفة العجلة عنه في جلسة 30 أيار 2020، وحوله إلى اللجان. من بعدها وقع انفجار 4 آب، وأتت استقالة الحكومة وما تبعها من تعطيل سياسي لتزيد الضغوط. فما كان من لجنة المال والموازنة إلا أن أعادت درس القانون والعمل على تقديمه كمقترح قانون معجل مكرر، خصوصاً أنه “يعتبر أحد أهم شروط النقد الدولي، وأساسياً للحد من استنسابية المصارف، وتلكؤ بعض القضاء في محاسبتها”.
أن يأتي القانون متأخراً ومن خارج الخطة الإقتصادية الشاملة، خير من ألّا يأتي أبداً. فمن جهة قد لا تكون هناك حكومة جديدة تضطلع بهذه المسؤولية لغاية نهاية العهد، ومن جهة أخرى هناك حاجة لحماية المودعين من استنسابية المصارف في التحويل، وحماية ما بقي من رساميل من الخروج لمصلحة البعض، وعلى حساب جميع المودعين.
تتضمن النسخة الأجد من اقتراح القانون التعديلات التالية:
– الإبقاء على السقف الأعلى للسحوبات الشهرية من الحسابات، بقيمة 20 مليون ليرة، منعاً لزيادة الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية وزيادة معدلات التضخم.
– إلغاء المادة الإشكالية التي تستثني الودائع التي تكونت من تحويلات من الليرة اللبنانية بعد العام 2016 من السحوبات النقدية الشهرية بالعملة الأجنبية بنسبة لا تتعدى 50 في المئة من قيمة السحوبات بالليرة.
– إستثناء المراجعة القضائية في المادة الخامسة من اقتراح القانون، ليبقى للقضاء صلاحية استعمال ولايته العامة. وذلك في حال رفض المجلس المركزي طلب تحويل مبالغ نقدية تندرج ضمن أحد الاستثناءات المنصوص عليها في المقطع أولاً من المادة الثالثة من هذا القانون.
– إستثناء الاموال الجديدة بعد 17/10/2019 من حظر التحويل إلى الخارج أو التصرف بها نقداً وليس تلك العائدة لما بعد التعميم 150 الصادر في 9/4/2020.
في الوقت الذي يشدد فيه الجميع على حتمية التعاون مع صندوق النقد الدولي للخروج من الأزمة، يعترضون في المقابل على قانون “الكابيتال كونترول”. مع العلم أن القانون يعتبر أول شروط الصندوق للتدخل والمساعدة. وهو كان قد أرسل مجموعة من الملاحظات تقع في 8 صفحات، أخذت “اللجنة” بنحو 80 في المئة منها، وتحديداً في ما يتعلق بـ : تنظيم عمليات السحوبات النقدية من البنوك.
لجنة المال والموازنة تشدد على أن هذا المقترح يضمن لأصحاب الودائع سحوبات نقدية شهرية بالعملة الأجنبية تعادل 1000 دولار شهرياً. وهو يؤمن في استثناءاته تحويلات إلى الخارج بقيمة 50 ألف دولار لأغراض التعليم وتسديد الضرائب والقروض السكنية والشخصية، والإشتراكات وتطبيقات الانترنيت. إلا أن مشكلته الوحيدة هي عدم توافقه مع مصلحة المصارف، وليس بكونه غير ضروري أو فعالاً أو مفيداً للمودعين والإقتصاد.