يجزم احد المعنيين في فريق المفاوضات السابق مع صندوق النقد الدولي ان “الحكومة الجديدة ستكون لها مقاربة جديدة لا تشبه خطة التعافي الاقتصادي للحكومة السابقة. وهي ستستأنف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي انطلاقاً من متطلبات الورقة الفرنسية والتركيز على الاصلاحات المطلوبة، مع إغفال متعمد لجوهر الأزمة الأساسي، المتعلق بخسائر مصرف لبنان والمصارف التجارية وكيفية توزيعها”. وبرأيه فان “مصالح الطبقة السياسية المؤلفة من رجال أعمال وأصحاب بنوك تتعارض مع تحميل المصارف النسبة الاكبر من الخسائر. وهي ستحاول جهدها للإلتفاف على هذا الموضوع بشتى الوسائل”. إلا ان النتيجة ستكون من وجهة نظره “تضييع المزيد من الوقت، والعودة إلى نقطة الصفر بعد رفض المجتمع الدولي المساعدة جراء عدم الوضوح والشفافية”.
المشكلة التي ستواجهها الحكومة الجديدة لن تنحصر في كيفية احتساب وتوزيع الخسائر فقط، بل بارتفاعها بنسبة كبيرة عما كانت عليه في شهر آذار الفائت، تاريخ وضع الخطة. فقد أضاف انفجار المرفأ إلى مجمل الخسائر المحققة ما لا يقل عن 8 مليارات دولار، بشكل مباشر وغير مباشر. كما أن إنخفاض الناتج المحلي عن 33 مليار دولار بحسب أرقام لجنة تقصي الحقائق النيابية، وخسارة الليرة اكثر من 80 في المئة من قيمتها سيؤديان إلى زيادة الخسائر. حيث يرتب تراجع الناتج المحلي تخفيضاً أكبر في حجم الدين للوصول الى نسبة المعدل المطلوب، والمحدد بـ 100 في المئة من حجم الناتج. الأمر الذي سيسبب المزيد من الخسارة على حاملي السندات باليوروبوندز والليرة اللبنانية، والذي سيجعلنا “نترحم على رقم 241 مليار ليرة”، بحسب المصدر.
“الإنطلاق من مبدأ تنظيف القطاع المالي سيفوّت على لبنان مرة جديدة إمكانية النهوض سريعاً والعودة إلى النمو”، يقول عضو لجنة المال والموازنة النيابية النائب نقولا نحاس. “فالمطلوب من الحكومة التي ستنطلق من 30 بنداً اصلاحياً، إعادة تفعيل العجلة الاقتصادية والإقلاع بالاقتصاد قبل البدء بورشة التنظيف”. وذلك لن يتم برأيه إلا من خلال العمل على استعادة الثقة أولاً، واعطاء الاقتصاد مقومات النهوض ثانياً، واسترجاع قدرته التنافسية ثالثاً. “فالمرحلة المقبلة دقيقة جداً، وإذا لم يتم العمل جدياً على تطوير بيئة الأعمال وجذب الاستثمارات.. فان لبنان سيخسر موارده المالية”، من وجهة نظر نحاس. “لانه حتى لو استطاع استعادة الثقة، فلن يستعيد الفوائد المرتفعة التي كانت تمثل عنصر الجذب الاهم للتدفقات النقدية من المغترب والاجنبي والمقيم في الخارج. وعليه يجب العمل على تطوير الاستثمارات لضمان استمرار جذب التدفقات الأجنبية بالعملة الصعبة. وبقدر ما ننجح بتقوية عوامل جذب الاستثمارات بقدر ما نجذب الأموال من الخارج”.
وبحسب نحاس فان “أرقام الخسائر المالية على أهميتها تصبح تفصيلاً في حال استعاد الاقتصاد عافيته ومعدلات نموه المقبولة”.
موقف لجنة المال والموازنة النيابية، التي يشكل نحاس أحد أعمدتها، كان واضحاً في الفترة الماضية لعدم جواز احتساب كل الخسائر المترتبة عن توقف الدولة عن سداد ديونها دفعة واحدة. وعدم منطقية تحميل مصرف لبنان والمصارف التجارية كل الخسائر المترتبة. وقد توصلوا إلى:
– خفض قيمة خسائر القروض المتعثرة في القطاع الخاص من 40 ألف مليار ليرة، مقدّرة في خطة الحكومة، الى 14 ألف مليار.
– تخفيض حجم الخسائر المتراكمة في ميزانية مصرف لبنان من 66 ألف مليار الى 4 آلاف مليار فقط، بعد اعادة تقييم الذهب ورأسمال البنك المركزي والعملة المطبوعة غير الموزعة.
– رفض اقتطاع نسبة 40 في المئة من سندات الخزينة بالليرة اللبنانية، لانه في حينها كانت هذه السندات قد خسرت بالفعل 65 في المئة من قيمتها نتجية تدهور سعر الصرف.
– طلب تخفيض الخسائر الناتجة عن ودائع المصارف في مصرف لبنان من 89 ألف مليار ليرة إلى 45 ألف مليار وذلك بعد استثناء الايداعات لآجال تفوق 7 سنوات من الاحتساب.