بدأ العام 2024 ومعه أسئلة كثيرة تُطرح حول الموضوع النقدي والمالي، خصوصاً وأن مفعول التعميم 151 قد انتهى دون إصدار أي تعميم جديد حتى الساعة، في نفس الوقت قام حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري برفع سعر منصة صيرفة، لتوازي سعر الدولار في السوق، في مقدمة لتوحيد سعر الصرف قريباً، وهو أحد مطالب صندوق النقد الدولي… أمام هذا المشهد أسئلة كثيرة تُطرح حول مصير أموال المودعين، دولار المصارف ومستقبل القطاع المصرفي؟.
قبل الغوص في أي شيء، فلنبدأ برفع مصرف لبنان سعر التداول إلى 89500 ليرة. هنا يسأل المحامي الدكتور باسكال ضاهر، المتخصّص في الرقابة على المصارف، “ما حجم التداول الذي حصل حتى لجأ مصرف لبنان إلى هذه الخطوة، وأين البيانات وفي أيّ سوق”؟ ليعود ويشير إلى أنه “بارتفاع سعر تداول الصرف إلى 89500 ل.ل. انتفت الحاجة لمنح الموظفين دولارات بدلاً من الليرة اللبنانية، ولكن المصرف المركزي سيستمرّ بمنحهم ايّاها والتي هي حق للمودعين”.
“مصرف لبنان سيعتمد منصة بلومبرغ خلافاً لأحكام القوانين التي ألزمت بأن ينحصر التداول الحرّ للعملات في ردهة بورصة”. هذا ما يؤكده ضاهر لـ”النشرة”، معتبراً أنه “بمقابل أنّ هنالك سعر صرف آخر سيُسمّى برسمي وسيحدّد في الموازنة، مما يفيد بأنه سيبقى في الجمهورية اللبنانية سعري صرف، سيعتمد الأول لسعر التداول ومنها حاجات الدولة ورواتب الموظفين، والثاني لتحميل الخسائر للمودعين، وإلا فإنّه في حال كان سعر الصرف الرسمي مرتبط بقانون الموازنة والمحدّد بـ90.000 ل.ل. وبالتالي غير متحرك، فما النفع إذاً من منصة بلومبرغ سوى الإعتماد على سعرين؟ الأول لضرب المودعين والثاني لتمرير الموبقات”!.
في مقابل ذلك، يشير الخبير الاقتصادي ميشال فياض إلى أن “التعميم 151 انتهى العمل به، كذلك تمّ التخلّي عن السعر الذي حدّده التعميم 151 بـ 15 ألف ليرة أثناء إعداد مشروع موازنة 2024، والذي ينص على اعتماد السعر المعمول به في السوق بنحو 89 ألف ليرة، لذلك نحن نتّجه نحو قصّة جديدة للمودعين في ظلّ غياب الإصلاحات والاتفاق مع صندوق النقد الدولي”.
ويرجّح فياض، عبر “النشرة”، أن يصدر منصوري تعميماً جديداً يرفع فيه سعر الدولار في المصارف الى 89500 ليرة، لافتاً إلى أنّ “البنوك ستعتمده، ولهذا السبب أقول إن هذه قصة جديدة للمودعين، ففي الحقيقة البنوك هي “بنوك ميتة”، إنّها مفلسة ولكن الإعلان عنها لم يصدر بعد، ممّا أدّى بالمودع في وقت سابق الى استبدال الدولار الواحد بـ1500 ليرة. ومع التعميم 151، أصبح بإمكانه استبداله على مراحل بأسعار وهمية ومخالفة وصولا الى 15 ألف ليرة. والآن مع صدور التعميم سيكون بإمكانه استبداله بـ89 ألف ليرة. وسيؤدي هذا إلى مزيد من التضخّم وبالتالي انخفاض قيمة العملة”.
ويشرح فياض أن “البنوك مفلسة لأنه يتعيّن عليها إعادة تقييم ميزانيتها العمومية، على أساس هذا المعدل الذي تمّ بموجبه رفع سعر الدولار، بالمختصر المصارف “متعثّرة”، منصوري يريد توحيد الأسعار والمصارف تريد تصفية “الدولارات” أو “اللولار” الذي لديها، وستستمرّ في نفس الوقت بمطالبة الدولة بتحمّل الخسائر وتريد أن تدفعها الى بيع الذهب والعقارات وواجهتها البحرية”.
ويشير إلى أنه “في حال باعت الدولة كلّ شيء فإن الأموال المستردة لن تكون كافية وليس من المنطقي أو العدل أن تدفع الدولة كل شيء، “لأننا نحن الدولة”، وهي أموالنا وأولئك الذين يجب أن يدفعوا أولاً هم من المساهمين الحاليين في البنوك… نعم، يجب على المساهمين في البنوك قبول مسح وشطب رؤوس أموالهم في البنوك والمساهمين فيها”، لافتا إلى أنّ “المصارف قضت على خطة لازارد لأنها ترفض “الحذف والشطب”، وحتى الآن يقومون بتخريب كل شيء لهذا السبب ولن يكون هناك حل حتى يقبلوا بذلك”.
إذاً تتجه الأنظار إلى ما سيقوم به منصوري… فهل يلجأ الى رفع سعر صرف الدولار في المصارف من 15 الف ليرة الى 89500 ليرة. أم أنّ المودعين سينتظرون طويلاً قبل ذلك؟!.