تزايدت الدلائل المزعجة التي تكشف أن نشاط التصنيع حول العالم لا يزال يدور في فلك عدم اليقين الاقتصادي والذي صار يطبق على الأسواق، الأمر الذي قد يؤدي إلى تسجيل المزيد من التراجع في الأعمال وتسريح الموظفين والعمال.
وأظهرت استطلاعات للأعمال الاثنين تراجع نشاط المصانع العالمية في يونيو الماضي، حيث خيم تباطؤ الطلب في الصين وأوروبا على توقعات المصدرين.
وانكمش التصنيع في منطقة اليورو بشكل أسرع مما كان يعتقد في البداية، حيث أدى التشديد المستمر في السياسة من قبل البنك المركزي الأوروبي إلى تقلص الموارد المالية، وفي بريطانيا ازدادت وتيرة الانخفاض مع تلاشي التفاؤل.
وبينما توسع نشاط المصانع بشكل هامشي في الصين، تقلص في اليابان وكوريا الجنوبية، حيث كافح الانتعاش الاقتصادي في آسيا للحفاظ على الزخم.
ونقلت رويترز عن روري فينيسي الاقتصادي الأوروبي في أكسفورد إيكونوميكس قوله بشأن إصدار منطقة اليورو إنه “لا توجد مؤشرات حقيقية على أننا سنحصل على أي انتعاش في قطاع التصنيع هذا العام”. وأضاف “بشكل عام مازلنا نتحدث عن تقييم سلبي”.
وانخفض مؤشر مديري المشتريات التصنيعي الأخير لأتش.سي.أو.بي إلى 43.4 نقطة من 44.8 نقطة في مايو، وهو أدنى مستوى له منذ الوباء الذي عزز قبضته على العالم، وأقل من قراءة أولية وأبعد من علامة 50 الفاصلة بين النمو والانكماش.
وكان التباطؤ في يونيو واسع النطاق مع استطلاعات نشرت الاثنين أظهرت تقلص نشاط المصانع في جميع الاقتصادات الأربعة الكبرى في منطقة اليورو الشهر الماضي.
وانخفض مؤشر ستاندرد آند بورز غلوبال/سي.آي.بي.أس لمديري المشتريات التصنيعي في المملكة المتحدة إلى 46.5 نقطة من 47.1 نقطة في مايو، وهي أدنى قراءة له هذا العام وواحدة من أضعف القراءات منذ الأزمة المالية 2008 – 2009.
وتؤكد استطلاعات آسيا على الخسائر التي يلحقها انتعاش الصين الأضعف من المتوقع بسبب عمليات الإغلاق في المنطقة، حيث يستعد المصنعون أيضًا لتداعيات الزيادات العنيفة في أسعار الفائدة الأميركية والأوروبية.
وقال تورو نيشيهاما كبير اقتصاديي الأسواق الناشئة في معهد داي إيتشي لأبحاث الحياة لرويترز “ربما يكون الأسوأ قد مر بالنسبة إلى المصانع الآسيوية، لكن النشاط يفتقر إلى الزخم بسبب تضاؤل احتمالات الانتعاش القوي في الاقتصاد الصيني”.
وأضاف أن “الصين تتباطأ في تقديم التحفيز ومن المرجح أن يشعر الاقتصاد الأميركي بألم الزيادات الكبيرة في أسعار الفائدة وكل هذه العوامل تجعل المصنعين الآسيويين متشائمين بشأن التوقعات”.
وأظهر الاستطلاع الخاص أن مؤشر مديري المشتريات التصنيعي العالمي آس آند بي/كايسكين في الصين تراجع إلى 50.5 نقطة في يونيو من 50.9 نقطة في مايو.
وهذا الرقم، جنبا إلى جنب مع المسح الرسمي الصادر الجمعة الماضي والذي أظهر أن نشاط المصانع يمدد الانخفاضات، يضاف إلى الدليل على أن الاقتصاد الثاني في العالم فقد قوته في الربع الثاني من 2023.
وكان التأثير محسوسًا في اليابان حيث انخفض مؤشر مديري المشتريات الأخير لبنك أو جيبون إلى 49.8 نقطة في يونيو، وعاد إلى الانكماش بعد التوسع في مايو للمرة الأولى في سبعة أشهر. وانخفضت الطلبات الجديدة من العملاء في الخارج بأسرع معدل في أربعة أشهر مما يعكس ضعف الطلب من الصين.
وفي كوريا الجنوبية تراجع مؤشر مديري المشتريات إلى 47.8 نقطة في يونيو، ليواصل تقهقره إلى رقم قياسي للشهر الثاني عشر على التوالي بسبب ضعف الطلب في آسيا وأوروبا. وأظهرت استطلاعات مؤشر مديري المشتريات تقلص نشاط المصانع أيضًا في تايوان وفيتنام وماليزيا.
ومع ذلك كانت هناك بقع مشرقة بين المؤشرات الاقتصادية، حيث خالفت الصناعة التحويلية في الهند الاتجاه وتوسعت بوتيرة سريعة في يونيو، وإن كان ذلك أبطأ قليلاً مما كان عليه في مايو، بدعم من الطلب القوي.
وأظهر مسح تانكان الذي تمت مراقبته عن كثب من بنك اليابان المركزي أيضا تحسن معنويات الأعمال اليابانية في الفترة بين أبريل ويونيو الماضيين، حيث بلغت تكاليف المواد الخام ذروتها وإزالة القيود الوبائية مما أدى إلى زيادة الاستهلاك.
وتعتمد آسيا بشكل كبير على قوة الاقتصاد الصيني الذي شهد انتعاشًا للنمو في الربع الأول لكنه لم يرق بعد ذلك إلى مستوى التوقعات. وسيكون لمصير الاقتصاد الآسيوي، بما في ذلك الاقتصاد الصيني، تأثير كبير على بقية العالم، حيث من المتوقع أيضًا أن يؤثر التشديد النقدي القوي على النمو في الولايات المتحدة وأوروبا.
ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يتوسع اقتصاد آسيا بنسبة 4.6 في المئة هذا العام بعد زيادة بنسبة 3.8 في المئة خلال العام الماضي، مما يساهم بنحو 70 في المئة من النمو العالمي.
لكن خبراء المؤسسة المالية الدولية المانحة خفضوا توقعاتهم للنمو الآسيوي العام المقبل إلى 4.4 في المئة، وحذروا من تنامي المخاطر مثل تسجيل تضخم أكثر من المتوقع وتباطؤ الطلب العالمي.