مصرف الإسكان يُطلق خدعة جديدة: قروض ليست للفقراء؟

عندما سمع هادي الخبر شعر بسعادة بالغة، فبعد أن ظنّ وظننّا أن قروض الإسكان ضاعت الى غير عودة، أعلن رئيس مجلس الإدارة المدير العام ل​مصرف الإسكان​ أنطوان حبيب عن مشاريع جديدة ستُطرح على طاولة مجلس إدارة المصرف، من شأنها تأمين مَسكن للراغبين في شراء شقة أو إعادة تأهيل منزل قديم.

بالنسبة الى هادي، ومثله نسبة كبيرة من ​الشباب​ في ​لبنان​، فلا يمكن امتلاك شقّة في لبنان دون الحصول على قرض سكني، لذلك كان لا بد من انتظار باقي التفاصيل، لبناء الأحلام عليها. حضرت التفاصيل، فانهارت الأحلام.

يوضح حبيب ان “المبلغ المرصود لقروض الشراء والبناء يصل إلى مليار ليرة كحدّ أقصى بما تُسدَّد على مدى 30 سنة بفائدة 5 بالمئة”، إنما هذا ليس كل شيء، فالقروض مخصّصة فقط للشراء أو الترميم في قرى الريف والمناطق وليس للعاصمة وضواحيها، على أن يسدِّد المُقتَرِض دفعة مُسبَقة تساوي 10 أو 20 في المئة من قيمة القرض، وألا يقل راتبه عن 15 مليون ليرة، أو مجموع راتبه مع راتب زوجته أو الكفيل فيوازي بذلك القسط الشهري ثلث راتب المقترِض أو راتبه زائد راتب زوجته”.

لتبسيط الشروط، نبدأ من الحدّ الأقصى للقرض، وهو مليار ليرة، لا يتبدّل بحسب سعر صرف ​الدولار​، فالمليار اليوم يساوي 36 ألف دولار أميركي فقط، ولا أحد يعلم كم سيساوي بتاريخ حصول الشخص على القرض، فقد يساوي أقلّ من ذلك بحال ارتفع سعر صرف الدولار.

إن هذا الحدّ يعني أن الراغب بشراء شقّة عليه أن يبحث عن سعر مناسب لقيمة قرضه، ومفروض عليه كشرط أيضاً أن يبحث في القرى أو المناطق البعيدة عن بيروت وضواحيها، وبحسب أسعار الشقق في الجنوب مثلاً فيمكن شراء شقة بمبلغ 35 ألف دولار، وبالتالي من يريد أن يشتري عليه طلب الحد الأقصى للقرض لا أقل.

الشرط الثاني الأكثر قساوة، وهو الذي ينص على ضرورة قيام صاحب القرض بتسديد 20 في المئة من قيمة قرضه نقداً قبل البدء بالتقسيط، هذا يعني ان على طالب المليار ليرة، أن يدفع مسبقاً 200 مليون ليرة وهو رقم كبير غير مُتاح بحوزة نسبة كبيرة من الشباب الذين قد يرغبون بالحصول على قرض سكني.

الشرط الثالث، هو ألاّ يقل دخل الأسرة المستفيدة من الحدّ الأقصى للقرض عن 15 مليون ليرة، على أن تكون دفعتها الشهرية تساوي 3 مليون ليرة تقريباً لمدة 30 عاماً، فهل وصلت الرواتب في لبنان الى هذه الأرقام، أم أن القروض مخصّصة لأصحاب الرواتب الخيّالية الذين يملكون المال، مثل ما كان يحصل بالسابق قبل التوقف عن منح القروض؟.

أما قرض الترميم فقد حدّد مصرف الإسكان حدّه الاقصى بـ400 مليون ليرة لمدة 10 سنوات، أي حوالي 14 ألف دولار اليوم، ودفعة شهريّة بحدود 3 مليون ليرة أو أكثر بقليل.

لا يبدو أنّ “الدولة” رسمت سياسة إسكان واضحة وتسير عليها، فبحسب الشروط لن يتمكّن غالبيّة الشباب من الحصول على القرض، الا من يحصل على راتبه بالدولار الأميركي، وبالتالي لم تعد هذه الفرصة، فرصة، بل هي أشبه بخدعة تطال فئة كبيرة من المجتمع.

مصدرالنشرة - محمد علوش
المادة السابقةموسم سياحي واعد… والتعويل على الودّ الخليجي
المقالة القادمةاقتصاد منطقة اليورو محاصر بين الحرب والوباء