بعد سنوات من توقف مجمل عمليات الإقراض السكني في لبنان، اعلن مصرف الاسكان اعادة احيائها، حيث اعلن رئيس مجلس إدارة المصرف أنطوان حبيبب عن قرض عربي بقيمة 165 مليون دولار من الصندوق العربي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، ويأتي هذا “الدعم العربي” في وقت تقفل ابواب معظم الدول العربية امام اي مساعدة يطلبها لبنان، نتيجة لفقدان الثقة بأداء المسؤولين الذي اوصل الى الانهيار والازمة الحادة… فهل يمكن القول ان “مصرف الاسكان” استعاد هذه الثقة فنجح حيث فشل الآخرون؟
في حديث الى وكالة “أخبار اليوم”، اشار حبيب انه على المرء ان يسعى، قد لا ينجح عند كل محاولة لكن لا يجوز ان يكون مقصرا.
انطلاقا من هذا المبدأ، تحدث حبيب عن كيفية تحرك قرض الصندوق العربي وصولا الى البدء بتنفيذه، قائلا: حين استلمت مهامي في المصرف في شباط العام ،2022 كان اتفاق القرض العربي الموقع في العام 2018 لم تتم الاستفادة منه على مدة 5 سنوات بسبب الخلافات داخل مجلس النواب والحكومة والمرجعيات السياسية حول المؤسسة التي سيسند اليها القرض، فهناك فريق اراد اسناده الى المؤسسة العامة للاسكان وفريق آخر الى مصرف الاسكان وهناك من طرح حل وسط بتقسيم قيمة القرض 50% لكل مؤسسة، ولكن الجميع تناسى ان الجهة المانحة هي التي تقرر من يتولى ادارة هذا القرض. وبعد فترة من التجاذب اسند القرض الى مصرف الاسكان وبقي متوقفا قسريا ايضا نتيجة للخلافات ايضا، لكن هذه المرة حول الفئات التي ستستفيد منه، على الرغم من انه موجه من قبل الجهة المانحة الى ذوي الدخل المحدود.
واضاف حبيب: بعد ان توليت مهامي في المصرف اتصل بي رئيس مجلس الانماء والاعمار نبيل الجسر الذي كان سيتقبل وفدا من الصندوق العربي، وابلغني ان القرض المخصص لمصرف الاسكان الغي نتيجة لعدم استعماله، وبما انني لست من الناس الذين ييأسون حاولت باصرار عقد لقاء مع وفد الصندوق وقد حصل في مكتب الجسر مشكورا، وخلاله سلمت الوفد تقريرا وابلغته انه في وقت كانت الدولة اللبنانية بكافة قطاعاتها الرسمية توقفت عن تسديد قروضها كان مصرف الاسكان الوحيد الذي يلتزم دون اي تأخير او تقصير، وطلبت من الوفد التحقق من الوضع المالي والاداري في المصرف وطلبت منه اتخاذ القرار المناسب واعادة النظر في الالغاء، كما تمنيت على الوفد في حال التجاوب ان يكون القرض بالدولار مع تغيير بعض الشروط. وقد اقتنع الوفد مما طرحت وباشرنا العمل على التنفيذ.
وفي هذا السياق، ذكّر حبيب ان مصرف الاسكان الذي انشئ على عهد الرئيس الراحل الياس سركيس و حكومة الرئيس سليم الحص في العام 1977 كان يهدف الى تأمين المساكن للمحتاجين.
وسئل: هل التجربة مع الصندوق العربي يمكن ان تشكل مثالا يحتذى في التعامل مع العالم العربي في المرحلة المقبلة؟ اجاب: الدولة اللبنانية لا تسدد استحقاقاتها “لا الفائدة ولا رأس المال”، وبالتالي كيف لها ان تطلب قروض جديدة، معتبرا ان ليس لدى المسؤولين الحجة القوية الموجودة بين يدينا وهي اننا لم نقصّر يوما في تسديد الموجبات هذا اضافة الى ان مشروعنا واضح ومحدد.
وماذا عن موقف الجهات الرسمية من اعادة احياء القرض، قال حبيب: زرت الرئيس نبيه بري وشرحت له مخطط مصرف الاسكان وابدى التجاوب وشدد على ضرورة ان يستفيد المحتاج وليس الميسور، واكد بري ان اتفاق القرض اقر ولا ضرورة للمرور مجددا في مجلس النواب. كما عقدت لقاء مع الرئيس نجيب ميقاتي لطلب تفعيل القرض، فلمست منه ايضا كل التشجيع والتسهيل ومر المشروع في الحكومة بعد اربعة ايام… وبالتالي هذا يعني ان التعاون موجود ولكن هناك حاجة لمن يعطي الافكار ويتابعها.
من جهة اخرى، لفت حبيب الى ان قيمة القرض العربي هي 165 مليون دولار مخصص لذوي الدخل المحدود، لكن رغم ذلك لم اسلم من الضغوط وطلب الوساطة لمن يخص هذا او ذاك، فرفضت كل الاستمارات المقدمة يدويا وانشأت موقعا الكترونيا لتقديم الطلبات واستفاء الشروط وابراز المستندات واكدت الالتزام بالقانون، وعندما تصلبت في الموقف فهم السياسيون وغير السياسيين انه لا توجد وساطات ومحسوبيات.
وهنا، اوضح حبيب انه اذا تحرك قطاع الاسكان فان قطاعات عدة ستتحرك بدءا من القطاع العقاري.
على صعيد آخر، سئل: هل ما يطرح عن اعادة هيكلة قطاع المصارف يشمل مصرف الاسكان؟ شرح حبيب ان مصرف الاسكان شركة مساهمة لبنانية مسجلة تحت رقم 41 على لائحة المصارف، وبالتالي تنتمي الى جمعية المصارف وتخضع لقانون النقد والتسليف والتجارة العامة، بمعنى انها ليست مؤسسة عامة تخضع لوزير وصاية وتأتمر بالسياسيين.
وتابع: يجتمع مجلس الادارة ويتخذ القرارات التي تصبح فورا تنفيذية، بينما قرارات المؤسسات العامة تحتاج في معظم الاحيان الى موافقة وزير الوصاية.
وشدد حبيب على ان الوضع الاداري في مصرف الاسكان مستقر، حيث ان رأسماله يتألف من جمعية المصارف اي اكثرية المصارف، وفوق كل ذلك منذ شباط 2022 ولغاية كانون الاول من 2023 حقق المصرف الارباح نتيجة استثمار مخزوننا المالي بالليرة اللبنانية، وكذلك استطعنا تأمين احتياط على جميع موجوداتنا، ما يعني ان احتياط اموال مصرف الاسكان الموجودة في مصرف لبنان هو 100% وودائعنا الموجودة في لبنان ايضا بنسبة 100%، كما ان مصرف الاسكان عمد الى شراء اليوروبوندز واسهم سوليدير وايضا احتياط هذه الاموال مؤمن 100%، ويمكن ان نغطي اي قرض قد يتعثر، موضحا انه في حال حصلت اي هيكلة للقطاع المصرفي فان مصرف الاسكان لن يتأثر، لذا يقصدنا بعض المودعين لفتح حسابات عندنا، لكننا لسنا مصرفا تجاريا بل مصرف تسليف وقروض اسكانية فقط.
وما هي الخطوات المستقبلية، كشف حبيب انه بعد الصندوق العربي، سيتوجه الى ابو ظبي وقد تلقيت وعدا من الرئيس سعد الحريري لمساعدتنا من اجل الحصول على قرض سكني منها، كما زرت في وقت سابق الكويت للغاية نفسها وراهنا انسق مع القائم بالاعمال في لبنان من اجل الحصول على قرض من الصندوق الكويتي، ويوم الاثنين المقبل لدي موعد مع سفير قطر في لبنان الشيخ سعود بن عبد الرحمن بن فيصل آل ثاني، وفي وقت لاحق هناك موعد مع السفير السعودي وليد البخاري للبحث في امكانية منحنا القروض الاسكانية.