قالت مصادر وزارية لبنانية، إن المقترحات التي طرحها وزير المال علي حسن خليل، ستؤدي حتماً إلى نقل النقاش الدائر حول خفض العجز في مشروع الموازنة للعام الحالي من المزايدات الشعبوية إلى وضع الإطار العام للاجتماعات التي سيعقدها رئيس الحكومة سعد الحريري، فور عودته من المملكة العربية السعودية، تحضيراً لإقرار المشروع في مجلس الوزراء، وإحالته على البرلمان لمناقشته ووضعه في صيغته النهائية.
وكشفت المصادر الوزارية لـ«الشرق الأوسط»، أن معظم الأفكار التي طرحها الوزير خليل جاءت حصيلة المداولات التي عقدها الرئيس الحريري مع ممثلين للمكوّنات الرئيسية في الحكومة، وقالت إنها لقيت تأييداً من جميع الذين شاركوا فيها باستثناء ممثل «حزب الله» الذي لم يسجّل اعتراضه عليها، وإنما طلب إمهاله بعض الوقت للتشاور في شأنها مع قيادة الحزب.
وأبدت المصادر ارتياحها لموقف رئيس «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية جبران باسيل، وزميله في تكتل «لبنان القوي» رئيس لجنة المال والموازنة النيابية إبراهيم كنعان، وقالت إن موقفهما أكثر تقدّماً من موقف زميلهما وزير الدفاع النائب إلياس بو صعب الذي يحيل على غيره إدخال بعض التعديلات على التدبير رقم 3، الذي ينص على إعطاء العاملين في الأسلاك الأمنية والعسكرية راتب 3 أشهر عن كل سنة في الخدمة.
ورأت أن ما طرحه الوزير خليل حول التدبير رقم 3 لم يفاجئ القيادات العسكرية، وأنه تداول فيه مع وفد من قيادة الجيش، وقالت إن رئيس المجلس النيابي نبيه بري تطرّق إليه لدى استقباله قائد الجيش العماد جوزف عون. وأكدت أن اللقاءات مع هذه القيادات لقيت تجاوباً على قاعدة تطبيق القانون الذي ينص على إفادة الوحدات العسكرية الموجودة في جنوب لبنان في مواجهة إسرائيل، أو تلك الموجودة في البقاعين الشرقي والشمالي على طول الحدود اللبنانية مع سوريا من هذا التدبير. ونفت المصادر ما أُشيع عن استهداف العسكريين من تطبيقه، وقالت إن من يضحّي بدمه على استعداد للتضحية ببعض الوقت لإنقاذ البلد، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن هناك ضرورة لإيجاد حل للتضخُّم في الرتب العسكرية، خصوصاً من هم برتبة عميد بعد أن تجاوز عددهم بنسبة كبيرة عدد العمداء في الجيش الأميركي، إضافة إلى وقف إعطاء الحوافز للعمداء للاستقالة قبل فترة زمنية من إحالتهم على التقاعد.
ورأت أن هناك ضرورة لوضع معايير جديدة لترقية الضباط بدلاً من أن تكون ترقية بعضهم حتمية، بعد أن يمضي هؤلاء 4 سنوات في رتبهم العسكرية. وشدّدت على ضرورة تعديل بعض القوانين لجهة تمديد المهل للتقاعد المبكر للعسكريين، لأنه من غير الجائز لمن يود من هؤلاء أن يطلبوا الموافقة على تسريحهم من الخدمة بعد انقضاء 20 سنة على تطويعهم في الأسلاك الأمنية والعسكرية. وعزت السبب إلى أن هؤلاء لا يزالون في عز عطاءاتهم، وبالتالي سيحصلون على تعويضات نهاية الخدمة، وأيضاً على راتب تقاعدي، إضافة إلى أن تسريحهم يتطلب فتح باب التطوّع لسد الفراغ الناجم عن تسريحهم.
وقالت المصادر نفسها إن هناك مجموعة من المقترحات يراد منها «ترشيق» رواتب العاملين في القطاع العام أو المتقاعدين منهم، وأوردت أبرزها:
– لا يجوز للضباط المتقاعدين ممن انتخبوا نواباً تقاضي راتبين، الأول تقاعدي والثاني من البرلمان، وهناك ضرورة لتعديل القانون الذي يسمح لهم بأن يتقاضوا الراتب الأعلى طالما أنهم أعضاء في المجلس النيابي.
– لا توجد نية للمسّ برواتب ذوي الدخل المحدود أو متوسّطي الحال في القطاع الوظيفي، لكن لا بد من الالتفات للموظفين الذين تتجاوز رواتبهم أكثر من مليون ليرة، من خلال وضع مجموعة من الشطور تسمح بتجميد دفع جزء من الزيادة التي أُعطيت لهم بإقرار سلسلة الرتب والرواتب لمدة 3 سنوات على أن يعاد إليهم المبلغ المقتطع بعد انقضاء هذه المهلة، وبفائدة تتراوح بين 4 و5 في المائة.
– ضرورة إعادة النظر بالرواتب المنتفخة لكبار العاملين في الدولة من خلال وقف العمل خارج الدوام، أو إفادتهم من بدل مالي تعويضاً عن مشاركتهم في اللجان، وهذا يسري على رؤساء وأعضاء مجالس الإدارات وبعض المديرين العامين ونواب حاكم المصرف المركزي، خصوصاً أن رواتب وتعويضات بعض هؤلاء تفوق رواتب الرؤساء.
– وضع معايير جديدة للتعويضات التي تُصرف لرؤساء الجمهورية والمجالس النيابية السابقين، وأيضاً النواب السابقين.
– التشدُّد في التصدي للتهرُّب الضريبي وبعض الإعفاءات الجمركية، وفي مكافحة الفساد، وهدر المال العام، وتحقيق الإصلاحات المالية والإدارية، استجابة لمتطلّبات مؤتمر «سيدر»، إضافة إلى وقف التهريب ومراقبة التطبيق الفعلي لتحصيل الضريبة على القيمة المضافة، وخفض نفقات السفارات اللبنانية في الخارج.
– إعادة النظر في النظام المعمول فيه بالنسبة إلى تقديم المساعدات للجمعيات والأندية، إضافة إلى التعويضات التي تُعطى للمدارس المجانية أو نصف المجانية.
– توحيد التقديمات الصحية والمدرسية للعاملين في القطاع العام بلا تمييز بين هذا القطاع أو ذاك.
– خفض نسبة من الدعم المالي لمؤسسة كهرباء لبنان، لأنه من غير الجائز أن يبقى العجز تحت سقف نحو ألف و800 مليار ليرة، وذلك بزيادة ساعات التقنين والتعويض عنها بالمولّدات إلى حين وضع خطة متكاملة لهذا القطاع تربط الحل الموقّت بالدائم من خلال إشراك القطاع الخاص في إنتاج الكهرباء.
– اقتراح برفع الضريبة على الفوائد من 7 إلى 10 في المائة على أن يُترك للمصارف، وبمبادرة طوعية منها، خفض الفوائد على سندات الخزينة التي تستدين الدولة بواسطتها من المصارف.
لذلك، فإن البديل لبعض هذه الإجراءات والتدابير قد يكون بزيادة 5 آلاف ليرة كحد أدنى على صفيحة البنزين وبعض المشتقات النفطية. لكن المصادر الوزارية تؤكد لـ«الشرق الأوسط»، أن لا نيّة لهذه الزيادة، وبالتالي فإن البدائل المطروحة تؤمّن خفض الموازنة خطوة في طريق إقرارها شرط أن يغلب عليها التقشّف.