فيما باشر المجلس النيابي امس، بهيئته العامّة، مناقشة مشروع قانون إعادة هيكلة المصارف، قدّم صندوق النقد الدولي ملاحظاته الخطيّة على المسودّة الأخيرة من مشروع القانون. “المدن” تنشر هذه الملاحظات، التي يفترض أن تؤثّر جدياً على نقاشات المجلس. إذ يمثّل إقرار هذا القانون، بصيغة مقبولة، أحد الشروط التي يطلبها الصندوق قبل توقيع أي اتفاق نهائي معه. ومن المعلوم أنّ ارتباط مشروع القانون بشروط الصندوق مثّل أساساً الدافع الأهم، للإسراع في صياغته ومناقشته وإحالته إلى الهيئة العامّة للمجلس.
دور المصارف في الهيئة المصرفيّة العليا: يرى الصندوق أنّ مجلس إدارة المؤسسة الوطنيّة لضمان الودائع ما زال خاضعاً لهيمنة المصارف، التي تملك نصف أسهم المؤسّسة. وعليه، يفترض أن يتأجّل تمثيل المؤسسة الوطنيّة لضمان الودائع في الغرفة الثانية من الهيئة المصرفيّة العليا، إلى حين إصلاح المؤسّسة وتحويلها إلى جهة تُدار بالكامل كهيئة عموميّة. مع الإشارة إلى أنّ الغرفة الثانية من الهيئة المصرفيّة العليا هي التي ستتخذ القرارات المصيريّة بالنسبة لمستقبل كل مصرف على حدة. وهذا ما يفسّر حذر الصندوق من تمثيل المؤسّسة الوطنيّة لضمان الودائع، الخاضعة لسيطرة المصارف، في هذه الغرفة، كما نصّت النسخة الأخيرة من مشروع القانون.
الخبراء في الهيئة المصرفيّة العليا: يؤكّد الصندوق أنّ الخبراء الخارجيون، الممثلين في الهيئة المصرفيّة العليا، يجب أن يكونوا مستقلين تماماً، من دون أي ارتباط بالحكومة أو القطاع المصرفي. وهذه الملاحظة، تأتي كتحفّظ واضح على ما نصّت عليه النسخة الأخيرة من مشروع القانون، لجهة إعطاء الهيئات الاقتصاديّة حق ترشيح لائحة من الأسماء، لينضم أحدها كخبير إلى الغرفة الثانية من الهيئة المصرفيّة العليا. ومن المعلوم أنّ جمعيّة المصارف تُعتبر أحد الأعضاء الفاعلين والمؤسّسين في تجمّع الهيئات الاقتصاديّة.
حق الطعن: ينص القانون في المادّة 31 منه على إعطاء المصارف حق الطعن في قرارات المعالجة والتصفية. وعليه، لا يوجد ما يبرّر إعطاء المصارف، بالإضافة إلى هذا الحق القائم أصلاً، حق الطعن في تقارير التقييم، التي يتم إعدادها من قبل لجنة الرقابة على المصارف قبل اتخاذ قرارات المعالجة والتصفية. وإذا تم الإبقاء على هذا الحق، فينبغي حصره بحالات الأخطاء الواقعيّة، للحد من العرقلة التي يمكن أن تمارسها المصارف. وعليه، ينبغي تعديل مشروع القانون على هذا الأساس.
التدقيق الموازي: لا يرى صندوق النقد جدوى في إعطاء الهيئة المصرفيّة العليا، التي ستتخذ القرارات النهائيّة، حق إجراء تقييم موازٍ من طرفها لكل مصرف، بما يتجاهل التقييم الذي قامت به أصلًا لجنة الرقابة على المصارف، كما نصّ مشروع القانون. مع الإشارة إلى أنّ الإطار القانوني العام المُعد يعطي لجنة الرقابة حق إعداد التوصيات بالنسبة لكل مصرف، بناءً على أعمال التدقيق والمراقبة التي تقوم بها، بينما تملك الهيئة المصرفيّة العليا حق اتخاذ قرارات التصفية أو معالجة الوضع أو التأديب. ولذلك، سيتم تهميش دور لجنة الرقابة بشكل كامل إذا تمّ تجاهل تقاريرها، لمصلحة رقابة موازية تقوم بها الهيئة المصرفيّة العليا.
أهداف القانون: ينبغي إعادة الصياغة السابقة التي كانت، اتّساقًا مع المعايير الدولية، تُصرّح صراحةً بالأهداف الآتية لمشروع القانون: تحقيق الاستقرار المالي، واستمرارية الوظائف الحرجة للقطاع المصرفيّة، وحماية المودعين، وتقليل استخدام المال العام في عمليّة إعادة الهيكلة. كما ينبغي التنبيه إلى أنّ هذا القانون ينطبق على المصارف غير القابلة للاستمرار (non-viable)، وليس المصارف “المفلسة” فقط كما ورد خطأً حاليًا. وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه الصياغة، بالنسبة لأهداف القانون، كانت واردة كذلك في مشروع القانون المُعد من قبل الحكومة، قبل تعديل النص في لجنة المال والموازنة.
اليقين القانوني: يتحفّظ الصندوق على عدم تحديد مشروع القانون “مدى سريان النصوص القانونيّة الأخرى”، عند تعارضها مع القانون الجديد. لذا نصح الصندوق بإضافة عبارة تؤكّد أولويّة التشريع الجديد على التشريعات السابقة، مثل قواعد قانون التجارة، لضمان نفاذ قرارات إعادة الهيكلة من دون عرقلة.



