ملامح الاقتصاد السوري مقلقة.. العقوبات والعملة والدولار مؤثرات كبيرة

مع انتهاء الاستحقاق العسكري، ينتظر العهد الجديد في سوريا استحقاقات كبيرة، على رأسها ترميم الاقتصاد المتهالك، والخروج من الأزمات المعيشية والاقتصادية التي تعصف بالبلاد، ما يعني أن على حكومة تصريف الأعمال إيجاد خطة لمواجهة ملفات آنية عديدة، على رأسها مصير الليرة السورية، ودفع الرواتب، وتأمين القطع الأجنبي الكافي لتنشيط عجلة الاستيراد.

وفيما يبدي خبراء اقتصاديون توجسهم مما تحمله الأسابيع المقبلة من أزمات اقتصادية قد تضع البلاد في أتون صراعات غير محبذة، يمكن رسم الخطوط العريضة لاقتصاد المرحلة الانتقالية الراهنة، والذي يتمثل بإعادة الاستقرار للعملة الوطنية وتحريك مؤسسات الدولة وتخديم البلاد، ولو بالحد الأدنى.

وتعاني الخزينة من واقع مالي سيء للغاية، حيث نفى رئيس حكومة تسيير الأعمال في سوريا، محمد البشير، خلال تصريح لصحيفة “إل كويبري ديلا سيرا”، وجود قطع أجنبي في خزائن البنك المركزي، قائلاً: “ليست لدينا أي عملة أجنبية، أما فيما يتعلق بالقروض والسندات فنحن ما زلنا نجمع البيانات. لذا نعم نحن في وضع مالي سيئ للغاية”.

مصير العملة الوطنية
ويشكل تداول الليرة السورية بوضعها الحالي عقبة أمام الحكومة الجديدة، بسبب وجود صورة الرئيس المخلوع بشار الأسد على عدد من فئاتها. ولتجاوز هذه العقبة، يرجح الباحث ومدير منصة “اقتصادي” يونس الكريم، “الاستعانة بالبنك الأوربي لتزويد الحكومة بالطباعات القديمة لليرة بهدف تأمين السيولة”.

ويضيف الكريم لـ”المدن”، أن حكومة تسيير الأعمال سوف تستمر في استخدام الاحتياطي النقدي الموجود في البنك المركزي وسائر الشبكة المصرفية من الليرة السورية، لتسديد رواتب الموظفين ريثما يتوضح الوضع الاقتصادي وحجم المساعدات الإنسانية التي يمكن أن تتدفق إلى البلاد، خلال الأسابيع المقبلة.

ويلحظ الكريم وجود محاولة من الحكومة الجديدة لفرض سعر صرف موحد لليرة السورية يجعلها قابلة للتداول، وبالتالي جعل السلع في متناول المواطنين، حيث يمكن بهذه الصورة ضبط الأسعار وتخفيضها.

وفيما يتعلق بآلية تمويل المستوردات، يرجح أن “الحكومة الجديدة ستلجأ إلى مخزونها السابق من القطع الأجنبي لتمويل المستوردات لدورتين استيراديتين على الأقل، أي ما يقارب 3 أشهر”.

بالمجمل، يبدو أن الحكومة ستلجأ إلى العمل وفق موازنات شهرية مؤقتة، واعتماد الليرة السورية واستخدامها لدفع الرواتب وتأمين وتسعير السلع، مع محاولة ضبط سوق الصرف بهدف استقرار الليرة لتخفيف الضغط على القطع الأجنبي، تحسبا من اي انفلات محتمل لأسعار السوق.

مأزق العقوبات والتصنيف
ولم تتضح بعد التوجهات الاقتصادية للعهد الجديد، لكن يمكن الاستفادة من الأنباء التي يتم تداولها والمترتبة عن الاجتماعات بين الإدارة الجديدة ومسؤولي النظام المخلوع، والتي تشير إلى تبني اقتصاد السوق الحر والسماح بتداول الدولار، ونزع القيود والاحتكار عن الاقتصاد الذي سيشبه في المستقبل اقتصاد كل من دبي ولبنان.

ولا يبدي الباحث ومدير البرنامج السوري في مرصد الشبكات السياسية والاقتصادية كرم شعار، تفاؤله حول ما ينتظر الاقتصاد السوري في الأيام المقبلة. ويؤكد لـ”المدن”، أن “سياسة الاستئثار بالسلطة ستنعكس سلباً على الاقتصاد، لاسيما وأن الهيئة وزعيمها أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني) لا يزالان على لائحة الإرهاب”.

ويمكن التكهن ببعض التوجهات الاقتصادية للمرحلة الانتقالية، بحسب شعار، والتي غالبا ستشمل التخلي عن الليرة التركية والعودة إلى العملة الوطنية، وفي حال تم حظر تداول الليرة التركية سيشهد السوق طلبا كبيرا على الليرة السورية، ما سيرفع من قيمتها ويجعلها تسير نحو الاستقرار.

ويتابع أن ما يُشاع عن طباعة عملة جديدة وإزالة الأصفار تحت إشراف البنك الدولي، يبدو معلومة غير مؤكدة، نظرا لأن قرار طباعة النقود هو قرار سيادي ولا علاقة للبنك الدولي بأي شكل من الأشكال بهذا الإجراء.

والأهم في الوقت الراهن، بحسب شعار، هو “مسألة تصنيف الجولاني وتحرير الشام على لائحة الإرهاب، فهذا التصنيف يلعب دورا مهماً جداً في الاقتصاد السوري، لأن العقوبات الدولية المفروضة على الجولاني والهيئة تعد أكبر من العقوبات المفروضة على النظام السابق”.

مصدرالمدن - محمد كساح
المادة السابقةجردة حساب للمركزي: ماذا فعل منصوري خلال العام؟
المقالة القادمةكريدية: هبة صينية لإنشاء 390 محطة لاسلكية جنوب الليطاني