عدّدت أسباب تراجع سعر صرف الدولار، و”الموت” بارتفاع أسعار السلع والمنتجات واحد. فبغض النظر إن كان التراجع مردّه إلى ضخ بضعة ملايين من الدولارت كـ”هدية” ترحيبية من “الحاكم” بالرئيس المكلف، أو الى استغلال ذكي للظرف السياسي للمّ أكبر كمية ممكنة في نهاية الشهر من الدولارات على سعر منخفض، وفي ظل وجود أعداد كبيرة من المغتربين… فان “التهليل” بسعر 16800 أو 17000 هو المشكلة بحد ذاتها. فاللعبة التي تتكرر دورياً منذ بداية الأزمة برفع السعر إلى معدل غير متوقع وتخفيضه سريعاً إلى رقم أعلى مما كان عليه تحضيراً لوثبة جديدة، ما هي إلا طريقة “نحت السعر” بحسب الخبير في الأسواق المالية د. فادي خلف، و”عليه فان هذا الإرتداد لا يعول عليه فهو مرحلي ولن يلبث أن يرتفع إلى 20 او 22 ألف ليرة بعدما تعتاده الأسواق ويتقبله المستهلكون، وهكذا دواليك سيرتفع الدولار باضطراد إلى أن نصل إلى القعر”.
الإنخفاض الملحوظ لم ينعكس تراجعاً في أسعار السلع والخدمات، فمن سعّر بضائعه على سعر صرف 23 وحتى 25 ألف ليرة قبل أسبوع من اليوم لم يخفّض اسعاره مع تراجع الدولار. حجة صغار التجار أنهم يخسرون رساميلهم في هذه العملية، أما الكبار منهم فـ”لا مشكلة لديهم بقبض الفواتير على سعر السوق الحالي بشرط تمكينهم من الحصول على الدولارات من السوق الموازية بالقيمة نفسها”، بحسب نقيب مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي. فالسعر المتداول حالياً ينحصر بامكانية شراء مبالغ صغيرة من الدولار، أما المبالغ الكبيرة المقدرة بمئات آلاف الدولارات لأغراض الإستيراد فهي غير متوفرة. وعند عرض السعر على الصراف بناء على المنصات يجيب “إشتروا من التطبيقات”.
التقلبات السريعة والكبيرة بسعر الصرف تعد أكثر نتائج الأزمات خطورة، حيث ترتفع الأسعار بارتفاع الدولار ولا تنخفض بتراجعه بالنسبة نفسها وبالسرعة ذاتها التي ارتفعت فيها. وهي بذلك تقضي على القيمة الشرائية للمواطنين في الإرتفاع والإنخفاض، وتصيب التجار وتحديداً الصغار منهم بعجوزات كبيرة وتهدد مصالحهم بالإقفال. وأمام هذا الواقع لا حل، بحسب خلف، “إلا باعتماد تجربة الثمانينات والتسعير بالدولار. وبهذه الطريقة نحمي التجار والمواطنين على حد سواء”.