رجح مسح حديث نشرته شركة الاستشارات العالمية أليكس بارتنرز الخميس أن تسارع شركات كثيرة حول العالم في أغلب القطاعات الخطى نحو الاندماج خلال الأشهر المقبلة لمواجهة الكبوات التي تعترضها بفعل التقلبات الاقتصادية.
وستكون هذه الخطوة ضمن مساعي الكثير من الكيانات التي وجدت نفسها في موقف لا يحسد عليه بسبب تبعات الحرب في أوكرانيا لترشيد الإنفاق وتوحيد الجهود، وتشكيل تكتلات اقتصادية كبرى تمتلك أدوات وإمكانات تعزز من قدرتها التنافسية عالميا.
ووفقا للمسح، الذي أجري في مايو الماضي، فإن معظم الرؤساء التنفيذيين للشركات حول العالم يتوقعون ركودا خلال الأشهر الاثني عشرة القادمة في مجال التمويل وستكون الأميركيتان هي المنطقة الأقل تفاؤلا.
ويتوقع أكثر من 600 من المتخصصين الماليين في بنوك الاستثمار والمقرضين وشركات الاستشارات المالية في عشرين قطاعا شمل أسواق الشرق الأوسط وأوروبا والولايات المتحدة وأفريقيا وآسيا فترة من الضيق التجاري الواسع النطاق وتقلصا في الاستجابة للجانب السلبي للتقلبات الاقتصادية.
ولأول مرة منذ خمسة عقود، سيشكل التضخم محركا رئيسيا للضغوط الاقتصادية على العديد من الشركات التي تبحث عن طوق نجاة للابتعاد عن كوارث محتملة قد تعيق أنشطتها في المستقبل.
وتبدو أسواق التمويل صعبة كما أن جهود الامتثال إلى المعايير البيئية والاجتماعية ومعايير الحوكمة تتزايد مع اشتداد الأزمة، حيث سيتم قياس فرص الشركات في الاستمرار بمقدار السيولة الموجودة في ميزانياتها العمومية.
ويقول الخبراء إن ازدياد نشاط الاندماج والاستحواذ المتوقع والناتج عن الركود لن يقتصر على إعادة هيكلة الشركات، بل سيؤدي إلى جولة جديدة من توحيد الصناعة وإعادة ابتكارها.
ويتوقع أكثر من ثلث المشاركين في المسح أن غالبية الشركات المتعثرة التي استغلت أسواق الائتمان للتمويل في عام 2021 ستحتاج إلى المزيد في السنوات الثلاث المقبلة.
وتشير التقديرات إلى أن توافر رأس المال قد انخفض أو ظل ثابتا، فيما أصبحت الشروط المالية أكثر تقييدا اليوم مقارنة بالعام الماضي ما يفاقم الضغوط.
وفي ظلّ بيئة يحكمها الاضطراب وعدم اليقين، تحاول الشركات الكبرى تثبيت قيمة المؤسسة فيما تقوم شركات الأسهم الخاصة بتبسيط محافظها الاستثمارية.
وتخلق هذه البيئة فرصا للشركات التي لديها هيكل رأس مال مناسب لالتقاط لاعبين أضعف من خلال عمليات الاندماج والاستحواذ وبناء قدرة تنافسية أكبر على المدى الطويل، وربما بأسعار مخفضة.
ومن ناحية أخرى، يعيد الآخرون تقييم المناطق الجغرافية التي تشكل تحديا أو غيرها من تدابير خفض التكاليف واتخاذ إجراءات استراتيجية لتقليص المحافظ وهياكل الشركات.
كما يواجه المشترون والبائعون المحتملون على حد السواء ضغوطا متجددة من المستثمرين ومجالس الإدارة للتركيز على أعمالهم الأساسية لدفع النمو في مواجهة الاضطراب.
ويبقى أن يرى المحللون أين تكمن أفضل الصفقات ومن الذي سيستفيد الأكثر، ولكن من الواضح أنهم يرون في الأفق سوقا مزدحمة.
ونسبت رويترز إلى جوف ميتشل الرئيس المشارك العالمي لممارسة خدمات التحول وإعادة الهيكلة في أليكس بارتنرز قوله إنه “ينبغي على قادة الأعمال أن يستعدوا للمزيد من عدم اليقين في عالم الجغرافيا السياسية وأسعار الفائدة والتضخم”.
وأوضح أنه لم يعد ممكنا تغذية النمو بأموال رخيصة، وبات على نماذج الأعمال أن تكون مدعومة بالأرباح.
وأكد ميتشل أن الفرق القيادية التي يمكنها تحويل أعمالها بوتيرة سريعة وخفة الحركة وبعد النظر ووجهة نظر موجهة نحو العمل تفوز بالمعركة في “خضم الأمواج العاتية القادمة”.
وأشار إلى أنه إذا أثبتت “عقلية التحول” أنها عامل محدد في إنشاء ميزة تنافسية خلال ذروة الوباء، فيجب الآن الاحتفاظ بها للتعامل بفعالية مع موجة جديدة وأكبر من تقلبات السوق.
واضطرت العديد من الشركات سحب أو تعليق صفقات تمويل بالمليارات من الدولارات منذ اندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية، بما في ذلك عمليات الاستحواذ والاندماج أو الاكتتابات العامة الأولية والسندات أو القروض.
وتأتي قرارات التأجيل بينما أدت الحرب إلى اضطراب أسواق التمويل، والإضرار بمعنويات المستثمرين للمخاطرة وزيادة عدم اليقين بشأن النمو ورفع أسعار الفائدة وسلاسل التوريد.
وتوقفت نحو عشر صفقات اندماج أو استحواذ تقدر قيمتها بأكثر من 5 مليارات دولار منذ بداية الحرب.
وأدى ذلك إلى انخفاض عمليات الاندماج والاستحواذ العالمية بنسبة 15 في المئة في الربع الأول من العام الجاري إلى 1.02 تريليون دولار، وهو أدنى معدل منذ الربع الثالث من عام 2020، وفقا للبيانات التي جمعتها بلومبرغ.
وكان استحواذ شركة مايركوسوفت على شركة ألعاب الفيديو أكتيفيجن بليزارد بقيمة 69 مليار دولار واحدة من بضع صفقات ضخمة خلال العام الماضي، مع ابتعاد الشركات في الغالب عن المعاملات الكبيرة.
وقال جيم ميسترهارم الرئيس المشارك في أليكس بارتنرز تعليقا على المسح “لقد أثبت الخبراء الماليون الذين أجابوا على الاستطلاع الحقيقة الصارخة وهي أن يوم حساب الركود قد حلّ بنا. بينما لا يمكن لأحد تحديد التوقيت الدقيق”.
وأضاف “يخبرنا المشاركون في المسح أننا نتجه نحو ركود عالمي وفترة مكثفة أخرى من إعادة الهيكلة”.
وأوضح أن الشركات غير القادرة على إعادة التمويل بسبب عدم توفر التمويل الجديد أو لأنها باهظة الثمن ستكون أول من سيواجه الصعوبات.
وقال “إذا كانت الفترة أقل من عام، فأنت تتجه إلى وضع الذعر، هذا إن لم تكن فيه بالفعل”.