عاد موظفو الإدارة العامة اليوم إلى مكاتبهم معلّقين إضرابهم العام، الذي بدأوا تنفيذه منذ أيام، وإضرابهم المتقطّع الذي يعود إلى أشهر سابقة. عودة الموظفين اليوم إلى العمل إنما تعكس حُسن نواياهم تجاه السلطة التي أطلقت عشرات الوعود في وقت سابق ونكثت بها. هي السلطة نفسها اليوم تعد موظفي الإدارة بتطبيق مرسوم الإنتاجية بدءاً من 1 كانون الأول الجاري.
وبعد صولات وجولات بين وفد من المدراء الإداريين ووزارة المال، ورغم تمسّك وزير المال في حكومة تصريف الأعمال، يوسف الخليل، بتطبيق مرسوم الإنتاجية بدءاً من مطلع العام المقبل 2024، عاد الأخير عن قراره بضغط من الإداريين الذين رفضوا العودة عن الإضراب الى حين استحصال الخليل على موافقة رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، على تطبيق المرسوم من مطلع شهر كانون الأول الجاري. ما دفع بموظفي الإدارة الى التراجع عن الإضراب والعودة إلى العمل.
العد العكسي للمرسوم
وتفيد المعلومات بأن مجلس شورى الدولة يتّجه إلى إعلان قراره بشأن مرسوم الإنتاجة خلال الأسبوع الجاري. وعليه، سيتم إقرار المرسوم من قبل مجلس الوزراء بناء على رد مجلس شورى الدولة.
وحسب وزير العمل مصطفى بيرم، فإن ما يقدّمه المرسوم لموظفي القطاع العام غير كاف، لكنه يضمن دعم الموظفين ومساندتهم، كونهم الفئة الأكثر غُبناً في هذه المرحلة. كما أن الحكومة لا يمكنها الدخول بمشروع سلسلة رتب ورواتب.
أما الغبن الذي يطال موظفي الإدارة العامة فيعود إلى تدهور قدرة رواتبهم الشرائية، وعدم حصولهم على حوافز لاستمرار الإنتاجية على غرار باقي القطاعات التي حصلت على حوافز متفاوتة باختلاف كل قطاع. أما الموظفون الإداريون وعددهم لا يزيد عن 8000 موظف فلم يحصلوا على أي زيادات او حوافز على غرار زملائهم.
ويقول أحد المدراء الإداريين، نحن لسنا هواة إضراب. وكل ما سعينا إليه هو الحصول على حوافز تخوّلنا الإستمرار بالعمل، لاسيما أن أي يوم تأخير بالعمل سينعكس علينا تأخيراً بالحصول على رواتب الشهر الجاري قبل عيد الميلاد.
وضعنا ثقتنا مرة جديدة بوزير المال، على أمل أن يفي بوعده ويبدأ تطبيق المرسوم من الشهر الحالي، يقول المصدر، فعودة الموظفين إلى العمل ضرورية، لأن البدل مقابل العمل. وبالتالي، لم يعد بإمكانهم التوقف عن العمل.
ماهية الحوافز
حسب مرسوم الإنتاجية المرتقب إقراره، لا بد للموظف أن يعمل لمدة 20 يوماً بالحد الأدنى على مدار الشهر، وإلا يُمنع عليه الحصول على الحوافز المالية. ويوضح مصدر إداري رفيع، أنه بموجب المرسوم المذكور تصبح الإدارة دائمة العمل، وقد تستعيد دورتها العادية. وتالياً، ترتفع إنتاجيتها تدريجياً. أما الدوامات المتقطعة فإنها ستتوقف كلّياً.
بعد تطبيق المرسوم، وفي حال دوام الموظف بشكل كامل، أي 20 يوماً شهرياً، فإن الحوافز المالية المستحقة له ستتراوح بعد اقتطاع ضريبة الدخل منها، بين 290 دولاراً للفئة الخامسة و450 دولاراً للفئات العليا. وتضاف الحوافز إلى الرواتب السبعة التي يتقاضاها حالياً الموظف الإداري. لكن بجميع الحالات، فإن الحوافز أو أي زيادات أخرى لا تُضاف إلى الرواتب الأساس ولا لتعويض الصرف ولا رواتب التقاعد.
ويشدد مصدر إداري آخر على أن هذه الحوافز هي بدل انتاجية ومقابل عمل فعلي، ولن يتقاضاها سوى من يعمل 20 يوماً من الموظفين الإداريين. ويقول “لا بد من حل مسألة الإدارة العامة وضمان عودة الموظفين إلى مكاتبهم، لإعادة انتظام المؤسسات تدريجياً وزيادة انتاجية الدولة. لافتاً إلى أن تكلفة الحوافز المالية العائدة لموظفي الإدارة لا تزيد عن 400 مليار ليرة شهرياً. وهو مبلغ ضئيل بالمقارنة مع قطاعات أخرى.
ويذكّر المصدر بأن الحوافز المنتظرة تأتي استكمالاً للزيادات والحوافز التي تم تقديمها للقطاعات الأخرى كالتربية والقضاء وغيرها من المؤسسات، “وإما أن تبقى الإدارة العامة معطّلة والمؤسسات بحال شلل أو أن تستعيد نشاطها وإنتاجيتها بعد تطبيق الحوافز المالية”.