بعد أسبوعٍ من الإضرابات التي قام بها موظفو نقابة الأطباء في بيروت احتجاجاً على تردّي أوضاعهم وتدني قيمة رواتبهم بما يؤثر سلباً على حضورهم إلى أعمالهم، اتّخذ القرار «بالإنصاف» ضمن النقابة، حيث قرّر مكتب المجلس صرف 15.5% من قيمة «أساس راتب» الموظفين بالدولار الفريش أو ما يعادله بالليرة اللبنانية في السوق الموازية. وقد كان لهذا القرار وقعه الإيجابي على الموظفين الذين بادروا إلى فضّ الإضراب كبادرة حسن نيّة تجاه النقابة، التي «وافقت على إعطائنا حقوقنا على قدر إمكانياتها»، يقول شربل الراعي، أحد أعضاء لجنة المتابعة.
قبل الإقرار، كان الإضراب موضع أخذ وردّ ضمن مكتب المجلس، انطلاقاً من مبدأ حسم قيمة الزيادة استناداً إلى ما تسمح به الأوضاع، وبحيث «لا يبقى أحد من بين الموظفين من يتقاضى أقل من 500 دولار موزعة ما بين الفريش دولار والليرة اللبنانية». وفي هذا السياق، كانت مطالب الموظفين تتضمن إعادة النظر في الرواتب من منطلق «التحسينات التي لحقت بعض المداخيل ولا سيما في صندوق التقاعد، ولذلك ارتأى هؤلاء أن تتحسّن رواتبهم بمقدار النسبة التي تحسنت بها المداخيل في هذا الصندوق، خصوصاً أن رواتب هؤلاء الموظفين تأتي في جزء منها من هذا الصندوق (حيث يغطي 30% من رواتب الموظفين) والجزء الآخر بمعدل الثلثين من صندوق النقابة المستقلّ». وبما أن بعض التحسينات لحقت بصندوق التقاعد الذي تعدّ أحد مداخيله الأساسية الضريبة التي يدفعها المستوردون على فواتير الأدوية لأخذ الموافقة من النقابة لإدخال الدواء (يدفع هؤلاء نصف في المئة على كل فاتورة)، والتي تدفع اليوم على أساس مؤشر سعر الدواء الذي تصدره وزارة الصحة العامة، كان القرار بإعطاء الموظفين الذين يعدّون 46 موظفاً في خمسة فروعٍ لنقابة أطباء بيروت هذه القيمة. ومن المفترض أن تحتسب هذه القيمة من ضمن قيمة الراتب الأساسي «ما قبل التعديلات التي لحقت به قبل فترة حيث ضرب الراتب بثلاثة أضعاف، أما اليوم، فقد أعيد الراتب إلى ما كان عليه مع اقتطاع نسبة 15.5% وصرفها بالدولار أو ما يعادله».
صحيح أن هذا القرار انعكس إيجاباً على الموظفين، إلا أنه أثار بلبلة لدى بعض الأطباء، وهم في غالبيتهم من المتقاعدين، إذ اعتبروه مجحفاً بحقهم، لناحية أن يتقاضى بعض الموظفين أكثر من الأطباء». ويأتي رد الفعل هذا، بعد احتساب بعض معاشات الموظفين «حيث أن البعض منها يصل إلى حدود 1600 دولار أميركي». وفي هذا السياق، تشير مصادر النقابة إلى أن هذه المقارنة «مجحفة وغير منطقية، أولاً لناحية المقارنة بين الموظفين وبين أطباء متقاعدين تحتسب رواتبهم على أساس اشتراكاتهم، وثانياً لأن من يأخذون تلك المبالغ التي تفوق الألف دولار لا يتخطون الأربع موظفين منهم من هم في الخدمة منذ ثلاثة عقود، فيما الزيادات الأخرى تتراوح ما بين 450 و900 دولار». أما في الشق المتعلق بالأطباء المتقاعدين، فضآلة رواتبهم تعود إلى الاشتراكات، «التي وإن زادت إلا أنها لم تعد تساوي شيئاً يذكر اليوم في ظل تلاعب الدولار». وفي هذا السياق، تشير المصادر إلى أن النقابة كلّفت مصلحة المحاسبة بالعمل على دراسة تستخلص الحد الأقصى الممكن لرفع المعاش التقاعدي «بحيث تشير الأرقام الأولية إلى إمكانية رفعه إلى 10 ملايين بدلاً من الراتب الحالي المقدّر بستة ملايين».