بعد أخذ ورد استمرا ثلاثة أشهر، بدأت التحقيقات جدياً في ملف شبهات فساد بلدية الجيّة، في ظل معطيات تشير إلى قرارٍ سياسي بمتابعة هذا الملف حتى النهاية. وقد تُرجم ذلك باستدعاء رئيس البلدية جورج القزي إلى التحقيق أمس، بناء على طلب محافظ جبل لبنان القاضي محمد مكاوي.
مصادر في وزارة الداخلية كشفت لـ«الأخبار» عن «صدور قرارٍ باتخاذ الإجراءات اللازمة لملاحقة القزي» الذي قدّم محاميه تقريراً طبياً أشار فيه إلى أن رئيس البلدية «موجود في الخارج لتلقي العلاج ولا يستطيع الحضور إلى بيروت في الوقت الحالي».
في غضون ذلك، باشرت النيابة العامة المالية تحقيقاتها مع عدد من الأفراد وأصحاب المؤسسات في الجيّة حول دفعهم خوّات للقزي. وبحسب المعلومات، أنكر بعض الذين تمّ استدعاؤهم دفعهم أموالاً، فيما أكّد ناشطون معارضون للبلدية لـ«الأخبار» أنّ «عمليات تخويف وضغوطاً تمارس على هؤلاء للتستر على القزي».
مصادر سياسية متابعة اعتبرت استدعاء رئيس بلدية الجية الى التحقيق بمثابة «نفي لإدعاءات الحزب التقدمي الإشتراكي بتغطية تيار المستقبل للقزي، كون القرار بالملاحقة صادر عن الوزارة المرتبطة سياسياً بتيار المستقبل».
وكان خلاف على خلفية هذه القضية نشأ بين الحزب التقدمي الإشتراكي ومكّاوي على خلفية امتناع الأخير عن رفع الحصانة عن رئيس بلدية الجية لملاحقته قضائياً، مبرراً ذلك بـ«عدم وجود وثائق وأدلة جرمية» بحوزته. إلا أنه قبل يومين، تبدّد الخلاف بعدما زار عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب بلال عبدالله المحافظ، بمبادرة من المرشح لرئاسة بلدية كترمايا (إقليم الخروب) يحيى علاء الدين. مصادر «الإشتراكي» أوضحت أنّ «الحزب أراد إخماد النيران التي اشتعلت بينه وبين المحافظ، لتجنيب الجبل وإقليم الخروب أي تداعيات سلبية، خصوصاً على صعيد البلديات».
مكاوي أوضح في اتصال مع «الأخبار» أنّ النيابة العامة المالية أبلغته سابقاً طلبها ملاحقة القزي «بناء لجرمٍ جزائي، من دون أن يكون ذلك مدعوماً بمستندات تدينه… وقد طالبت مراراً بمستندات توضح حيثيات الملف، وقبل يومين وصلني بعض المستندات التي تشير إلى ارتكابه جرماً يتعلق بالتهرب الضريبي، ما دفعني إلى اتخاذ قرارٍ استدعائه إلى التحقيق». وأشار الى أن «الجرم الذي نصّ عليه جواب النيابة العامة المالية ليس جزائياً كما ورد في السابق، بل يتعلق بتغطية القزي لمؤسسات وجهات وأفراد وإعفائهم من دون وجه حق من دفع الرسوم البلدية المتوجبة عليهم»، لافتاً إلى أن «عدم حضور رئيس البلدية إلى الإستدعاء يفتح الباب أمام شكوك التهرّب من التحقيق، ومن الممكن جداً إصدار قرارٍ بملاحقته قضائياً في حال التثبّت من أن عدم مثوله أمام التحقيق ليس مبرراً».