استضافت ندوة “حوار بيروت” عبر أثير إذاعة لبنان الحر، من مقر الإذاعة – أدونيس، مع المعدة والمقدمة ريما خداج، بعنوان “الموازنة: بين إرتفاع العجز وخفض النفقات”، الخبير الإقتصادي د. غازي وزني، والخبير الإقتصادي والإستراتيجي البروفسور جاسم عجاقة.
بداية قال الخبير الإقتصادي د. غازي وزني “موازنة 2019 تعتبر من أولويات الخطوات الإصلاحية، كما انها مرتبطة بملف الكهرباء الذي يعتبر اولوية أيضا، ولكن الخطوة الاولى التي يجب العمل عليها هو تصحيح وضع المالية العامة، خاصة ان الأرقام الأخيرة والرسمية التي صدرت أثبتت أن الإرتفاعات جنونية، فالعجز في الموازنة العامة وصل إلى 11.4% حتى الأن، وهناك نفقات ومتأخرات لم تدفع بعد. لذلك فإن الموازنة اليوم أولوية”.
وأضاف وزني “وكالات التصنيف الإئتمانية من فيتش وموديز وستاندرد أند بورز، بالإضافة إلى والمؤسسات المالية العالمية والدولية، كلها تقول ان الموازنة هي الملف الاهم، ولكن الموازنة بنفس الوقت لا يجب أن تكون موازنة ارقام كما تعودنا في السابق، فالوضع المالي دقيق جدا، والوقت أصبح ثمين ولا نملك رفاهية الوقت. لذلك نحن بحاجة لموازنة إصلاحية تقشفية تخفض العجز الكبير وتمهد لضبطه في السنوات القادمة، حد أن أدنى خفض للعجز يجب أن لا يقل عن 2.5% من الناتج المحلي”.
وتابع “السؤال المطروح اليوم: هل الحكومة مخيرة بالإستمرار في العجوزات التي سجلت في السابق ؟ وهل الوضع يسمح بالإستمرار بالهدر والترف والفساد الذي كنا نسير به ؟ … من هنا أعتقد ان الحكومة امام خيارين، إما السير بنفس الطريقة التي سارت بها سابقاتها والتي ستوصلنا للإنهيار دزن شك، أو الذهاب بالخيار الثاني نحو ضبط الهدر وتصحيح وضع المالية العامة، لأن الإنهيار سيطال الجميع ولن يستثني أحد. ولمن يسأل عن قدرتنا على تخفيض العجز بنسبة 2.5%، انا أجيب بنعم، فنحن لدينا القدرة على ذلك، ولكننا نحتاج إلى قرارا جدي”.
ولفت إلى ان “الخفض يمكن ان ياتي على ثلاث إجراءات: الاول على صعيد الإنفاق العام، إذ يجب إتخاذ إجراءات تقشفية، والثاني يتعلق بزيادة إيرادات الدولة، والثالث بزيادة حجم الناتج المحلي، خاصة ان العجز يتم إحتسابه نسبة لحجم الناتج المحلي للبلاد”.
وإعتبر وزني ان العجو يمكن تخفيضه من خلال خفض النفقات المخصصة للجمعيات الخيرية والعطائات الخاصة والمدارس المجانية والمحروقات التعوضات لموظفي القطاع العام والمخصصات وغيرها”.
وقال “الرواتب والاجور تشكل 39% من حجم الغنفاق العام، وخدمة الدين 33تشكل %، والكهرباء 11% .. لذلك علينا على الأقل تجميد نسبة الرواتب والاجور عند هذا الحد خاصة انها إرتفعت منذ عام 2010 غلى 2018 من 30% إلى 39% بسبب التوظيف العشوائي، كما علينا العمل على إصلاح النظام التقاعدي”.
وإعتبر أن “لجنة الكهرباء إتخذت أمس قرار خاطىء جدا بعدم زيادة التعرفة قبل وصول التغذية إلى 22 ساعة، في حين ان ما يجب أن يحصل هو رفع التعرفة بالتزامن مع زيادة الغنتاج وساعات التغذية، وبالتزامن ايضا مع تخفيف الهدر الفني على الشبكة وتفعيل الجباية”.
بدوره أشار البروفسور جاسم عجاقة إلى ان “الموازنة تعكس مصداقية الحكومة، فإن لم يكن هناك مصداقية سنرى موازنة كما التي كانت موجودة في 2018، حيث ان ما كان على الورق شيء، والامر الواقع على الأرض شيء مختلف تماما”.
وأضاف “نسمع حديث عن خفض العجز في موازنة 2019، ولكن بإعتقادي الشخصي أن الإندفاع الموجود في عملية الإنفاق سيؤدي إلى الإستمرار في إرتفاعه. إن لم نفعل شيء لوقف هذا الإندفاع، فأنا اتوقع عجز بحدود الـ 8 إلى 9 مليار دولار في نهاية 2019، وهذا رقم إنتحاري إذا ما حصل”.
وتابع عجاقة “نحن بحاجة لإصلاحات بالموازنة، وإصلاحات الموازنة تختلف عن الإصلاحات على الارض. فالإصلاح في الموازنة ينقسم لشقين، شق يتعلق بالإنفاق، وشق بزيادة الإيرادات، وانا لا اعتقد أن الدولة قادرة على رفع إيرادات دون الذهاب نحو ضرائب إضافية”.
ولفت إلى ان “هناك أبواب كثير يمكن ان نخفض الإنفاق من خلالها”، وقال “رئيس البنك الاوروبي إعتبر أن أن الإصلاحات الموجعة لا بد منها. ولكن هنا نسأل، موجعة لمن ؟ للمواطن أو للفاسدين ؟ إذا كانت موجعة للمواطن فانا شخصيا أرفضها، ولكن إذا كانت إجراءات نستهدف الفاسدين فكلنا معها”.
وإعتبر ان التوجه يجب ان يتم نحو “الكهرباء والاملاك البحرية والتهرب الضريبي والتخمين العقاري وغيرها من النقاط الاخرى، قبل التوجه نحو المواطن الفقير”.