انتعش سوق الذهب مجدّداً. عاد المجد «لليرة والأونصة». ما كان طيّ الإهمال، بات محطّ اهتمام الناس. تحوّل الذهب إلى عملة الناس الجديدة هرباً من فقدان العملات الورقية قيمتها. تشهد محال مجوهرات النبطية زحمة كبيرة. ارتفع الطلب على «أونصة الذهب» بنسبة 40 في المئة، ومعها «الليرة»، التي سجلت سعراً بلغ 420 دولاراً، بعد أن كانت قبل الأزمة بـ150 دولاراً.
صحيح أنّ الأونصة متوفرة ولكن «ع الطلب». يعتمد أصحاب المحال نظام «ثبّت وبعد أيام تستلم الأونصه». بعد أن عمد الناس إلى تحويل الليرة إلى دولار. انطلقت موجه تحويل الدولار إلى ذهب. إذ يشهد سوق الذهب في النبطية إقبالاً غير مسبوق على شرائه رغم ارتفاع سعره الذي سجل 1990 دولاراً للأونصة الواحدة.
لجأ يوسف كما الكثير إلى العملة الذهبية. يسعى لشراء «أونصة». رغم تأكيده أنّ البيع «ع الطلب»، يرى في الأمر فرصة ليحفظ ماله. يخشى من انهيار العملة الخضراء، يقرأ بعين القلق إفلاس مصرفين في الولايات المتّحدة الأميركية، هو «مؤشّر خطير»، وهذا ما دفعه ليتخذ الذهب قبلته هذه الأيام. تزايد الإقبال على شراء الأونصة والليرات، بشكل كبير بعد انهيار مصارف في أميركا وسويسرا، التي تجاوز سعرها الـ1990 دولاراً وقد يتخطّى الـ2000 دولار. هذا ما يؤكّده محمد جابر صاحب محل لبيع المجوهرات، مشيراً إلى أن النسبة تخطت الـ40 بالمئة مقارنة مع الأشهر الماضية. لم يتفاجأ بهذا التهافت، بل يراه قراراً صائباً، لأنّ الذهب عملة ثابتة لا تتأثّر بمتغيرات الاقتصاد العالمي، تحافظ على رأسمالها، عكس العملات الورقية. ومن المرجح وفق جابر «أن يصبح عملة وقتية ريثما يستقرّ الدولار، وفي حال بقي الإهتزاز المالي العالمي على حاله، سيقفز سعر الذهب أكثر».
من هنا شدّد على أن «المواطن بات يدرك قيمة الذهب. كل إنسان يملك المال يحوّله ذهباً. «أونصة، ليرات» لا تخسر قيمتها كونها لا تحتاج إلى صيانة». يحجز جابر يوميّاً 70 أونصة ويبيع 20 منها. حصته اليومية حوالى 100 أونصة تقريباً. هذا الرقم يؤشر إلى حجم الإقبال الكبير للمواطنين الذين يحوّلون دولاراتهم إلى ذهب. شكّل الملاذ الآمن للناس، الذين تعلموا دروساً كثيرة من الأزمات التي تعصف في البلد. جرّبوا التجارة في كلّ شيء، تاجروا في «المدعوم»، البنزين، الدولار واليوم انطلقت عجلة التجارة في الذهب، وهي مربحة أكثر من غيرها، لأنها ثابتة، ولا تخسر.
مع بدء فقدان العملة الورقية قيمتها، توجّه الناس نحو العملة الذهبية، ولو بشكل موقّت، كونها تُشكّل صمّام أمان اقتصادياً. وسجّلت ارتفاعاً في عملية تحويل الدولار إلى ذهب، في سابقة تاريخية في لبنان. «الناس لا تثق بالمصارف»، قالت سارة التي فضّلت الذهب على الدولار، لافتة إلى أنها بدأت تشتري ليرة كل شهر، وتعلّق «خبّي ليرتك الذهبية ليومك الأسود». أما جابر فيرى الإقبال أنه «نوع من الذكاء، للإلتفاف على الأزمة».
أصبح اهتمام الناس يتركّز في الأونصة والليرات. الثقة بالمصارف سقطت، وما كان سائداً في الماضي قد انتهى. بدوره يقول زهير الذي بدأ شراء ليرة ذهبية كلّ شهر إن «الناس يكتنزون الذهب لأنه أضمن». هي سنده وقت الشدة، ولن يسرقها المصرف أو السلطة الحاكمة، ستبقى له وحده. لا يستبعد أن يُصبح الذهب عملة وقتية، طالما الجوّ الاقتصادي يعيش خضات وهزّات دائمة.