تزايدت مخاوف الأوساط الاقتصادية والمالية السودانية من موجة هروب الودائع من البنوك المحلية، الأمر الذي سيفاقم أزمة القطاع المصرفي في ظل الوضع الراهن.
وانتقد الخبير عبدالله الرمادي خروج مبالغ ضخمة من أرصدة المودعين بالبنوك ووصف تلك الظاهرة بأنها في غاية الخطورة.
ونسبت وكالة الأنباء السودانية إلى الرمادي قوله إن ذلك “الأمر يعود إلى إفرازات ارتفاع معدلات التضخم الذي انعكست آثاره السالبة على كافة مناحي الاقتصاد مما قاد في أحد تجلياته إلى عزوف المستثمرين”.
والتضخم يعني فقدان العملة المحلية للقوة الشرائية، وهو ما يحدث الآن في ظروف الاقتصاد السوداني الحالية. ولا توجد أرقام حول حجم الأموال التي تم سحبها من البنوك منذ بداية العام الجاري.
وانتقد الرمادي الجهات المختصة على عدم القيام بإجراءات كافية لتخفيف الغلاء المتسارع وارتفاع معدلات التضخم. وقال إن “الحكومة تنفذ بعض السياسات والإجراءات التي تم التحذير منها من قبل والتي تشعل نار التضخم أكثر مما هي عليه وعلى رأسها وصفة صندوق النقد الدولي برفع الدعم وتعويم الجنيه”.
وتحاول الحكومة الانتقالية التي تشكلت بعد الإطاحة بالرئيس عمر البشير إنقاذ الاقتصاد وإصلاحه لكنها تواجه ضغطا من المواطنين الذين يتعجلون رؤية تحسن في مستويات المعيشة.
وتسبب مسألة شح السيولة النقدية في السوق ضغوطا على السلطات التي تواجه معاناة كبيرة لتوفير اعتمادات النقد الأجنبي المطلوبة للاستيراد، بسبب الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد.
ويعاني السودانيون من وقع الأزمة الاقتصادية التي انعكست على حياتهم نظرا لتردي أوضاعهم المعيشية ووقوع الآلاف منهم تحت خط الفقر في ظل انعدام الرؤية وضبابية الإصلاحات.
ويُحمل السودانيون الحكومة مسؤولية التسبب في زيادة التضخم حيث كانت نسبة التضخم في السابق 70 في المئة والآن باعتراف المسؤولين تجاوزت نسبة الـ136 في المئة.
ويرى الرمادي أن ذلك نتاج الإصرار على تطبيق سياسات لا تستطيع الدولة أو المواطنون تحمل أعبائها.
وهناك قناعة لدى شريحة واسعة من السودانيين بأن أجهزة الدولة لديها القدرة على وقف نزيف تهريب الذهب والصمغ العربي لأن الدولة تفقد حصيلة الصادر منها، والأمر ينسحب على الأدوية والغازولين المستورد والدقيق، وهي مواد يتم تهريبها إلى بعض القرى الحدودية.
ودعا الرمادي الحكومة إلى وقف نزيف التهريب من أجل الاستفادة من حصائل الصادر وتدفق العملات الأجنبية.
ويزيد النزيف المستمر من معدلات التضخم ويجعل العملة السودانية تفقد قيمتها، وهذا ما يجعل الودائع المصرفية تفقد جزءا من قيمتها الشرائية وتتآكل قيمتها الحقيقية، ولذلك يقوم المدخرون بتوظيف مدخراتهم دون إيداعها في المصارف لكي لا تفقد قيمتها وتتآكل.
وفي مثل هذا الوضع سرعان ما يتجه المدخرون إلى مستودع الدولار الذي يحفظ لهم قيمتها الحقيقية أو الاتجاه إلى شراء بعض السلع التي لا تتلف وترتفع قيمتها، حيث يؤدي كل هذا إلى هروب النقد والودائع المصرفية من البنوك.
المصدر: العرب اللندنية