هكذا تجنب لبنان تكرار الوقوع في فخّ “افروديت” مع إسرائيل

وُقّع اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل في 27 تشرين الأول 2022، لكن مضامينه بقيت غير واضحة للرأي العام. ولكن عندما ننظر إلى عمليات الإستكشاف لاستخراج الغاز التي تحصل في المنطقة، ندرك أن تلك المفاوضات الشاقة، التي جرت من أجل التوصّل الى هذا الاتفاق، أتت بثمارها لناحية امكانية استخراج الغاز، في حال تأكدنا من حصول اكتشاف في البلوك رقم 9 أو حقل قانا المحتمل… فلماذا نقول ذلك؟.

أولاً وقبل الحديث عن اتفاق الترسيم، يجب العودة إلى المشكلة التي حصلت بين اسرائيل وقبرص على خلفية محاولة استخراج الغاز من حقل افروديت، والتي أوقفت العمل منذ العام 2011، علماً أن هذا الحقل هو بنسبة 95% منه في المياه القبرصية و5% في المياه الاسرائيلية، نظراً لوجود اكتشاف في حقل مشترك. إذا منذ العام 2011 واسرائيل تعرقل خطط التطوير لقبرص في هذا الشأن، بسبب غياب الاتفاق على الحصص، فماذا نفعل لو كان حقل قانا المشترك الذي تجري فيه عملية الاستكشاف حالياً هو ممتد أو عابر للحدود واكتشفنا فيه غاز؟.

“بموضوع ترسيم الحدود البحرية كان الحديث عن رسم الخط، واذا رسم وحده كان ليريح اسرائيل لأنه يعطيها حرية العمل جنوبا وليس نحن”. هذا ما يؤكده رئيس هيئة قطاع البترول وسام شباط، لافتاً إلى أن “اسرائيل بدأت العمل في مجال الحفر والاستكشاف ولديها الخطط، أما نحن فليس لدينا بعد اكتشاف بهذه المنطقة، والاكتشاف الذي يمكن أن نحصل عليه قد يكون في حقل مشترك أو عابر لهذا الخط، من هنا اعتبرنا أنه لا يمكننا فقط أن نفكر فقط في رسم الخط واراحة اسرائيل وتناسي المشكلة التي وقعت فيها قبرص مع اسرائيل بحقل افروديت”.

ويسأل شباط، عبر “النشرة”، “ماذا نكون فعلنا لو كان حقل قانا المحتمل يمتد أو يعبر للحدود واكتشفنا فيه الغاز ولم نستطع انتاجه”؟ مشيراً إلى أن “الاسرائيلي ما كان ليتركنا نقوم بالاعمال بسهولة بل كان سيضغط علينا ويقوم بنوع من الابتزاز، اما باتجاه تطبيع اقتصادي أو باتجاه آخر، كأن يحرمنا من استثمار ثرواتنا ويستند إلى القانون الدولي الذي يقول ان أي حقل مشترك لا يجوز لجهة واحدة أن تقوم بانتاج احادي منه، بل يجب أن يكون بالاتفاق مع الفريق الآخر”.

“باتفاق الترسيم الذي حصل لحظنا هذا البعد”، بحسب شباط، الذي يشير إلى أنه “لا يهمنا فقط أن نرسم الخط، وحتى لو وجدت حقول مشتركة يهمنا أن نحل هذا الموضوع حتى لا نقع بالفخ كالذي حصل بين قبرص واسرائيل، ولا نسمح للاسرائيلي أن يتسلل لموضوع التطبيع الاقتصادي”، لافتاً إلى أننا “اضفنا هذا الامر على اتفاق الترسيم لنكون من جهة مستفيدين منه وليس فقط اسرائيل. مثلاً الحفر يحصل على بعد 6 كيلومترات عن الحدود الجنوبية، وهي منطقة كانت سابقا متنازع عليها، وهذه النقطة هي أكثر نقطة بدراساتنا وبدراسات “توتال” وشركائها أظهرت أعلى نسب نجاح في حقل قانا المشترك”، مضيفا: “اليوم اذا كان هذا الحقل مشتركا أو عابرا للحدود الجنوبية نعود إلى اتفاق الترسيم، وهناك آلية للطريقة التي يجب العمل فيها من دون أن تتم عرقلتنا، وهذا الأمر الذي لم تقم به قبرص مع اسرائيل سلفاً بل تقوم به حالياً”.

ويؤكّد شباط أنه “في حال كنا أمام اكتشاف في حقل قانا المحتمل، ولو لم نضف البند في الترسيم وركزنا على مصلحة لبنان وهي فصل اسرائيل عن هذه الثروة، وألاّ نتداخل معها ولو بطريقة غير مباشرة، وبالتالي الانتاج من الحقل وحتى ولو كان ممتداً جنوباً، لكنا اليوم أمام اكتشاف وخاضعين للابتزاز الاسرائيلي لأننا لا نستطيع تطويره أو نذهب إلى الحرب وفي الحالتين لن نستخرج الغاز”.

إذا، تضمن اتفاق الترسيم بنوداً هامة سمحت باستكمال الأعمال، حتى ولو كانت الحقول متداخلة، وبالتالي كان هناك بعد رؤية في هذا الشأن لأن هناك حاجة اقتصادية للعمل جنوب هذا الخط. ولبنان رأى حاجة بوضع هذا البند، لعدم الوقوع في أي شركٍ إسرائيليٍّ.

مصدرالنشرة - باسكال أبو نادر
المادة السابقةنقيب الصيادلة: ليس هناك ارادة حقيقية في لبنان لضبط الدواء المهرّب والمزوّر
المقالة القادمةرواتب القطاع العام بالدولار: لخدمة السياسة النقديّة